مقالات

السيارة والطريق – كيف أقود نفسي بسلام إلى وجهتي الصحيحة التي تحقق سعادتي ؟

السيارة والطريق

حينما ابتعدت سيارتى عن الطريق الممهد للسيارات اصطدمت على الفور بشىء ما عرقل وعطَّل العجلات وأدى إلى توقف السيارة ولكننى كنت متعجلا، لم أكن أريد النزول لأرى ما هو سبب توقف السيارة فقررت أن أجرب الرجوع للخلف ثم الدوران فى أى اتجاه حتى تنطلق السيارة من جديد إلا أننى حاولت جاهدا فى الاتجاهين إلى اليمين وإلى اليسار لكنها لم تفلح فقلت فى نفسى سأرجع للخلف، ثم وقتها سأعود للطريق لأكمل المسير

ولكننى عندما عدت للخلف أصبحت أمشى فى الطريق بالعكس وذلك بمؤخرة السيارة بدلا عن مقدمتها، ولكى أسير معتدلا فى الطريق أحتاج إلى أن أستمر بالسير هكذا بشكل معكوس لمدة حوالى عشر دقائق حتى يتسع الطريق لعملية الدوران بالكامل ومن ثم فإننى معرض للخطر فى طول هذه الدقائق والتى ليس مضمونًا أن تمضى بسلام حيث إن الطريق ضيق لا يكفى سوى لعربة واحدة، كما أنه سريع ومن ثم لا أستطيع أن أهدئ سرعتى.

ولذلك قررت أن أقود السيارة بطريقة عكسية حتى أنجز الوقت فقد قلت لنفسى هى عشر دقائق وتحل القضية ولكن عندما هممت بالرجوع للخلف صدمتنى من الخلف عربة كانت مسرعة فارتطم وجهى وصدرى بالمقود ولم أنتبه إلا وقد عادت السيارة إلى نفس الموقع الذى توقفت فيه من قبل والذى كنت أحاول الهروب منه وحينما ارتطم وجهى وصدرى لم أعد أتحمل الجلوس فى تلك السيارة أكثر من ذلك،

بعد أن اشتد ألمى قررت الخروج منها لاستنشاق الهواء وأخيرا محاولة معرفة سبب توقف السيارة من الأساس فوجدت صخرة متوسطة الحجم كانت قد حشرت بين الإطارات فمنعت السيارة من الحركة فنحيت الصخرة وأوسعت الطريق وعدت وقمت بالدوران لأرجع إلى الطريق الممهد من جديد ولكن هذه المرة معتدلا أرى الطريق جيدا حيث أكملت المسير فى أمان حتى وصلت إلى مقصدى وأكملت العناية الطبية اللازمة لحالتى…

اضغط على الاعلان لو أعجبك

البحث عن السبب الحقيقي

حينما يمر بى هذا الموقف فى ذاكرتى وأرى كيف أنى تعرضت بل عرَّضت نفسى لمثل هذا الحادث لأننى ببساطة شديدة كنت كسولا أن أرى المشكلة الحقيقية أو حتى أن أدرس الأسباب الحقيقية واستبعدت الحل العقلائى المناسب فى تلك الحالة بل واستسلمت لسرعة اتخاذ القرار وسلوك المسلك السهل، فإننى فى الحقيقة قد صعبت الأمور أكثر وأصبت بأضرار أكبر مما كنت أتخيل.

