مقالات

طوبى للأشقياء

طوبى للأشقياء

ربما لو كانت ضعيفة فى شخصيتها … لاستسلمت لظروفها … وخف عنها احساسها بالشقاء” تلك الجملة التى وردت على لسان البطل (الراوى) فى القصة القصيرة التى كتبها احسان عبد القدوس بعنوان (الحقد) وبرغم مما للجملة من معنى فى سياقها الا أننى لم أعر انتباها لما حوته القصة من تفاصيل بعد ذلك لاستغراقى فى التفكير فى تلك الجملة التى جذبت انتباهى بشدة.

ففى معرض متابعتى لاقوال الحكماء والأدباء ورأيهم فى السعادة والشقاء وعلاقتهما بالمعرفة مرت بى العديد من الأراء التى ظننتها متناقضة بين من يقول أن السعادة فى المعرفة ومن يؤكد على أن شقاء بعض البشر نابع من معرفة ما يجهل الأخرون لتأتى تلك الجملة سابقة الذكر لتعيد احياء ذلك التساؤل داخل وجدانى مثيرة عواصف من التساؤلات عن حقيقة تلك العلاقة المعقدة بين المعرفة والانسان وسعادته وشقاؤه.

ولكى ابدأ فى الحديث حول ماهية تلك العلاقة لابد أولا أن ادرك معانى تلك المفاهيم فهل المعرفة هى المعرفة النظرية ام العملية هل هى معرفة الكون ام صانع الكون ولا أدرى حقا مدى صحة ذلك ولكن فى اعتقادى الشخصى أظن أن معرفة الكون لابد أن تقود لخالقه والعكس لذا فالمعرفة موضع البحث هى كل ما يقترب بالانسان من معرفة حقيقة الوجود والواجد والموجود اما عن الشقاء والسعادة فاعتقد أن السعادة هنا هى تلك الطمأنينة التى تقود صاحبها لملاقاة قدره بنفس راضية والشقاء هو الاحساس المتنامى بالشفقة نحو الانسانية التى تسير نحو هلاكها بانعدام ادراكها للواقع وما وراءه.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لأصل فى النهاية الى حقيقة تلك العلاقة المركبة واهتدى الى أن كل من قال عنها سعادة او شقاء محقا فالمعرفة تقتضى أن يصاحبها ذلك الشعور الغامر بالسكينة مع علم صاحبها بما وراء كل ما يقابله من حكمة تجمع كل تلك النقاط سويا حتى يظهر ذلك المخطط الكامل التى تسير فيه الانسانية بين الطواعية والجبر حتى تصل الى سعادتها وكمالها ولكن ذلك لا يعنى ألا يشقى قلب صاحبها على ما يراه من تلك البشرية المسكينة التى تبتعد حينا عن سعادتها طواعية وترفض الحقيقة الساطعة ظنا منها أنها اكثر علما وحكمة وترفض التسليم لمن يقودها للسعادة لتسلم غصبا لمن يقودها للهلاك.

فطوبى للأشقياء الذين قادتهم سعادتهم للشقاء طواعية رفضا لذلك العالم المخالف لما فطرت عليه أرواحهم الساعية لسعادة البشرية وسط مجتمع كامل يرنو الى المعرفة الحقة الرافضة لكل قبح وظلم الداعية لاعلاء قيم الحق والخير والجمال مجتمع بالمعرفة يتكامل وبالعقل يبدأ

تم نشر المقال على موقع يقظة فكر بتاريخ 29/6/2013

http://feker.net/ar/2013/06/29/21395/

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

محمد صابر

مهندس حر

باحث في علوم التربية وفلسفة التعليم بمركز “بالعقل نبدأ”

دراسات عليا في كلية التربية جامعة المنصورة

حاصل على دورة إعداد معلم (TOT) من BRITCH FOUNDATION TRAINING LICENSE المعتمد من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة

حاصل على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

مقالات ذات صلة