أصبحت جامعات الغرب مثل جامعات الدول المتخلفة
اليوم لو عارض أستاذ جامعي في الغرب مطالب الجمعيات النسوية في الإجهاض يتم اضطهاده، وربما طرده، هذا ما حدث مؤخرًا في كلية الطب جامعة ميتشيجان!
كيف تنبأ ابن خلدون بسقوط الدول؟
حين أنظر في حركة التاريخ دائمًا أرى حكمة ابن خلدون في صعود وهبوط الأمم والحضارات:
- رجال أقوياء محاربون تمت صناعتهم في رحم الأزمات والصراعات والألم، يقومون ببناء دولة أو حضارة.
- مع حرية التجارة والازدهار يتزايد المال والرخاء الاقتصادي.
- مع الرخاء الاقتصادي وتوفر المال تزدهر العلوم والفنون والفلسفات والإبداع العلمي والفني والحضاري.
- عصر الاستقرار والهدوء والخمول والاطمئنان للقوة.
- مع الرفاهية تبدأ أجيال الميوعة والرخاوة في التزايد والصعود، ومعهم تنهار الحضارة وتنهزم وتحل محلها حضارة أخرى.
صعود وهبوط المجتمعات
كل قصص التاريخ نراها بنفس المراحل، صعود الفتوحات الإسلامية، ثم عصر الرخاء والازدهار العلمي والحضاري والاقتصادي الأموي والعباسي، ثم الركود والاستقرار، ثم عصر الانهيار في القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلادي، لتصعد أوروبا.
صعود عصر الاستكشاف الأوروبي والاستعمار عصر الرخاء والتجارة والرأسمالية، ثم عصر الاختراعات والإبداع العلمي والحضاري في القرن الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي، ثم عصر الركود والاستقرار في القرن العشرين، ثم عصر التدهور والانهيار الأوروبي في القرن الـ21، لتصعد جنوب شرق آسيا.
لكن دائما يشغلني سؤال، كيف تنتقل الحضارة من عصر العلم والقوة الاقتصادية إلى عصر الخمول والركود والميوعة والانهيار؟
رغم أن كل الحضارات تعرف المراحل، وتسعى لمنع حدوث الانهيار والشيخوخة لها، وتحرص على تعليم أبنائها، وتطوير أسلحتها وقوتها العسكرية والاقتصادية، لكن رغم هذا يصيبها الانهيار والميوعة والشيخوخة وتموت.
كيف تنهار الحضارات رغم قوتها؟
لكن رأيت الإجابة في أوروبا وأمريكا اليوم، لنفهم منها كيف تنهار الحضارة رغم قوتها ورغم حرصها، تموت الحضارة حين يصيبها التكلس، حين تتصلب عقولها، وتفقد حرية التفكير.
مثلًا، في أوروبا وأمريكا مجالس العلماء التي يجب أن تكون فيها حرية الكلام وعرض الأفكار والإبداع بلا خوف أو قلق، هذه المجالس المفترض أنها المجتمع العلمي والجامعي.
المجتمع الجامعي الأوروبي كمثال على انهيار الحضارات
في المجتمع الجامعي والبحث العلمي طوال القرون الأربعة الماضية كان مسموحًا فيها بمناقشة أي شيء وكل شيء حتى لو ضد الدين أو ضد الحكام أو ضد أي أفكار منتشرة في المجتمع أو أي شيء وكل شيء، فهذه جامعة، مكان العلم والعلماء.
يتم عرض الأفكار ومناقشتها بطريقة علمية من عرض التعريفات والمعاني، ثم عرض نقاط الاتفاق والاختلاف، ثم عرض الأدلة والبراهين في نقاش حر بلا خوف.
اليوم في المجتمع الجامعي يخاف الجميع من كل شيء، يخاف من الحديث عن الميول الجنسية، أو عن النسوية، أو عن الأقليات، أو عن أن الاحتباس الحراري أكذوبة، أو عن، أو عن.
أصبح كل طالب وأستاذ جامعي يخاف من التعبير عن أفكاره كي لا تتم محاسبته باتهامات جاهزة قد تتسبب في ضياع مستقبله.
أصبحت الأبحاث العلمية في الغرب لا يتم قبولها إلا لو كانت متوافقة مع تيار معين وفق موضة معينة، وبتأييد جماعات من الأقليات المعينة! تملك المال والسلطة وتتحكم في سياسات المجتمع الجامعي وكل نشاطاته.
سبب انهيار الحضارات
تمامًا كما تسلل الأرمن للسيطرة على مفاصل الدولة العثمانية!
انهيار الحضارة وتراجع الإبداع يبدأ من مجالس العلماء، حين يصيبها الخوف، والحذر من الكلام الحر وعرض الأفكار والنقاش بلا خوف، وبالتدريج يسيطر المنافقون والمتسلقون من محترفي اللعب بالقوانين والقواعد بدون إبداع ولا تفكير.
هذا ما نراه اليوم يصيب مجتمع العلم في الحضارة الغربية، أصبحت جامعات الغرب مثل جامعات الدول المتخلفة عندنا، لديها الكثير من المحاذير والمواضيع الممنوع أن تتكلم فيها، كي لا تتعرض للاضطهاد.
وبذلك ستتخلف جامعات الغرب لتكون مثل جامعاتنا، مجرد كتاتيب لتحفيظ بعض المناهج، وممنوع الخروج عن النص كي لا يقع العالِم في مشكلة، فلا يتبقى ولا ينجح في هذه البيئة غير المنافقين والضعفاء ومحدودي المهارات، وينصرف المبدعون والمحترمون والأقوياء ويبتعدون عن المنظومة.
اقرأ أيضاً: مختصر قصة الغرب خلال الخمسة قرون الأخيرة
تعرف على: خطورة الفكر المادي الغربي
اقرأ أيضاً: مناعة المجتمع العربي الاجتماعية
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا