مقالات

رغم أنها محزنة، تحكي عن كارثة في مجتمعاتنا

منذ بضعة أيام سمعت قصة مضحكة، ولا أعلم إن كانت صحيحة أو مبالغًا فيها، لكنني حين سمعتها لم أستطع منع نفسي من الضحك. رغم أنها تعد محزنة، وتحكي عن كارثة في مجتمعاتنا!

تحكي القصة عن رجل تزوج امرأة، وبعد الزواج نظر إلى عروسه الجديدة بعد أن غسلت وجهها، فوجد كائنًا مرعبًا!

كائن بلا رموش ولا حواجب. وبعد أن تسبب الماء في غسل الدهانات والبويات، وأزالت الألوان الصناعية والدهانات والكريمات للجلد والعين والشعر والفم والوجه، وغيرت الملابس التي تخفي عيوب جسدها، وجد كائنًا مخيفًا.

كائن يختلف تمامًا عن الكائن الذي كان يقابله قبل الخطوبة وفي أثنائها، حتى الصوت الرقيق تحول في أذنيه إلى صفارة من الصراخ تؤذي الأذنين. بعد بضعة أسابيع انكشفت بقية الخدعة في الحقن والشد والشفط والنفخ واللصق. ها ها ها!

أتخيل هذا الرجل العبيط بعد أن وجد هذا الكائن المخيف أمامه، وهو يبكي ويقول: “عايز ماما، عايز ماما، عايز أروح لأمي!”، ها ها ها!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لكن في الحقيقة، هذه القصة أو الحدوتة أو المبالغة، لها جذور واقعية صحيحة!

أولًا: كثير من النساء اليوم يعشن على أدوات التجميل والزينة، تحت شعار أن هذا يجعلها أجمل، وأكثر ثقة بنفسها أمام الناس، لأنها تهتم بشكلها أمام الأغراب، وليس شكلها أمام زوجها وأهل بيتها.

لكن في الحقيقة هذه السيدة التي تسعى لإخفاء عيوب جسدها، واستعراض شكل صناعي أمام الناس، هي في الحقيقة تظل تشعر بأنها قبيحة، وتظل تعرف في قلبها أنها تخفي شيئًا مخجلًا ومشينًا عن الآخرين، وتعيش طوال عمرها في قلق من أن يعرف الناس حقيقة شكلها.

هي سيدة لا تثق بنفسها، وتعتمد على أن يكون جمال شكلها وجاذبية جسدها رأس مالها في الحياة.

هي تعرف جيدًا أن هذا الرأس مال يتسرب بسرعة من بين يديها، إذ تبدأ التجاعيد في الجسد في المناطق المستورة (السيليوليت) مبكرًا، يتبعها ترهلات، يتبعها تراجع في نضارة بشرتها. وفي حين يبدأ تدهور جسد النساء مبكرًا، تكتشف أنها تحارب في حرب فاشلة، وعليها أن تغش الناس، لكن هذا لا يجعلها أكثر ثقة بنفسها، بل يجعلها أكثر خجلًا من شكلها الحقيقي، وأكثر خوفًا من انكشاف الخدعة وسقوط قناع الدهانات والبويات.

ثانيًا: المرأة الطبيعية تستر نفسها عن الأغراب، في حين تنكشف على الأقارب، والأقارب أو الزوج يكبر معها، ولا ينظر إليها أنها محض جسد ووجه. لكن ينظر إليها أنها إنسانة تشاركه قصة حياة وكفاح وذكريات، سكن له وهو سكن لها.

من ثم فإن ترهل جسدها التدريجي وتراجع جمالها، وعيوب جسدها الطبيعية. يتقبلها ويعيش معها بطبيعية وبساطة، لأنه عنده مثلها، ويراها بشرًا وإنسانًا وليس محض صورة في إعلان أو شيء على مواقع التواصل الاجتماعي أو ممثلة إغراء في الأفلام.

ثالثًا: الرأسمالية وعمل المرأة والنسوية وفلاتر مواقع التواصل الاجتماعي، صنعت أجيالًا من النساء يعتبرن أن استعراض أجسادهن وشكل وجوههن للأغراب شيء لا بد منه، وجعلت من الضروري والطبيعي أن تخفي عيوب جسدها، وهي كثيرة في نساء العالم كلهن، مما يصنع ملايين النساء غير الواثقات بأنفسهن، يعشن على تزوير شكلهن والخوف من انكشاف خدعتهن.

في حين قد تستطيع النجاح في هذا الغش على المدى القصير، فإن الرجال بعد قليل يكتشفون هذا التزوير والغش، ويتحول التأثير إلى العكس.

رابعًا: الخلاصة: أي امرأة تعتمد على استعراض وجهها ومؤخرتها وتعرية جسدها في لفت أنظار الرجال تنجح لفترة قصيرة جدًا، بعدها ينكشف المستور وتتحول إلى كتلة من اللحم والدهون والعضلات والعظام القبيحة، حتى التي تعتمد على عمليات التجميل ونفخ الصدر والمؤخرة وشفط وشد ولصق الشعر، إلخ، هذا كله ينكشف ولو بعد بضعة أشهر أو أسابيع.

هذا كله لا يجتذب غير الحثالة من الرجال! مما يحكم عليها بفشل مستمر ومتكرر في حياتها الشخصية والعاطفية والاجتماعية!

لكن المرأة التي تعتمد على روحها الجميلة وأخلاقها المحترمة وذكاء عقلها وطيبة قلبها هي التي تنجح في حياتها الشخصية وحياتها العامة على المدى الطويل، وتجتذب الرجل المحترم الذي يعرف قيمتها.

خامسًا: عزيزي الشاب عزيزي الرجل: أنصحك قبل أن يعجبك جمال فتاة أو امرأة أو زميلة وتنبهر بها، أنصحك أن تطلب منها أن تراها بعد غسيل وجهها، أو اخرج معها في مشوار طويل كي يتسبب العرق والإرهاق في كشف بعض من حقيقة شكلها!

اعزمها في حتة حر أو امشِ معاها مسافة طويلة علشان العرق يكشف شوية من البوية والدهانات والرموش الملزوقة.

أو أن تطلب من أمك أو أختك أن تراها دون مساحيق تجميل ورموش صناعية وحواجب مرسومة وملابس تداري بلاوي وتشوهات وعيوب جسدها، ستكتشف العجب العجاب!

كثير من الشباب اليوم يرى سيدة ويعجب بها ثم يكتشف كائنًا مخيفًا وراء الملابس والمساحيق.

كما أطالب شركات مواقع التواصل الاجتماعي بعمل فلاتر تكشف مساحيق التجميل والعدسات الملزوقة، تمامًا كما عملت فلاتر تغير شكل وجه النساء، وتبالغ في تجميله.

سادسًا: بعض الناس يأخذ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله” بطريقة حرفية، دون فهم المقصد والمعنى، فكل ما يفكرون به تغيير شكل الحواجب، أو ألفاظ الحديث.

في حين أن المقصود منه النساء اللواتي تخدعن الرجال بتلاعب التجميل كي ينخدع الرجل، ثم يكتشف عفريتًا فيما بعد.

كثير من النساء اليوم يشعرن بالخجل من شكلهن الحقيقي! جمال الجسد شيء نسبي، ويختلف من إنسان لآخر، ويتغير ويضيع بسرعة، لكن ما يبقى هو الأخلاق والدين والعقل والذكريات.

مقالات ذات صلة:

اللقطة التجميلية الزائفة!

قد يكون هذا الكلام مفزعًا بالنسبة لك

هكذا تغير دور الأسرة

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

_________________________________

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس