مقالات

صراع ثقافات لا صدام حضارات

الحضارة العربية الإسلامية سميت بهذا الاسم لغلبة العنصر العربي والإسلامي فيها، والحضارة الغربية المسيحية سميت بهذا الاسم لغلبة العنصر الغربي والمسيحي فيها، والحضارة الكونفوشيوسية سميت بهذا الاسم لغلبة الثقافة الكونفوشيوسية على سكان هذه الحضارة،

وقد زعم “صمويل هنتنجتون” بأن العالم يشهد صدام الحضارات ووفق رؤيته؛ يأخذ الصدام شكل التحالف بين الحضارتين الإسلامية والكونفوشيوسية الصينية في مواجهة الحضارة الغربية لأنهما تخالفا الحضارة الغربية في نظرتهما للحياة .

كلام “صمويل هنتنجتون” تستنتج منه أن الحضارة على قلب رجل واحد كلا متكامل لا خلاف فيها، وإن كان الأصل في موضوع الحضارات أن كل حضارة فيها اختلافات داخلها وصراعات بين الثقافات المكونة لها، ومن الممكن أن ندلل على ذلك بشواهد عدة من داخل الحضارات الكبرى نفسها.

صراع ثقافات الحضارة الغربية

الحضارة الغربية في العصور الوسطى كانت تضم المسيحيين واليهود؛ ومع ظهور المذهب البروتستانتي على يد القس الألماني “مارتن لوثر” كمذهب إصلاحي للمذهب الكاثوليكي الذي رفضه البابا ممثل الكاثوليكية ونتج عن ذلك صدام بين الكاثوليك والبروتستانت فيما سُمي بحرب الثلاثين عاما من عام 1618م إلى عام 1648م هذا فيما يخص المسيحيين الغربييين .

أما اليهود فكانوا مرفوضين من قبل الغربيين وحدثت في حقهم مذابح مروعة لأنهم كانوا يحملونهم مسئولية قتل المسيح وغير ذلك من قبيل تعاونهم مع الملوك وكبار الإقطاعيين في تحصيل الضرائب من الفلاحيين الأوربيين، ولعمل اليهود في الإقراض الفاحش والذي كان يضر كثيرا المقترضين مما ألجأ اليهود للتخلص من مضايقات الغربيين للسكن في جيتوهات منعزلة،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وإن كان الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته “اليهود والصهيونية” رد على ذلك قائلا إن اليهود لم يكونوا يمتهنون هذه المهن بإرادتهم؛ بل كانت هذه المهن ذات طبيعة غير مستقرة تتوافق مع حال اليهود الدائمة في الهجرة من بلد إلى آخر. فكانوا مثلا لا يمتهنون الزراعة التى تتطلب الاستقرار في المكان وهذا هو الحال بالنسبة لليهود .

المسلمون في البلاد الغربية

أما المسلمون عندما استقروا في البلاد الغربية مؤخرا؛ واجهوا فيما يخص ثقافتهم العربية والإسلامية قلق بالغ وشك من قبل الغربيين على اعتبار أن الثقافة العربية والإسلامية لا تتوافق وقيم الحياة الغربية ونظرتها للحياة رغم ذهاب بعض المفكرين الغربيين أن المسلمين وثقافتهم مكون رئيسي للحضارة الغربية.

أحد أشكال الصدام المعاصر داخل الحضارة الغربية ماحدث في البلقان بشرق أوروبا كانت البلقان تحت السيطرة العثمانية لقرون، ولكن بعد زوال الحكم العثماني ظل أهل هذه المناطق على دينهم الإسلامي ، لكن القوميين لم يعجبهم هؤلاء متهمين إياهم بخيانة قوميتهم ودخولهم في دين المستعمر ونتج عن هذا الصدام مقتل ما لا يقل عن 140000 قتيل.

والرسوم المسيئة للرسول الكريم ولما يمثله النبي من المثل الأعلى لثقافة المسلمين هو رفضا للثقافة الإسلامية وصداما معها لما تمثله من خطر على نظرة الغربيين للحياة وطريقتهم للعيش فيها، ومن الغربيين ما لا يكلف نفسه عناء البحث والتقصي فيما يخص المعلومات المغلوطة عن نبينا الكريم لا بل أسهل ما عنده التعرض لشخص النبي الكريم والنيل منه

وهذا جرس إنذار على تفكك الحضارة الغربية والتي لا تقبل الثقافات المكونة لها الإندماج والتعايش فيما بينها بدعوى رفض هذه الثقافات لقيم هذه الحضارة ، فالحضارات ما هي إلا ثقافات مكونة لها من المفروض إذا اشتكى أى منها تداعى له باقى الثقافات بالسهر والحمى .

اقرأ أيضاً:

علماء أوزبكستان ودورهم في تطور الحضارة الحديثة

الحضارة الغربية المتخلفة 

الثقافة والحضارة

على زين العابدين

باحث بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة