مقالات

سيقولون.. لا تستمع اليهم

سيقولون.. لا تستمع اليهم

يقول صديقي المسلم:
“إن نقاط الماء تثقب الصخر ليس بقوتها، ولكن بتواصلها ”
اللهم اجعل تواصلنا برًّا، وكلامنا ذكرًّا، ومحبتنا في الرب طول العمر
***
جمعة مباركة للجميع

هكذا يخرج علينا أفيخاي أدرعي “المتحدث بلسان جيش الدفاع الإسرائيلي للإعلام العربي” _كما يقول على نفسه_ بمنشوراته على صفحته الرسمية على الفيس بوك.. ممجدًا قيم السلام والتعايش، مهنئًا المسلمين بأعيادهم ومناسباتهم، ومتمنيًا دوام البركة لهم، ومستفيضًا في ذكر فضل التسامح وقبول الآخر، وإمكانية العيش في سلام مع العرب “أبناء العمومة” .

“أي رئيس أمريكي يتوجب عليه استخدام القوة لحماية مصالح الأمة ”

اضغط على الاعلان لو أعجبك

هكذا كانت تعليقات الصحف الأمريكية على قصف بغداد في حرب الخليج الأولى.

“الإرهاب يضرب مصر”
تملأ الصحف اليومية المصرية أخبار ومانشيتات كهذه.

لطالما كان الإعلام سلاح الساسة لترويض الشعوب، وتغييب وعيهم، ونقل صورة مجتزأة من شأنها كسب تعاطف الجمهور، واستمالتهم لموقف معين، وتزييف الحقائق لصالح أولئك الساسة.
فذلك المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي مشددًا على قيم التعايش، مستخدمًا لغة حوار من شانها التأثير في المتابع له، وجعله يتغافل عن حقيقة اغتصاب الأرض، والتهجير والتشريد وتمزيق العائلات، والمجازر المروعة التي ارتكبت وترتكب في حق الشعب الفلسطيني ثم تراه مطالبًا بمراعاة حق العمومة! أين كانت العمومة في دير ياسين، وفي صبرا وشاتيلا؟ وأين قبول الآخر من عمليات التهويد المستمرة التي تجري في فلسطين، وأين التعايش من جدار عنصري يشق الأرض، ومن تهجير السكان والتوسع الاستيطاني؟
سلام التهاون في حق الأرض والشعب ليس سلامًا!
لا تصالح على الدم .. حتى بدم
لا تصالح ولو قيل رأس برأس
أكل الرؤوس سواء؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟
وهل تتساوى يد.. سيفها كان لك
بيد سيفها أثكلك؟
سيقولون :
جئناك كي تحقن الدم
جئناك كن-يا أمير- الحكم
سيقولون :
ها نحن أبناء عم،
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك

وتلك الصحف الأمريكية التي تطبل للحاكم، تبرر له قصف البلدان، والتدخل السافر في شئونها الداخلية، ومع سقوط القنابل على بغداد كان على سكان الولايات المتحدة أن يبدوا إعجابهم بذلك الحاكم الذي يبذل وسعه لحماية شعبه من “خطر محدق” لا يدرون كنهه، فقد وقعوا فريسة التخويف الذي انتهجه الإعلام حينها لاستمالتهم نحو كون الحرب ضرورة.
وكذلك الحال في مصر التي لا تخرج فيها صحيفة رسمية أو غير رسمية يوميًا إلا محذرة من الإرهاب الذي انتشر في البلاد وبات في شوارعها يبحث عن فريسته، وذلك لتمرير سياسة التنكيل والتعسف ضد المواطنين، وتبرير الاستبداد وحملات الاعتقال التي طالت أي معارض للسلطة، حتى صارت أنباء الاعتقالات تتهاوى على رؤوسنا يوميًا وبأعداد لا تسوغها حتى الحرب على الإرهاب! ،و حتى طال التنكيل صديقك الذي طالما عاشرته ولم تعرفه يومًا إرهابيًا، وجارك الذي بالكاد يجد قوت يومه ويجتهد ليوفر مصاريف تعليم أبنائه فإذا بابنه هذا إرهابيًا يخشى خطره!

كذلك الحال كان إعلام الحرب الباردة سواء في الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي مهيمنة عليه نبرات شيطنة الآخر الذي لابد مقدم على سحقنا، فكان الإعلام أداة الساسة لتقديم الأعمال الإجرامية التي وقعت على أطباق صد الخطر، والدفاع عن النفس!
الإعلام دومًا سلاح لا يخطئه مستبد أو غاز يوظفه لتمرير سياساته وبث أفكاره السامة في المجتمعات، مشوهًا الوعي ومزيفًا الحقائق، ومشيطًنًا المعارض حتى تسكن المجتمعات للفساد وتقبل الاستبداد وضياع الحقوق وتنصاع لدعاوى الضرورات المرحلية بينما هي مصالح السادة!
لذا سيقولون .. لا تستمع إليهم!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

 

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

داليا السيد

طبيبة بشرية

كاتبة حرة

باحثة في مجال التنمية العقلية والاستغراب بمركز بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث

حاصلة على دورة في الفلسفة من جامعة إدنبرة البريطانية

مقالات ذات صلة