عرض ونقد النظرية العضوية لهيربرت سبنسر
من هو هيربرت سبنسر
“هيربرت سبنسر” هو فيلسوف بريطاني مؤلف كتاب ” الرجل ضد الدولة” الذي قدم فيه رؤية فلسفية متطرفة في ليبراليتها. ” سبنسر “-وليس داروين- هو مَن أوجد مصطلح “البقاء للأصلح “.
رغم أن القول يُنسب عادة لداروين. وقد ساهم “سبنسر” في ترسيخ مفهوم الارتقاء، وأعطى له أبعادا اجتماعية، فيما عرف لاحقا بـ الداروينية الاجتماعية.
يعتبر “سبنسر” أحد أكبر المفكرين الإنجليز تأثيرًا في نهاية القرن التاسع عشر.
نظرية هربرت سبنسر في التطور الاجتماعي
اشتهر بنظريته عن التطور، وقد استند على هذه النظرية في وضع الأسس لنسق ومنظومة اجتماعية (سوسيولوجية) تؤكد التطور تجاه تعقيد اجتماعي متزايد وارتفاع درجة الفردية فالمجتمع في نظره مثل الكائن الحي المعقد،
يتصف بحالة من التوازن الدقيق ولا ينبغي ألاّ يسمح إلّا لعملية التطور الطبيعية بالتأثير في نموه. ولقد أدى هذا التأكيد على الفردية والتكيف الطبيعي إلى معارضة الإصلاح من خلال تدخل الدولة.
عرف عن “سبنسر” طوال حياته أنَّه كان عدوّا للحرب والإمبريالية وهذا هو سبب معارضته الحرب الأمريكية الأسبانية عام 1898.
مراحل تطور المجتمع عند هربرت سبنسر
تهتم النظرية العضوية بالبحث في نشوء وتطور الوحدات الاجتماعية وأولها الأسرة التي ترعى الفرد وتقوم بنشأته والنظام السياسي الذي ينظم أمور الجماعة ويضبط العلاقات والأفعال والنظام الديني ودوره في وضع وتعزيز المعايير والقيم، وغير ذلك من المؤسسات والنظم الاجتماعية.
وحدة التحليل: دراسة عمليات التغيير وتطور المجتمعات الإنسانية وقد تناول تطور المجتمع قياسا” بتطور الكائنات الحية(النظرية العضوية)؛ فالمجتمع الإنساني كما هو الحال في الكائنات الحية،
يتطور من الأشكال البسيطة إلى الأشكال الأكثر تعقيدا”، ويتطور أيضا من أشكال على درجة متدنية من التباين البنائي وتقسيم العمل إلى مجتمعات معقدة البناء، تقوم على التخصص.
تشبيه سبنسر المجتمع بالأنصاف البيولوجية
أما الوجه الآخر لعملية التطور فأساسه الصفة والنشاط المميز للمرحلة. رأى “سبنسر” أن المجتمع في أنساق يتشابه مع كثير من الأنصاف البيولوجية بل أنه أكثر الرواد الذين شبهوا المجتمع بالأنصاف البيولوجية؛ فالكائنات العضوية والأنصاف الاجتماعية في المجتمع هي كائنات متشابهة من حيث قدرتها على النمو والتطور.
إن ازدياد حجم الأنصاف الاجتماعية كازدياد الكثافة السكانية – مثلا -سيؤدي إلى ازدياد انقسام المجتمع إلى أنساق أكثر تعقيدا وتمايزا وهذا هو حال الأعضاء البيولوجية أو الكائن الحي.
تطور المجتمعات البدائية
أكد “سبنسر” أن أشكال المجتمعات البدائية تتطور بالتدريج إلى الأشكال الأكثر تعقيدا” كما هي موجودة في المجتمعات الصناعية، حيث أنه كلما كبر المجتمع في حجمه كبر بقاؤه الاجتماعي وكثرت قوانينه وتعددت مهن أفراده.
فالمجتمع في نظر “سبنسر” جزء من النظام الطبيعي للكون، وعلم الاجتماع هو محاولة لمعرفة نشأة المجتمع وتركيبة عناصره وهيئاته ومراحل نموه وتطوره وما إلى ذلك من المظاهر التي تخلقها العوامل الطبيعية والنفسية والحيوية.
التطور فوق العضوي للمجتمعات
فالتطور الاجتماعي في نظرته ليس إلا عملية تطورية عضوية يسميها (التطور فوق العضوي) فالاجتماع الإنساني إذن هو أرقى صورة للتطور فوق العضوي
من هنا؛ فإن “سبنسر” يرى أن المجتمع، بكل ما فيه من مؤسسات، ليس نتيجة لعملية خلق مصطنعة. المجتمع كيان عضوي تطور في شكل في غاية الطبيعة، لماذا؟ «لأن للمجتمع وللأجهزة العضوية كلها قاسمًا مشتركًا هو الآتي؛ إنها مثل بعضها بعضًا،
تبدأ على شكل جزيئات صغيرة هامشية غالبًا، لتتنامى حجمًا في شكل مطرد وأساسي عضوي. وهي تبدأ من المتناهي في البساطة إلى المتناهي في التعقيد، وأن الروابط العضوية بين مختلف الأجزاء تزداد عددًا وقوة مع تصاعد عملية التطور وصيرورته.
أهم ما يتسم به هيربرت سبنسر
ولعل أهم ما يطلع به “هيربرت سبنسر” من كل هذا التحليل، الذي يتسم بمنطق واضح خاص به، هو أنه إذا كان الوضع على هذا النحو، وهو على هذا النحو بالتأكيد في رأيه؛ فإنه لن يكون من العدل أبدًا التضحية بالأفراد من أجل سعادة المجتمع وخيره، أو حتى من أجل مصالح الدولة.
وفي هذا السياق نفسه وكي يجعل لأفكاره منطقها الخاص، نراه هنا يصل إلى تحليل واضح انطلاقًا من دراسته لتاريخ البشرية، في ماضيها وحاضرها،
ودراسته نصوصًا لتطور هذه البشرية الذي يماثل بينه بصورة كلية وبين عملية التأقلم مع تطور الحياة وضروراتها. على اعتبار العملية التأقلمية هي الأساس الذي تُبني عليه علاقة الإنسانية بالبيئة ومن ثم علاقة الفرد بالمجتمع.
اقرأ أيضاً:
نظريات علم الاجتماع على ميزان العقل
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا