مقالات

الخلود الرقمي

العالم اللي إحنا عايشين فيه كل يوم بيتغير وبيتحول لمكان غريب ومرعب أكتر من ما كان، واللي كنا فاكرينه إمبارح خيال وبيحصل في الأفلام، بقينا متعودين على إننا نصحى الصبح نلاقيه بقى حقيقة وبيحصل فعلًا!

في الوقت اللي أنت بتقرأ فيه السطور دي، في شركات تكنولوجية كبيرة بتشتغل على تقنيات جديدة كنا بنشوفها في أفلام الخيال العلمي بس، وعمرنا ما كنا نتخيل إنها تبقى حقيقة، وده عشان التكنولوجيا دي هدفها الرئيس هو إنها تصمم روبوتات عندها ذكاء ووعي وذكريات البشر اللي ماتوا، وتتكلم زيهم بالظبط وبنفس أصواتهم، كإنهم لسه عايشين!

لو عايز تعرف إزاي ده هيحصل وهيغير شكل العالم اللي إحنا نعرفه في المستقبل، وهيخلي مفيش حد بيموت ويختفي من العالم للأبد، حضر كوباية شايك الحلوة والنعناع وتعالى أحكيلك.

ما المقصود بروبوتات الدردشة؟

في شهر ديسمبر من سنة 2020، ظهر خبر مسرب في الصحافة بيقول إن شركة مايكروسوفت سجلت براءة اختراع لتكنولوجيا جديدة فكرتها غريبة شوية كإنها خارجة من فيلم رعب في هوليوود.

الفكرة دي كانت إنهم هيبدأوا يصمموا روبوت محادثة أو Chatbot بيشتغل بتقنية الذكاء الصناعي أو الـAI، والروبوت ده هيبقى متبرمج على إنه يقلد طريقة كلام وأسلوب إنسان حقيقي، ويتكلم معاك كإنه هو الإنسان ده.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

بناءً على تفاصيل براءة الاختراع اللي سجلتها مايكروسوفت، فالروبوت هيستخدم الصور وملفات الصوت وبوستات السوشيال ميديا والرسايل الإلكترونية بتاعت أي شخص، وهيصمموا بيها شخصية صناعية مبنية على الشخص ده، وبعد كده الشخصية الصناعية دي بيتم تلقينها وتعليمها لبرنامج ذكاء صناعي، عشان يتكلم معاك بالظبط كإنه هو نفس الشخص!

روبوتات دردشة للتواصل مع الأحباء الموتى

روبوتات الدردشةكمان هيصمموا له صورة مجسمة باستعمال تكنولوجيا الصور الهولوجرامية، عشان تشوفه وهو بيتكلم معاك، بنفس صوت وطريقة الشخص اللي أنت تعرفه في حياتك، كإنه موجود قدامك، وحتى ممكن تتناقش معاه وتعرف رأيه في أي حاجة، وهيرد عليك بنفس طريقة التفكير ونفس الآراء اللي هتتوقعها منه لو كان قدامك!

المرعب في الموضوع بقى هو إن الشخص اللي الروبوت هياخد هويته وأسلوبه مش لازم يبقى عايش، بل ممكن يكون شخص مات بالفعل من زمان، وهما هيرجعوه للحياة بصورة صناعية، على شكل روبوت بيتكلم معاك كإنه هو الشخص ده بالظبط بنفس طريقة كلامه وصوته، وحتى ذكرياته!

لو فاكر إن كل ده مجرد خيال ومش هيحصل، فخليني أفاجئك وأقولك إنه في حاجة شبهه بالظبط حصلت فعلًا من قريب، لما شركة أمازون أعلنت عن خاصية جديدة لجهاز الذكاء الاصطناعي بتاعهم اللي اسمه أليكسا Alexa، والخاصية دي بتخلي أليكسا تقلد أصوات الناس الميتين، وتتكلم زيهم وبنفس طريقتهم!

ما أهمية روبوتات الدردشة؟

هدفهم من التكنولوجيا دي حسب كلامهم هو إنها تخلي الشخص يحس بالألفة تجاه الجهاز، ويقدر يحتفظ بذكرى أصوات الناس اللي بيحبهم اللي توفوا، ويتكلم معاهم كإنهم لسه عايشين ومماتوش، ولسه المفروض إنهم هيطوروا التقنية دي أكتر، وهيبرمجوها على إنها تتحول لروبوت كامل يقدر يتكلم ويتناقش معاك بنفس صوت وطريقة الشخص المتوفي!

ده غير إن في شركة تانية اسمها إتيرنيمي (Eternime) تأسست سنة 2014، وبتشتغل دلوقتي على نفس التقنية دي، بس بشكل مذهل أكتر كمان من كده، وهدفهم هو إنهم يعملوا برنامج بيشتغل بالذكاء الاصطناعي تفضل أنت تغذيه بمعلومات عن نفسك وحياتك طول ما أنت عايش وعلى قد ما تقدر، عشان لما يحين وقتك وتموت، البرنامج ده يخلق نسخة افتراضية أو أفاتار (Avatar) منك، تقدر تتعامل مع الناس نيابة عنك كإنك لسه عايش!

تخيل أنت إيه اللي ممكن يحصل لما ييجي الوقت والتكنولوجيا دي تتحول لواقع بنعيشه كلنا، وتلاقي إن مفيش حد بيموت ويختفي من العالم، بل كلهم بيفضلوا موجودين في صورة روبوتات تقدر تتعامل معاها وتتكلم معاها، وحتى تسألها عن ذكرياتها وآراءها وتجاوبك على أسئلتك كإنها الشخص نفسه!

روبوتات جديدة تعيد الأموات إلى الحياة إلكترونيا

روبوتات الدردشةبالظبط كإنك عايش جوة حلقة في مسلسل (Black Mirror)، وبالمناسبة كان في حلقة في الموسم التاني اسمها (Be Right Back)، كانت بتتكلم عن واحدة اسمها مارثا بتشترك في خدمة تكنولوجية غريبة بتخليها تقدر تتواصل مع روبوت محادثات عنده نفس شخصية وذكريات صديقها المتوفي، وتتكلم معاه من خلال الرسايل النصية على الموبايل!

تخيل إن دلوقتي في عالمنا الحقيقي هنبدأ نشوف التكنولوجيا دي فعلًا، وكلها مسألة وقت قبل ما تتحول لواقع وحقيقة، وأكيد هتنتشر عشان البشر كلهم بيكرهوا الموت وبيخافوا منه، و99% منهم ممكن يدفعوا كل ثروتهم في سبيل إنهم يعيشوا سنين إضافية، أو تفضل ذكراهم حية في نفوس الناس اللي حواليهم.

تفتكر هتحب الناس تفضل فاكراك بالصورة الرقمية دي لما تموت؟

مقالات ذات صلة:

مزرعتك على موبايلك

الميتافيرس والأزمة الوجودية

الأحياء الأموات

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*********

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. محمود علام

كاتب روائي وباحث، وسيناريست