وقعت بين يدي بالصدفة وما أن لمحتها عيني حتى أخذني تفكير عميق و إعجاب شديد .. صورة واحدة .. نعم صورة واحدة .. حركت داخلي معاني كثيرة .. و أفاضت على ذهني عديد الأفكار و التساؤلات أنقل جزءًا منها إليكم .. فمن الصعب نقل كل ما أحسست به عندما رأيت تلك الصورة في سطور .. فما شعرت به من مشاعر متضاربة لا يمكن وصفه و اختزاله في كلمات .. كلمات ستقرأ و تنسى ليبقى صورة ذلك المشهد عالقًا في ذاكرتي للأبد .. محاولًا أن أنتفع بالدروس المستفادة من صورتنا المقصودة .
تأملها معي الآن رجل فلسطيني من قطاع غزة في فترة الهدنة بعد القصف الجوي المدمر و الغير أدمي للعدو الصهيوني على القطاع .. يخرج بعدها صاحبنا في مشهد و صورة من أغرب المشاهد التي رأيتها في حياتي لينصب خيمة فوق أنقاض بيته و يجلس هناك مرتاح البال مطمئن النفس و كأنه يتحدى العالم أجمع ليعلنها صريحة .. نحن لا نهاب قذائفكم .. ولا نرهب مدافعكم .. نحن نحب أرضنا و لن نتخلى عن وطننا أبد الدهر .. نحن نتمسك بالحياة و لكننا نتمسك بالحياة الكريمة العزيزة ..و إن فقدت حياتنا الكرامة و العزة فقد فقدت الحياة مغزاها و معناها .. فلا حياة بلا كرامة في عالمنا الصغير .. لتسلبوا إذن حياتنا و لكن هيهات أن تسلبوا عزتنا .. نحن لا نخاف الموت بل نحن نقبل عليه كما تقبلون أنتم على الحياة .. بل و الأكثر .
يا الله .. !!
أي درس تعلمنا يا رجل ؟! .. هل أردت إعطائنا درسًا في الصمود ؟! .. أم دروسًا في العزة ؟! .. أم فنونًا في الشجاعة ؟! .. أم ماذا ؟! .. فأنا عندما أتأملك و أتأمل حال رواد أوطاننا أشعر بالشفقة عليهم و على نفسي .. أشعر بالضآلة أمام بطولاتكم و كبريائكم و إيمانكم .. و حينما أقارن بينكم و بين ما أراه حولكم .. تنتابني تلك المشاعر المتضاربة فحينما أنظر إلى ملوك العرب و إلى تحجيمهم للقضية الفلسطينية في كلمات مثل ” وقف الاقتتال ” .. ناهيك عن الهجوم الإعلامي الشرس على المقاومة الفلسطينية الشريفة أشعر حينها بأننا في بلاء عظيم .. فملوكنا و منذ عشرات السنين لم يقدموا أي دعم رسمي كان أو لوجستي ” إلا من رحم ربي ” للمقاومة الفلسطينية و قاموا بمحاصرة فلسطين و التطبيع مع العدو الصهيوني و الاعتراف به بل و بدأت العلاقات العربية الصهيونية تشرق و تخرج إلى النور في حين العلاقات العربية الفلسطينية يخفت بريقها و توشك أن تصبح ظلًا لعهود الماضي لا أكثر .. نعم هكذا هم ملوكنا يعترفون بأكبر كيان إرهابي في العالم و يتبادلون معه المصالح و الأحاديث المشتركة .. بل لن أبالغ إن قلت أنهم جميعا يقاتلون المقاومة الفلسطينية و يتجهون إلى الدعوة إلى نزع سلاح المقاومة كما صرح عدة من وزراء الكيان الصهيوني في الأيام الماضية .. أي ملوك هؤلاء ؟! .. الوطن العربي هكذا كنا نسمى في الماضي و اليوم العديد لن يجده وطنا .. و الأكثر لن يجده عربي .. !!
و لكني حين التفت لأراك يا رجل .. تدب في جسدي الإرادة و الحماسة من جديد .. أعلم حين أراك أن الله قد وضع بيننا من قد يصلحون المسار و يضيئون الطريق بتضحياتهم و ثباتهم على الحق .. و أتعلم منكم دروسًا في الحفاظ على القيم و المبادئ المفقودة في عالمنا .. و استلهم من رسائلكم الصبر و السلوان على الصعاب فلا صعاب مثل صعابكم و مع ذلك لن أجد صبرًا كصبركم أيها الشجعان
كم كانت رسالتك ملهمة .. كم بثت في قلبي الكثير من الأمل و في العقل الكثير من الرغبة في العمل .. و أنا الآن أود أن أكتب إليك رسالة أخيرًا يا صديقي و أنا أعلم أنك لست في حاجة إليها ربما أنا من يحتاج إلى التذكير لمحتوى السطور القادمة .. أكتب إليك الآن و أنا لا أعلم هل مازلت حيًا أم أنك قد قدمت روحك إلى باريها شهيدًا للواجب .
أول كلام رسالتي إليك السلام عليك و على من معك ثبتكم الله و أعانكم على ما أنتم فيه من صعاب .. و وفقكم في جهاد العدو الغاشم و من عليكم من عنده بنصر مبين .. تلك دعوتي إليك و من معك .. و ما بقي من رسالتي كلمات أظنكم تعرفونها جيدا … اصبروا على ما أنتم فيه و أعلموا أن الله معكم .. و أعلموا أنكم فائزون غانمون لا محالة .. فإنكم إن فزتم الحرب فزتم في الدنيا و إن خسرتم فزتم في الأخرة .. و الأخرة خير و أبقى ..و اعلموا أن عدونا ضعيف بإيماننا قوي بتخاذلنا .. عدونا فاقد للغاية و أنتم غايتكم أنبل الغايات .. لا سبيل غير المقاومة أمام من قتلوا الألاف و شردوا الملايين .. لا سبيل غير المقاومة أمام كيان قام لإضعافنا و محونا و محو حضارتنا من الوجود .. ولا تستمعوا لملوك اعتادوا الهوان و عشقوا الذل .. و استمروا و كونوا لنا خير بوصلة تعرفنا طريق الحق و العدل .. وكونوا لنا قصة تحكي في طياتها قصص الوفاء و الثبات على المبادئ و العهود .
ألف عبرة و عبرة استلهمتها من صورتك و صور إخوانك .. دمتم لنا فخرًا .. و دمتم لنا عظة .. و دمتم لنا في كل وقت و حين .
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.