مقالات

طغيان المادية وسقوط التنوير الحضاري

التنوير الحضاري

في بداية الأمر نذكر مقولة للدكتور عبد الوهاب المسيري تقول نحن إن عرفنا هويتنا سيكون بوسعنا أن نعرف أولوياتنا وأن نقرأ ماضينا وحاضرنا ومن ثم يمكن أن نتحرك نحو المستقبل.

وعليه فمصطلح التنوير أو معنى التنوير السائد يتناول الفكرة الغربية لمصطلح التنوير وكيفية استعماله وفي المقابل المعنى الثاني والحقيقي لكلمة التنوير ولكن دعونا نوضح معنى لمصطلح التنوير، فمن وجهة نظر الغرب حصر الغرب معنى التنوير في إطار الحواس فقط أي ما تنظره العين وتلمسه اليد بالتجربة التكرارية

ولا وجود لما وراء الطبيعة لديهم ولكنهم اختصروا مصادر المعرفة في الحواس والتجربة وهناك تمثيل فعلي للعقل المادي؛ فقد عرف الفلاسفة العقل بأنه صفحة بيضاء تتراكم عليه المعلومات والمدخلات ثم تتجمع فتصبح أفكارا ومن ثم يتكون ما لديهم أو ما يؤمنون به وهو التجربة بالحواس والمشاهدة

ورغم ضآلة المبدأ الذي انطلق منه الغرب إلا أن هناك دعائم له فمثلا النظرية الداروينية والتي ترى أن العقل أتى من خلال تطور الإنسان في المادة ذاتها، وترى النظرية الماركسية أن العقل ظهر من خلال علاقة الإنسان بالطبيعة وبقية البشر أثناء العملية الإنتاجية بأشمل أشكالها الارتباطية بالمعيشة،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وأيضا الثالثة نظرة دوركايم  والتي استخلص فيها أنه لا يوجد في العقل شيء لا يوجد له أصل في الواقع المادي وعليه عندما نتطرق إلى العقل نجد أن الغرب حصروه في التجربة المادية بأشكالها واستبعدوا الغاية.

ومن هنا علينا أن نعيد النظر في مفهوم العقل وحدوده ومجالاته والتجول حول براعته الإدراكية مادية أو غير مادية وتجاربه واستنتاجاته، فإن العقل يطرح أمامنا تساؤلات ولكن لدينا إجاباتها؛ فعندما نفرق بين الحيوان العادي والحيوان الناطق أي الإنسان وإن صح التعبير فإنه يفرق في كتاب التنوير الحضاري بين القرد والإنسان

وتبين لنا التميز الإنساني عن أي شيء آخر في امتلاك الإنسان لحاسة الإدراك العقلي ولكن في المقابل يبين مدى تشابه القرد من الناحية الجسمانية مع افتقاره للمحتوى الذهبي الذي يتمتع به الإنسان، ولكن القرد يقوم بالأعمال التي تم  تدريبة عليها ولا يمكنه الخروج عن هذا التمرس لافتقاره الإدراك العقلي

ومن ثم إن خلصنا إلى نتيجة نجد أن معنى التنوير وتفريقه بين العقل الإدراكي والتجريبي فإنه يرجح العقل الإدراكي بالقياس المنطقي ويظهر تميز الإنسان بعدة عناصر وهي 1- الإدراك الحسي 2- الإدراك الخيالي 3- الإدراك النزوعي 4-الإدراك العقلي الذي به تقام الحجة وتنقلب المنضدة على من ينادون بالتجربة الحسية دون الإيمان بما وراء الطبيعة أي الميتافيزيقيا

وفيه يقول المسيري علينا أن ننفض عن أنفسنا غبار التبعية الإدراكية ونبحث عن حلول لمشاكلنا نولدها من نماذجنا المعرفية ومنظوماتنا للقيمة الأخلاقية ومن إيماننا بإنسانيتنا المشتركة وبذلك نجعل في العقل المادي غايات ضيقة محصورة في الإشباع والتلذذ المادي وتحول نظرته للنظام الكوني ومن حوله

اضغط على الاعلان لو أعجبك

من نظرة الإنسان الذي يتساءل عن القيمة ومصدر الجمال في هذا النظام فيصل إلى خالق هذا الكون ومصدره الحقيقي إلى نظرة أخرى تجعله يستغل مكونات وقوانين النظام في خدمة مطالبه المادية فحسب ويقول المسيري “والعقل الأداتي هو العقل الذي يلتزم على المستوى الشكلي بالإجراءات ومن دون هدف أو غاية،

أي أنه العقل الذي يوظف الوسائل في خدمة الغايات دون التساؤل عن الغاية وهذا ما يناقضه العقل الإدراكي الذي يدعونا إلى البحث والتأمل في المادة وأيضا في ما وراء الطبيعة من كتاب التنوير” ص 9.
تعقلوا تصحوا فإن خير العيش الإدراك العقلي. دمتم عقلاء.

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

الفلسفة والدين … كيف ولماذا!

الجهل أصل كل مشكلة … ولكن ما الحل!؟

جاليليو وأينشتاين .. درس لنا في تحدي عجلة التاريخ

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مقالات ذات صلة