ففى هذا المشهد تنكشف لنا الأسباب الحقيقية وراء المشكلات المختلفة التى تعترض طريقنا ونتعامل معها بنفس الأسلوب ونختار الأسهل والأيسر لنحل الموقف دون عناء فإذ بنا نزيد الطين بلة ونحصل على عكس ما كنا نأمل أو نتمنى

حيث إن ما يقابلنا فى الحياة من مواقف مختلفة يحتاج دائما لخيار ولموقف، ولدينا خياران غالبا إما أن نختار الأسهل أو نختار الأصح فإذا تعقلنا وفكرنا لبرهة واعتمدنا على التفكير الصائب الذى يدرس المقدمات جيدا والتى بالضرورة توصلنا لنتائج جيدة مشابهة للمقدمات ومن ثم فالبديهى أننا سنختار الأصح وليس الأسهل لأن أى تعجل وأى تصرف غير مدروس أو لم يمر على العقل فهو تصرف حيوانى لا يرقى إلى مستوى الإنسان لأن جوهر ما يميز الإنسان عن الحيوان هو العقل والتفكير الذى يسمى بالناطقية فى علم المنطق.

الإنسان والتفكير السليم

ولأن الإنسان حيوان ناطق (عاقل ومفكر) فمن اللازم له أن يتصرف بما يتناسب وإنسانيته وفطرته التى فطر عليها وأن يتميز عن الحيوانات فى تصرفاته وسلوكه وخياراته ولا يصح منه أن يأتى بسلوكيات وأفعال تتنافى مع العقل لأنه بذلك يـبتعد عن حقيقته الإنسانية وطبيعته وفطرته التى خلق عليها وبذلك يضل طريقه ولا يصل إلى السعادة التى ينشدها كل فرد وكل إنسان عاقل.

إن حتى مجرد التقصير أو التكاسل عن اختيار الموقف السليم والصحيح المبنى على أسس صحيحة لهو موقف -حتى وإن كان موقفًا سلبيًا- فى حقيقته خيار غير صحيح طالما أنه لم يكن مبنيا على أسس ومقدمات سليمة وصحيحة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وبما أن الحياة دائما ما تفرض علينا فى مواقفها خيارات، ولأننا خلقنا بهذا العقل الحكيم الذى يستطيع أن يصل إلى الحق وأن يفرق بين الحق والباطل وبين الصحيح من السقيم فلا شك أن هذا العقل المفكر سيصل إلى الحق والحقيقة طالما كان مراعيا لمبادئ التفكير السليم وقوانينه المنطقية والبديهية التى فى حالة مراعاتها جيدا تعصم الذهن عن الخطأ فى التفكير.

ومما سبق نستنتج أننا نحتاج إلى أن نتعرف على مبادئ التفكير السليم حتى نستطيع مراعاتها كما ينبغى فكيف نستطيع أن نراعيها دون معرفة صحيحة لها.

الطريق إلى السعادة

لذلك فإن بداية الطريق الصحيح والسليم والممهد للحياة السعيدة السوية التى نسعى إليها جميعا هو طريق العقل والتفكير السليم وأن أى انحراف فى مواقفنا وحياتنا عن هذا الطريق دون تأنٍّ منا أو محاولة لمعرفة ودراسة أسباب هذا الانحراف وأسباب تعطل حياتنا وتعثرنا فى طريق السعادة المنشود سيؤدى بنا إلى طريق الشقاء والهلاك.

وكما قلنا سابقا أن خيارنا السلبى أو الكسل عن اتخاذ موقف لهو فى حقيقته خيار اتخذناه لنواجه به الحياة، فإن لم نتوقف للحظة ونفكر فى حل سليم لمشاكلنا ولسلبياتنا وآلامنا فى الحياة بصدق وإخلاص لانحرفنا عن الطريق السليم.

وإن دراسة أسباب انحرافنا عن الطريق والسعى فى إزالة كل المعوقات والموانع التى تحول بيننا وبين طريق الحق والمبادئ العقليه السليمة التى يجب أن ننطلق منها فى طريقنا للسعى ولتحصيل الكمال المؤدى للسعادة الحقيقية المنشودة والتى هى مطلب كل إنسان لهى أولى خطواتنا للعودة إلى الطريق السليم.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

كيف أحدد وجهتي وطريقي ؟

لم أجد السعادة إلا في عيون البسطاء

لماذا نحن مميزون بالعقل ؟

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

رحيل محمد

عضوة بفريق بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة