السباق الكبير
قال لي ..قد يضطر الإنسان إلى اعتزال الناس فترة لمراجعة أفكاره وتصرفاته ليرى إن كان يمشي في الطريق الصحيح أم خانه عقله وهواه وألقى به في طريق لا يريده لنفسه الفقيرة؛
فصعد إلى أعلى قمة في المدينة وصعدت معه.. يجلس وحده فوق قمة من القمم..
يجلس هناك فيرى الناس أمامه والصورة من أعلى تبدو أكثر وضوحا بعيدا عن الزحام والضيق في الأسفل فجلست بجانبه لعلني من حكمته أستفيد..
قلت له إذن ما رأيك فيهم ؟!… أقصد أبناء وطني.. ماذا ترى بينهم ؟!
أرى متسابقين يتسابقون في سباق جائزته الكبرى السراب.. تابع معي نمط حياتهم لتعرف ما أقصده يا صديقي..أترى كيف أصبح حالهم ؟! ماذا يقصدون من هذا السباق ؟
أن ترى الصورة من أعلى
صراعات لا تنتهي.. تسافل مستمر على كافة الأصعدة.. أراهم ينتحرون ببطئ.. هم كمن يعشقون إذلال أنفسهم..
سباقات الحياة التي ابتدعوها تكاد تقضي عليهم..
إني أراهم يلهثون ولا يرفقون بأنفسهم.. في أي وهم يعيشون وعن أي جائزة يبحثون !!
يا ترى ما غاية هذا السباق ؟!.. ماذا سيفعلون لو علموا أنه ليس لسباقهم هذا غاية إلا تدمير إنسانيتهم وتجريدها من كل جميل..
هذا السباق الذين يبدعون اليوم في الركض فيه ويفرح كل واحد منهم عندما يبلغ فيه مرحلة جديدة ما هو إلا وهم صنعوه.. ظلوا به أسرى لما صنعت أيديهم ..
سباق الحياة الذي يجعل كلا منهم مطاردا… فهذا يطارد المال وهذا يطارد الجاه والسلطان وهذا يطارد ما تبغاه نفسه من شهوات وملذات ..
سباق لا ينتهي ..النهاية الوحيدة لهذا السباق هي تحويلك إلى شبه إنسان أو أقل ..
ما دون ذلك لا تأمل نهاية لهذا فرغبات النفس لا تنتهي و مع كل استغراق في سباق الأوهام هذا تخسر شيئا من عقلك و شيئا من روحك النقية.
امسح مرآتك ترى صورة الدنيا واضحة
هذه الحياه يا صديقي ليست سباقا يتسابق فيه الناس في جمع الكنوز كالقراصنة الذين سمعنا بأمرهم في القصص و الروايات القديمة.. الأصل أن لكل منا تكليفه الخاص وطريقه الخاص الذي يسلكه ليحاسب في النهاية..
هذا الطريق ليس سباقا ليس الأسرع فيه أو الأقوى هو من يكون الفائز..
الفائز فيه يا صديقي هو الذي يخوض الطريق ( السباق ) وينتهي عمره عليه وهو لا يزال محافظا على روحه وعقله سالمين..
لذلك عليك بالحرص يا صديقي وعليك توخي الحذر لتكن مكتسباتك في هذه الدنيا لا تتعارض مع سلامة نفسك ونقائها
فإن تلطخت نفسك بالإثم بعد النقاء ستجد نفسك خاسرا في نهاية طريقك يا عزيزي.
دعوة إلى السير…ولكن ليس وراء السراب
ليس ما أدعو إليه الانقطاع عن الدنيا بالمرة.. الانقطاع والهروب من شيم الضعفاء وقد عرفتك صلبا يا صديقي فاسمع آخر قولي..
في الدنيا سباقات لابد من خوضها لكي تستطيع الاستمرار،
لا يمكنك الهرب من عالم المادة فهو جزء منك بالنهاية
ولكن لتكن السباق موصول بطريقك الذي تحدثنا عنه تصب فيه وكأنها روافد ضائعة تبحث عن نهر تفتقر إليه خوفا من الضياع..
ليكن طريقك هو الحاكم على كل سباقات حياتك ليكن عقلك هو الحاكم على كل تصرفاتك..
حاول الحفاظ على عقلك وتنميته قدر المستطع فبذلك ينصلح حالك وتجد نفسك في نهاية الطريق من الرابحين..
فبصلاح العقل والقلب تستطيع تهذيب طريقك وتنقيته.. حافظ على نقائك يا صديقي فأنت لا تملك غيره يميزك كإنسان… والسلام
اقرأ أيضاً:
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا