إنها لغة تعبيرية معرفية.. وليست فنونًا تشكيلية
كثيرًا ما نسمع فن الطفل والفن البدائي والفن الإفريقي إلخ، والحقيقة أنها لا ينطبق عليها اسم فن ومعايير الجمال وقيم الفن عند الكبار، إنها لغة تعبير عند الطفل وليست فنًا، فالطفل يعبر بالرسم أو التشكيل عن ما يعرفه وليس ما يراه، وهذه نظرية معروفة في علم النفس.
إنه نوع من التواصل مع المجتمع بما لا يستطيع أن يعبر عنه باللغة أو الكلام، إنها لغة، والجانب المعرفي يدرك به مستوى قدرته على التعبير، وتوصيل رسالته وهي من مقايس النمو العقلي للطفل.
وقد تناول هربرت ريد رسوم الأطفال من الناحية التشكيلية وقسمها إلى مراحل تطور ونمو مرتبطة بالعمر الزمني ونموه المعرفي، وتناول الجانب النفسي فيكتور لونفيلد، وقسم هذا إلى مراحل أيضًا، لتحليل الجانب النفسي المعرفي عند الطفل وتفسيره وتحليله.
ما وراء رسوم الأطفال
فالطفل عندما يرسم أمًا حاملًا ويرسم الجنين مرئيًا في بطنها إنه جانب تعبيري معرفي يريد أن يوصل هذه المعرفة أنه يدركها وهكذا، من سمات معروفة ومرصودة كالشفافية والمبالغة والسرد والتعدد والجمع بين الأمكنة والأزمنة في سطح اللوحة، وجد فيها الفنانون جانبًا من الحرية التي لم تكن لديهم بحكم الموهبة والدراسة واستفادوا منها في أعمالهم، أمثال بيكاسو، ماتيس، لمبراك، شاجال، بول كليه. نجد هذا في أعمال التكعيبين والتعبيريين والسيرياليين.
وهكذا عند الإنسان البدائي في أنحاء العالم كله وما عرف برسوم الكهوف وما تركها على أدواته وأمتعته في حياته اليومية قبل تكوين الحضارات، يعبر عن حاله وتفاعله وتواصله مع الطبيعة أنها جوانب معرفية، للدلالة المجازية لعناصر الطبيعة والقوى الخفية للتعبير عنها قبل نشأة اللغة، فكانت وسيلته في التعبير أنها لغة بصرية تشكيليًا، وليست تمثيلية لمحاكاة الطبيعة ونقلها، سبقت اللغة المنطوقة والمسموعة والمتفق عليها عند كل مجموعة بشرية، ويصبح لها أصول وقواعد وتصبح لغة عالمية وإنسانية في التواصل والتعارف ونقل الخبرات.
إنها لغة تشكيلية تعبيرية مرسومة أو مشكلة، تتقارب وتتشابه عند الطفل وعند الإنسان الأول أو ما يسمى بدائي أو فطري، تتشابه في الصياغة والعناصر، ولهذا المهتمون والمتخصصون بدراسة الفنون يدركون أن ما يرسمه الطفل ما هو إلا لغة تعبيرية، ولا تخضع للحكم الجمالي لفنون الكبار الفنانين والمبدعين.
مقالات ذات صلة:
الصورة الذهنية الإيجابية عن الذات لدى الأطفال
النمو ومهارات التفكير لدى الأطفال
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا
