مقالاتعلم نفس وأخلاق - مقالات

ساعات.. ساعات

كثيراً ما اعتمدتُ صَكّ الهوى سبيلاً لاتباع سلوك ما أو الابتعاد والانصراف عن سلوك غيره, وجعلتُ لكفة رغبات النفس النصيب الأكبر في حسم موازين الحكم على أغلب المواقف من حولي.. فذلك الفعل أو القول الذي يحظى مني حيناً عُنفوان المد باستجابةٍ سريعةٍ وحاسمة قد ينحسر أثره باستجابة هادئةً في أحيانٍ أُخرى، وعلى حين غفلة ربما عاودته ذات الاستجابة الأولى من جديد.

 

لأجد أن الأمر أشبه بتوالي عدد من النزوات والأهواء المؤقتة الواحدة تلوى الأخرى شروقاً وغروباً لتصبح الحياة جملة من الانفعالات المفاجئة التي سرعان ما تهدأ أو يتسلل الملل والسأم نحوها بعدما طُرِح الهوى والحب بعيداً عنها، فأبحث عن طريق الفرار منها أو الانسحاب عن مِيدانها الشاق، فقد أصبحت عبئاً على كاهل النفس تأتي به تَكلُفاً.

فلا ضير في الاحتكام لمراد القلب وما يريده و ما من مشكلة لو خضعتْ الفروض والمسؤوليات لنزعات الهوى ونزواته فحكمتْ لما تحب بما تحب وترضى واعتزلتْ ما تكره وابتعدتْ عنه لتفوز راحتها ولا بأس أن يصبح الحق خاضعاً لإرادتها تتعاطف له في أوقات حماستها وتتطبع حميته نحو قضية ما ثم ما تلبث إلا وقد نسيتْ وغفلتْ عنه.ولا مشكلة في اتباع الحق متى وافق وجهتها وما أجمل ما يضفيه عليها من قوة وشجاعة في عيون الآخرين ويكسبها مغانم كثيرة ومصالح وفيرة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لكن ما أمر هذا الأنين الذي يعكر عليها صفو راحة النفس وسكينتها ويأبى إلا أن يظفر بإجابات عن أسئلته العُجاب التي لا مفر منها.

فلماذا يا نفس سلكتِ إحدى ردتي الفعل أو انتهجت سلوكاً دون سواه؟ ما المعيار والضابط خلف أي اختيار منهما؟ ماذا لو ساقتكِ أهوائكِ نحو الصدود عن الحق وهجرانه ؟ ماذا لو سئمتِ كلمة الحق واستشعرتِ ثقلها؟

فالعاطفة قُوى عمياء تميل لما تحب وتهوى وأبداً لا بد لها من سند وعون ورفيق درب يرشدها الطريق ويأخذ بها غمار الحكم والقرار والتمييز بين الخطأ والصواب، لا بد لها من مبادئ وقوانين عقلية سليمة تمنعها الكيل بمكيالين ومتى استعصى عليها اتباع الحق فلتَتَكلَّفه جُهداً ولتتصعَّد منزله مشقةً لعلها تستبصر شيئاً من نوره.

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندى علاء منصور

عضوة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة

مقالات ذات صلة