“زهرة” إيران.. التنمر الجريمة
“لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ” صدق الله العظيم. مرحبًا بك عزيزي القارئ من جديد في مقال نتحدث فيه عن واقعة هزت الأوساط الرياضية، في مباراة كرة قدم عادية رفض فيه الخاسر التحلي بالروح الرياضية ليشكك في جنس منافسه ويتسبب في موجة من السخرية اللاذعة غير المبررة.
لم أجد في البداية أفضل من آيات الذكر الحكيم والذي وصف بها رب العالمين صنعه بأنه في أحسن تقويم، فلماذا نتحدث نحن البشر عن خلق الله بأبشع الصفات؟ ولم نتذكر للحظة الأضرار السلبية التي قد تترتب عن بعض الكلمات، “الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور” هكذا وصف الشاعر عبدالرحمن الشرقاوي الكلمات.
أعزائي القراء، الكثيرون منا ومن بيننا لا يعرفون معنى التنمر، إذ أننا نتعامل مع هذا الفعل باعتباره فكاهة، حتى يتحول في لحظة إلى سخرية أحيانا تكون لاذعة، لكن في الحقيقة يتعلق الأمر بجريمة مكتملة الأركان، تؤثر بشكل كبير وضخم على ضحية التنمر، ويجب التوعية بمخاطره والقضاء عليه، وعلينا أن نتكاتف بكافة الجهود لمواجهته.
حارسة المنتخب الإيراني
دعني أذكرك عزيزي القارئ بالواقعة لعلك لم تتابعها بشكل جيد، وتبدأ من حيث انتهت مباراة في كرة القدم النسائية جمعت بين منتخب إيران ومنتخب الأردن تصفيات القارة الصفراء، وإذ بموجة من التنمر والسخرية اجتاحت السوشيال ميديا، عقب تقدم الاتحاد الأردني لكرة القدم بشكوى للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، للتحقق من جنس حارسة مرمى منتخب إيران، مشككين في كونها أنثى.
حارسة المنتخب الإيراني تدعى زهرة قدي وتبلغ من العمر 32 عاما وهي من محافظة خوزستان، وتلعب للمنتخب الإيراني منذ أن كان عمرها 16 عاما، وقد صرحت زهرة سابقا لصحف محلية بأنها كانت تعمل في النجارة قبل أعوام لمساعدة أسرتها ماديا قبل أن تتفرغ تماما لكرة القدم قبل عامين.
الغريب أن الحديث حول جنس الحارسة، انتشر في وقت يدعو فيه الجميع لنبذ التنمر والتعصب، إلا أن رواد السوشيال ميديا لم يتأنوا حتى إصدار القرار النهائي في الأمر، وبدأوا في تداول صورها مع تعليقات تكاد تكون جميعها تحتوي على تنمر، دون النظر إلى شعورها وما قد يترتب على ذلك، قابله أيضا حالة من الغضب والاستياء الشديدين بين المدافعين عن حقوق الإنسان بمختلف انتماءاتهم.
كيف نواجه التنمر؟ كيف نفرق بينه وبين الدعابة؟
عزيزي القارئ الجيد المنصت لكل دعوات نبذ العنف والتنمر والتعصب داخل المستطيل الأخضر، نريدها بدون تنمر، نرغب في مشاهدتها بدون إيذاء نفسي، والتوعية بأن ما قد نكتبه في ثوانٍ معدودة قد يؤثر في نفسية المتلقي مدى الدهر، ستنسى ما كتبته عزيزي الضاغط على الحروف، ويبقى أثره بـ”زهرة” يشعل داخلها حربا نفسية.
ولن أكف عن التذكير بأن التنمر يعد شكلا من أشكال الإيذاء والإساءة الموجهة ضد اللاعب ومرفوض شكلًا وموضوعًا، ويشكل جريمة في حق الإنسانية قبل أن تكون جريمة جنائية، فالرياضة سلوك أخلاقي وجدت للمتعة وليست للكراهية ونبذ الآخرين من خلال التنمر والعنصرية والتعصب.
إذًا كيف نواجه التنمر؟ كيف نفرق بينه وبين الدعابة؟ بداية بأن نضع أنفسنا في الجهة المقابلة، أن نكون محل الشخص الذي سنلقي عليه الدعابة، وإذا شعرنا بالإيذاء والحرج فسنكون وقعنا في شرك التنمر والسخرية غير المقبولة، ولا بد منذ الصغر أن نهتم بغرس التواضع والحلم وحب الآخرين، وتعزيز الاحترام المتبادل وضبط النفس وتقدير الكلمة.
عزيزي القارئ في نهاية القصة اتضح أن اللاعبة “زهرة قدي” البالغة من العمر 32 سنة تعاني من متلازمة تدعى “كوشينج”، تظهر بسببها صفات ذكورية على الإناث، هل علمت الآن أن حارس إيران تحملت ما لم تتحمله بطبيعتك؟ فرفقا بالمحيطين، وألقاك في مقال جديد حيث ما هو جديد.
اقرأ أيضاً:
التنمر .. السلوك الذي يعبر عن شخصية صاحبه
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا