مقالات

علاقة الماضي بالحاضر .. الجزء الثاني

بين الإنسان والسنن التاريخية

تناولنا في المقال السابق تقسيم القواعد التاريخية وفق الواقع إلي صيغ ثلاث، قد تساعدنا على رؤية مختلفة للتاريخ قائمة على المنطقية وفهم مجريات الأحداث التاريخية والاجتماعية، فنجد في التاريخ بعض القضايا ذات الطابع الشرطي، ومنها ذات الطابع المحقق الحتمي، ومنها ما يكون على الاتجاه الطبيعي، وتحدثنا عن النوع الأول وفي هذا المقال سيدور النقاش حول النوع الذي يحمل القضية المحققة الحتمية، والنوع الذي يكون على صيغة الاتجاه الطبيعي.

الطابع المحقق الحتمي

القضية المحققة هي تلك التي تظهر لنا بوضوح من خلال بعض قوانين الطبيعة؛ فنجد على سبيل المثال قوانين المد والجزر ما يرتبط بها من نتائج. فلا يستطيع الإنسان هنا أن يُغير من ظروفها أو يعدل شروط حدوثها فتلك القضية تختلف عن القضية أو القانون الشريطي الذي يجب أن تتوفر له مقدمة سابقة.

وما نلاحظه من قوانين الأمطار والغيوم وبعض مظاهر الفلك وقوانين الجاذبية هي أيضا شاهد على تلك النمط المتحقق دون أي دخل للإنسان.

فالكثير من البلدان قد تم إبادتها نتيجة بعض من مظاهر الطبيعة ذات الطابع الحتمي ،من براكين وفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية والتي لم يستطع الإنسان الوقوف دون تحققها.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الاتجاه الطبيعي

وفيما يخص الاتجاه الثالث الذي يأخذ صورة اتجاه طبيعي في حركة التاريخ بحيث لا يعبر عن قانون حتمي متحقق ولا هو من نوعية القضايا الشرطية.

يمكن أن نطلق على هذا الاتجاه الطبيعي ” القانون الفطري” والفارق بينه وبين القانون الحتمي أن القانون الحتمي لا يمكن أن يتحداه الإنسان ، أما القانون الطبيعي فيمكن أن يتحداه الإنسان على المستوى القريب؛ لكنه لا يمكن أن يتحداه على المستوى الطويل .

ولتوضيح تلك السمة في حركة التاريخ يمكن لنا أن نضرب المثال التالي:

على المستوى الاجتماعي هناك قانون طبيعي في علاقة الرجل والمرأة من حيث التكوين. كذلك في نمط علاقات معينة بينهما في المجتمع الإنساني ،مما يؤدي إلى استمرار النوع عن طريق هذا الاتصال بينهما فهذا قانون طبيعي والذي يمكن أن يتحداه الإنسان على المستوى القصير بتغيير هذا الاتجاه،

لكنه سيحطمه على المستوى البعيد، فتحدي تلك الطبيعة فترة من الزمن ممكن، لكن يظهر لنا بوضوح تحطم أى مجتمع على المدى الطويل الذي يتحدى هذا الاتجاه التكويني الطبيعي؛ لأنه سيحطم المتحدي نفسه، فتبديل الأدوار بين الرجل والمرأة في الكثير من بلدان العالم خصوصا الغربي،

وتغير نمط العلاقات الطبيعية بينهما وظهور مظاهر شاذة تخالف الطبيعة البشرية، وانتهاك خصوصية كل طرف ، يمكن أن يكون مؤثر واضح للنتائج التي يمكن أن تلحق تلك المجتمعات والأفراد، وقد ظهرت بعض المؤشرات السلبية في تلك المجتمعات من تفكك أسري وقلة المواليد وانحدار الأخلاق والذوق العام.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

من خلال تلك النظرة للتاريخ نفهم أن تلك السنن من النمط الثالث إذا تحداها الإنسان سوف يتحدد وفقها عقاب من نوع مختلف على المتحدي نفسه ، فالنوع الثالث “القانون الطبيعي” يرسم لنا نظرة منطقية لمسار التاريخ الإنساني وفي حركة الإنسان على هذه الأرض.

تلك السنة التاريخية المُصاغة على صورة قانون طبيعي في حركة التاريخ لا هي على صورة القانون الحتمي والشرطي، سوف تكمل لنا الصورة الحقيقية لفهم التاريخ الإنساني والوقوف على الأسباب الحقيقية التي شكلت التاريخ، وبالتالي تحديد الأحداث المؤثرة في تحديد المستقبل .

اقرأ أيضاً:

الجزء الأول من المقال

مناقشة حول قضية تحرير المرأة

حالة الطبيعة

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مقالات ذات صلة