إصداراتمقالات

كيف نشأت الأخلاق عند دارون ؟

كيف نشأت الأخلاق عند دارون ؟

شهد القرن التاسع عشر صراعًا بين الكنيسة والعلم كان عاملا مؤثرًا في ظهور الاتجاه المادي ، أو الفلسفة المادية  التي تعتمد الحس أداة معرفية ..

كان من بين أعلام القرن التاسع عشر تشارلز دارون الانجليزي المولود عام 1809م والذي عرف منذ صغره بولعه الشديد بمراقبة الطيور والحيوانات وتجميعها، والتي استحوذت على اهتمامه بالكامل حتى شغلته عن دراسة اللاهوت في مدرسة اللاهوت في كامبريدج ..

اشتهر دارون بكتابه ” أصل الأنواع ” وعنوانه بالكامل ” حفظ الأعراق الأكثر ملائمة في صراع البقاء ” وهو عنوان واف يشرح نظريته باختصار، حيث تدور نظرية دارون حول فكرتين رئيستين هما:

اضغط على الاعلان لو أعجبك

“كل” الأشكال النباتية والحيوانية تنحدر من أشكال سابقة أكثر بدائية عن طريق النشوء والارتقاء البيولوجي،
وأن النشوء كان نتيجة الانتخاب الطبيعي أي أن البقاء للأصلح ..

وقدم دارون افتراضًا لـ”نشأة” الحياة بأنه إذا تصورنا وجود بركة صغيرة حارة فيها كل أنواع أملاح الأمونيا والفوسفور والضوء والحرارة والكهرباء، وما إلى ذلك وتكون فيها مركبًا كيميائيًا بروتينيًا، مؤهل للاستمرار في المرور بتغيرات أكثر تعقيدًا، وهكذا يمكن أن تكون قد تكونت أول خلية من مواد غير عضوية ..

وبفعل عوامل الانتخاب الطبيعي تعقدت أشكال الحياة وتطورت حتى وصلت لتلك اللحظة التي أجلس فيها أمام الـ”لاب توب” أكتب تلك السطور!

بالنظر لـ”فرضية” دارون حول نشأة الحياة .. من أين أتت تلك البحيرة؟ وكيف اجتمعت لها تلك العوامل من الحرارة والضوء والمواد الغير عضوية بالدقة الكافية لتكوين أول مركب بروتيني؟

ألا يستلزم ذلك وجود يد عليا تسبق ذلك كله وتأتي به وترتبه بدقة؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لنبتعد قليلا عن نقد نظرية أو ” فرضية ” دارون  لنشأة الحياة وتطورها علميًا، فلم تـُقدَم نظرية أخرى لتفسير تنوع الأنواع واختلافها وربما يكون بعض نظريته صحيح فالكون تسوقه القدرة والإرادة الإلهية على أساس من ناموس إلهي يقوم على العليَّة حيث تكون الأشياء أسبابًا لبعضها في حركة النشوء والفناء، وهو ما تضمنه قوله تعالى ” خلق الإنسان من علق” فالتعبير القرآني يتضمن أن القدرة الإلهية هي المسيطرة على الكون بقانون عليّ تكون فيه العلقة سببًا للإنسان .. ولنبحث في فلسفة نظرية دارون وبصفة خاصة في الجزء الخاص بانحدار الإنسان من القرد السابق له مباشرة في سلم التطور .. حيث يعرف دارون الإنسان بأنه الحيوان منتصب القامة، أو الحيوان ذو الإبهام!

هذا التعريف القاصر للإنسان الذي أغفل تمامًا عقله الذي يميزه عن سائر الحيوانات والذي لا يمكن أن يكون التطور مبررًا لوجوده لدى الإنسان وغيابه عند غيره،  فنحن لم يصلنا من الحيوانات أي علم أو تساؤل عن علل الوجود مثلاً، كما أن الحيوانات لم تطور حياتها بأي شكل .. فالقرود تحيا نفس الحياة قبل حتى أن يبدأ دارون في رصدها وحتى وقتنا هذا!

وفقًا لدارون اكتسب الإنسان انتصاب القامة أو الإبهام بفعل عوامل الانتخاب الطبيعة، وأن علاقة الأنواع ببعضها وبالطبيعة يحكمها بشكل رئيسي الصراع!

فكيف نشأت الأخلاق إذن؟

هي – وفقـًا لدارون- نتيجة الصراع الدائر منذ الأزل وحتى الآن، ألا ينتج ذلك التصور حفنة من القيم المادية الاستهلاكية التي ترتكز على الاستمتاع وفقط؟

اضغط على الاعلان لو أعجبك

تلك القيم التي هي نتيجة صراع أنى لها أن تنتج غير الصراعات الدائمة؟!

تلك القيم تحول الإنسان لذلك الكائن الشهواني الذي يصارع من أجل بقائه وفقط، وتجرده من كل فضيلة عليا، ومن كل سُمُوٍّ ..

كيف انحط  بالإنسان لتلك الدرجة؟

ذلك الإنسان الذي تلقت روحه الأمر الإلهي في عالم الغيب واحتفظت به فشكل فطرته، ومنها نبعت أخلاقه فكانت سامية دومًا .. وكان مأمورًا دومًا بالسمو في إطار من الشاهدية الإلهية، فالعلاقة بين الإنسان والإله ليست فقط علاقة الآمر بالمأمور بل أيضَا الشاهد والمشهود.. والشاهدية أصل كل تخلق!

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

داليا السيد

طبيبة بشرية

كاتبة حرة

باحثة في مجال التنمية العقلية والاستغراب بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث

حاصلة على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

مقالات ذات صلة