ذكريات فيس
بين الحين والآخر يظهر لنا على مواقع التواصل الاجتماعي ما يسمى ذكريات (memories)، وهي صور أو كلام كتبناه على صفحات التواصل الاجتماعي منذ سنوات.
ظهر لي اليوم كلام كنت قد كتبته أنا منذ سبع عشرة عامًا تقريبًا! رأيت الصورة وما كتبته، فقلت لنفسي: ما هذا الكلام السخيف؟ وما هذه الصورة؟ مما جعلني أفكر في علاقتنا بمواقع التواصل الاجتماعي!
ما هي شبكات مواقع التواصل الاجتماعي؟
مواقع التواصل الاجتماعي لا تختلف كثيرًا عن التواصل الاجتماعي في الحياة اليومية مع البشر من حولنا!
فقط تقدم لنا دائرة أوسع بكثير وتعبر الحدود الجغرافية، نقول فيها ما نريد أن نقوله لمن حولنا، ونسمع فيها ما نسمعه من الأشخاص حولنا في حياتنا اليومية.
لكن ميزة مواقع التواصل الاجتماعي أنها تعبر الحدود وتصل إلى دائرة أوسع بكثير، وعيبها أن ما نقوله سيظل مسجلًا، لا يضيع أو ينسى!
فحين نقول كلمات عابرة في حياتنا اليومية، وننساها وينساها من سمعها، تظل كلماتنا مسجلة على مواقع التواصل الاجتماعي لزمن طويل جدًا!
يعني مواقع التواصل الاجتماعي تفاعل يومي طبيعي بيننا وبين الآخرين، لكن مساحته أوسع وذاكرته أطول!
هنا يجب أن نتذكر، ما نية الكلام على مواقع التواصل الاجتماعي؟ لماذا تدخل وتكتب أو تعلق؟ أو حتى تدخل لترى وتتابع من دون تعليق؟!
اقرأ أيضاً: لماذا لجأ الإنسان لمواقع التواصل الاجتماعي؟
استخدامات شبكات مواقع التواصل الاجتماعي
أولًا: الاستعراض والتفاخر
هناك من يستعمل مواقع التواصل الاجتماعي أنه مكان للاستعراض، للتفاخر، تكبير الذات، كي يحكي عن نجاحاته وإنجازاته، لكن هذا سلاح ذو حدين!
فحين تعرض صورة لك وأنت تتفاخر وسعيد بوجودك في فندق جميل، أو رحلة أو أمام مبنى أو سافرت إلى مكان، فهذا ربما يكون إنجازًا عظيمًا في نظرك، لكن في نظر كثيرين قد يبدو إنجازًا تافهًا، لا يستحق التفاخر، مما يجعلهم ينظرون إليك أنك تتفاخر بأمور تافهة، مما يقلل منك بدلًا من أن يرفعك!
تمامًا مثل أستاذ في الطب أو الهندسة مثلًا، يتفاخر بإنجازات صغيرة مثل أنه أجرى جراحة عادية بالنسبة إلى الآخرين، أو بناء مشروع عادي جدًا بالنسبة إلى المهندسين كلهم، أو لأنه فقط سافر وحضر مؤتمرًا عاديًا يحضره كل من هب ودب، هذا سوف يقلل منه، وليس العكس!
يعني كمان يقول الشاعر:
تكبر في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم
اقرأ عن: تفاهة الشعوب
ثانيًا: متابعة الآخرين
هناك من يستعمل مواقع التواصل الاجتماعي لمتابعة أخبار الآخرين، والتلصص عليهم، ليعرف من فعل كذا، وأخبار فلان. مكان للنميمة والتلصص وربما الحقد والحسد على الآخرين!
هذا الإنسان لا يعيش في راحة أبدًا، يعيش حياته ينظر إلى ما لدى الآخرين من نعمة، ويعيش في حسرة على ما ليس لديه! أو ينخدع بالصورة والابتسامة، ولا يرى ما يعانيه الآخرون من مشكلات وهموم وأحزان.
ثالثًا: الشكوى والتباكي
هناك النوع الكئيب الذي يحب الشكوى والبكاء على كل شيء وأي شيء، سواء لأنه كئيب أسود الروح، أو خوفًا من الحسد.
يحكي لك عن سيارته التي تعرضت لحادث، لكن لا يحكي لك عن أنه اشترى سيارة جديدة، يحكي لك عن ابنه المريض، لكن لا يحكي عن ابنه حين يحقق أي خير، نوع كئيب شكاء بكاء، البعد عنه غنيمة!
يعني مواقع التواصل الاجتماعي يستعملها كثيرون إما في الاستعراض بأشياء لا تستحق، أو التلصص على ما لدى الآخرين، أو الشكوى والتباكي والبكاء.
اقرأ أيضا: مواقع التواصل وعلاقتها بالكآبة والضغط النفسي
رابعًا: نشر الحق وإصلاح المجتمع
لكن هناك استعمال رابع!
أن تكتب على مواقع التواصل الاجتماعي ما يفيد الآخرين من أفكار، وتتابع على مواقع التواصل الاجتماعي ما يفيد من معلومات وأفكار، سواء أفكار في الدين أو الحكمة أو العلم أو دروس الحياة، نيته في هذا قول الحق ونشر الحق وإصلاح المجتمع، وإصلاح النفس.
أن تكون مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة إليك مثل اختيار الصديق، صديق السوء سوف يأخذك إلى أماكن السوء وأفكار السوء واللغو وضياع الوقت، والصاحب الجيد يأخذك إلى أماكن تساعدك على أن تكون إنسانًا أفضل يسعى وراء ثواب الدنيا والآخرة.
مواقع التواصل الاجتماعي مثل طريقة حياتك اليومية في التفاعل مع البشر من حولك، لكن بصورة مكبرة، تعبر عنك، وعن نيتك، ومستوى طموحاتك!
فلا تستهتر بعقول الآخرين ومستوى ذكائهم وقدرتهم على فهم نواياك، وحاول أن تكون من النوع الرابع.
اقرأ أيضاً: التيار الإصلاحى هو ضمير المجتمع
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا