سيب اللي في إيدك وركز معايا
سيب اللي في إيدك.. وركز كويس في الكلام ده! أنا عارف إنت بتحب على الفيس بوك شوية نكت وكلام في السياسة مع شوية شكوى من الحال، لكن الكلام ده حاجة تانية، صناعة ثقيلة.. صناعة العقل.. حاجة ليك ولعيالك!
هناك طريقة كاذبة لرواية التاريخ ترددها أوروبا .. ويرددها أتباع أوروبا في بلادنا! هذه الطريقة تضع أوروبا في مركز الأحداث، بينما تضع باقي الأمم والشعوب في الخلفية بصورة كومبارس وسنيده!
تقول الرواية:
“بدأت الحضارة والفلسفة والفكر في اليونان القديمة بعد أن تعلمت بعض المعلومات من حضارات سابقة، اليونان ولدت روما، روما أنجبت أوروبا المسيحية التي تسلمت تاريخها اليوناني من ترجمة العرب، والتي أنجبت عصر النهضة ومنه خرج عصر التنوير ثم عصر الديموقراطية والثورة الصناعية والدولة الحديثة والنهضة والحياة المتقدمة”.
في الخلفية نرى صور باهتة لكائنات غير واضحة اسمها الحضارة الفرعونية والبابلية والفينيقية والصينية والعربية والإسلامية والفارسية والهندية.. و.. و.. و.. كلها صور باهتة غير مهمة! تقدمها القصة على أنها مجرد أشياء تافهة في الخلفية تخدم الغرض الرئيسي وبطل القصة.. أوروبا الغربية!
العجيب أن الكثير من البشر المسلمين يصدقون هذه الرواية غير المنطقية والكاذبة ويرددونها من كثرة ما تكررت على مسامعهم في دروس التعليم بالمدارس والإعلام وكليات التاريخ والآداب والفلسفة وعلوم الاجتماع!
الحقيقة
بالنسبة للحضارة اليونانية
-1- علماء اليونان تعلموا في مصر والعراق وفارس وهذا باعترافهم، وأغلبهم لم يقدم جديدا سوى أنه ترجم علوم الفراعنة والبابليين للغة اليونانية، واليونان كانت مجموعة مدن وقبائل متفرقة، وكل علماء اليونان الذين يتحدث عنهم الأوروبيين كانوا في فترة زمنية لا تتعدى 100 سنة إلى أن احتلها ودمرها الإسكندر الأكبر المقدوني، وبينما اختفى علماء الفراعنة والبابليون بعد اندثار لغاتهم، تبقى كتابات اليونان في اللغة اليونانية واللاتينية وانتقلت إلى روما.
-2- حضارة اليونان التي يحكون عنها هي مجموعة قبائل سمراء مهاجرة من الشام، وأغلب مراكز الحضارة اليونانية تقع اليوم في تركيا وهضبة الأناضول، يعني حضارة اليونان شرقية لا علاقة بينها وبين أوروبا الغربية التي كانت متخلفة في هذا الوقت.
الحضارة العربية والإسلامية
-3- علوم الحضارة العربية والإسلامية كانت متقدمة قبل حركة الترجمة التي كانت في عصر المأمون العباسي، يعني مثلا الفلسفة الإسلامية وعظمة مفكريها المعتزلة وغيرهم بدأت في القرن الأول الهجري، وتطورت مع باقي العلوم والعلماء في القرن الثاني والثالث الهجري، بينما حركة الترجمة في عصر المأمون كانت في القرن الرابع الهجري! يعني بعد نهضة المسلمين بأربعة قرون على الأقل! وظهرت كجزء من حضارة فاعلة مبدعة وليس مجرد ناقلة مترجمة مقلدة.
-4- علماء الإسلام المبدعين أكثر بكثير مما يقدمه لنا كتاب التاريخ، ويختلفون عن علماء أوروبا بأنهم كانت لديهم أمانة علمية، فكانوا إذا أخذوا فكرة من عالم آخر يذكرونه، بينما علماء اليونان والغرب الحديث سرقوا الأفكار والمعارف الشرقية ونسبوها إلى أنفسهم!
-5- أغلب فلسفات الغرب الحديثة التي يقدمها الناس على أنها اختراع عصر النهضة هي في الحقيقة من مفكرين مسلمين، مثلا أسلوب الشك _والذي يعتبر علم في الإسلام_ حيث أن الجاحظ يقول أن اليقين لا يمكن أن يتكون دون أن يسبقه شك، ووضع أسلوب التعامل مع الشك بالعقل والنقل والتجربة، يعني الاطلاع والتجربة والمنطق، وكذلك قاله الغزالي، وهو ما ظهر في العصر الحديث على يد ديكارت كأنه اكتشاف وسبب نهضة أوروبا!
بينما اعتمدت اليونان على المنطق والتأمل فقط، وحرّمت الحضارات المسيحية استعمال العقل واعتبرت الإيمان ضد العقل، كانت الحضارة الإسلامية هي ما أثبتت أن العقل والإيمان مرتبطان، وسمحت بالشك وشجعت الشك المفيد الذي يجد إجابة صحيحة في النهاية، عن طريق البحث عن الإجابة لدى العلماء الثقات والمصادر الموثوقة، وربطها بالمنطق والعقل والإقناع، وتطبيقها في التجربة العملية في الواقع.
وهذا مجرد مثال واحد من الآلاف من الأمثلة على مسح الذاكرة وتشويهها، يجب أن تعلم هذا الكلام لنفسك ولأولادك ولمن حولك، قراءه التاريخ بالمنظور المستقل وليس المنظور التابع لأوروبا وأعوانها.
اقرأ أيضاً:
علماء أوزبكستان ودورهم في تطور الحضارة الحديثة
دور حضارات الشرق القديمة في بناء الفكر الأخلاقي عند اليوناني
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.