مقالات

رسائل آينشتين الأخيرة!

image 2021 08 09 16 56 44 300x169 - رسائل آينشتين الأخيرة!

آلبرت آينشتين يستمع إلى الطبيب المُعالج له

ArQGSeP.png (PNG Image, 500 × 281 pixels). (2014, September 25). Retrieved October 12, 2020, from https://i.imgur.com/ArQGSeP.png

image 2021 08 09 16 58 32 300x201 - رسائل آينشتين الأخيرة!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

صورة لمكتب آينشتين تم التقاطها بعد ساعات من وفاته

The-day-einstein-died-02.jpg (JPEG Image, 611 × 640 pixels) [Photograph found in Princeton, New Jersey]. (n.d.). Retrieved October 12, 2020, from https://3.bp.blogspot.com/-JZ1LqdKAROU/WHEeByVf1fI/AAAAAAAChQk/f0lVuAWKbncDOb-y4uAiWbY1Jq2oMdK_ACLcB/s640/the-day-einstein-died-02.jpg (Originally photographed 1955, April 18)

صورتان لآلبرت آينشتين تستوقفاني بشدة، الأولى قبل وفاته مباشرة وهو يستمع إلى الطبيب المُعالج له، وقد جلس مُنكسرًا، ترتسم في عينيه مسحة حُزن تُثير كثيرًا من التساؤلات، والثانية لمكتبه بعد ساعاتٍ من وفاته في الثامن عشر من أبريل سنة 1955، حيث تظهر على اليمين إحدى دوريات الفلسفة!

لم يكن آينشتين –رغم عبقريته العلمية النادرة– عبقريًا في علاقاته الاجتماعية أو حياته الزوجية، بل كان فاشلاً ومُنطويًا وغامضًا وكارهًا لصخب الدهماء! وحين ذاع صيته بعد إعلان نظريته في النسبية، كان الناس يستوقفونه في الشوارع صارخين: بروفيسور آينشتين… بروفيسور آينشتين، فكان يُجيبهم: نعم، كثيرٌ من الناس يقولون إني أشبهه تمامًا!

حياة فوضوية لا يعرف نظامها إلا هو

وحين حصل على جائزة نوبل سنة 1921، كان يُطلب منه كثيرًا التحدث لوسائل الإعلام وإلقاء المحاضرات وقبول العديد من الجوائز، لكنه كان يرفض بإصرار، مؤكدًا أنه لا يرغب سوى في تركه بمفرده للقيام بعمله!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

كان رافضًا بشدة لشهرته، قانعًا بأن الوسيلة الوحيدة لتجنب التأثير الفاسد للثناء هو الاستمرار في العمل! كان شغوفًا بعزلته العلمية، واصفًا إياها بأنه أشبه ما تكون بُعزلة المتصوف أو العاشق؛ فالعمل الإبداعي لا يأتي من العقل فقط، بل ينبع أيضًا من القلب!

كان أثناء عمله أو حواراته يلتهم الطعام بلا مبالاة، ويُدخن بشراهة غير عابئ بنصائح الأطباء، لدرجة أنه أثناء حظر أطبائه للتدخين عليه، وعندما ذهب إلى معهد الدراسات المتقدمة في برينستون -حيث كان يعمل منذ سنة 1933- التقط أعقاب السجائر من الشارع وملأ غليونه بقطع من التبغ المهمل!

كانت تسود حياته الفوضى العارمة التي تنسج بداخله نظامًا لا يعرفه غيره، ورغم قسوته أحيانًا مع زوجتيه، إلا أنه أحب الأطفال لدرجة أنه كان يُهمل الرد على مئات وربما آلاف المراسلات سوى ما يتلقاه من الأطفال، وكأن عقله الضخم قد انطوى على طفل صغير!

في السابع عشر من أبريل سنة 1955، أدى تمدد الأوعية الدموية بالأبهر البطني إلى إصابة آينشتين بنزيف داخلي نُقل على أثره إلى مستشفى برينستون، لكنه رفض أية إجراءات طبية لإنقاذ حياته، قائلاً لطبيبه: أريد أن أرحل وقتما أريد… لا طعم لإطالة حياتي بشكلٍ مُصطنع، لقد أديت واجبي… حان وقت الرحيل… وسأفعل ذلك بأناقة!

وفي الساعات الأولى من صباح يوم الثامن عشر من أبريل، سمعته المُمرضة المناوبة ينطق ببضع كلمات باللغة الألمانية (لُغته الأم) لم تستطع فهمها، ثم مات آينشتين!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

قصة وفاة آينشتين وما تحمله من رسائل

تحمل قصة وفاة آينشتين والصورتان المرفقتان عدة رسائل؛ تتمثل الأولى في صدمة المجتمع العلمي والدولي إزاء فقدان كلماته الأخيرة، فلربما كانت أهم كلماته على الإطلاق! وكأن هذا الحدث بمثابة تذكير لكل من يعمد إلى تأجيل كلماته: إن كان لديك شيءٌ مهمٌ يُمكنك إخبار ذويك والعالم به فلتقله الآن، فقد لا تتسنى لك فرصة أخرى للبوح به!

أما الرسالة الثانية فتتجلى في مسحة الحُزن التي كست وجه آينشتين قبل موته، والتي اجتهد كثرة من الباحثين في تفسيرها: أهي لحظة ندم العالِم حين يتلقف الساسة ثمرات جهده لإراقة الدماء وحصد الأرواح؟ أم هي نوبة يأس المُفكر والمُبدع إزاء غباء الإنسان المُخيف واللا محدود؟ أم هي صدمة رؤية الحقيقة العارية وقد اقتربت بشدة؟!

أما الرسالة الثالثة والأخيرة فتحملها صورة مجلة الفلسفة على مكتبه، وأراها مُوجهة بصفة خاصة إلى كثرة من العلماء الذين استغرقتهم بحوثهم النظرية والعملية ونتائجها دون فهم أو تأمل لأبعادها الفلسفية؛ وكأنه يقول لهم أن اكتشافات العلم بدون فلسفة عمياء، والفلسفة بدون علم عرجاء!

تُرى كم كتابًا في الفلسفة قرأ أكثر علماء العرب، أو بالأحرى هل قرأ عالمٌ عربي كتابًا في الفلسفة عبر مسيرة حياته العلمية؟

الإجابة عن السؤال تفضح أرسخ وأهم أسباب تخلفنا!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

نيوتن عاريا!

عجينة الدكتور المسيري

العبقرية

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

أ. د. صلاح عثمان

أستاذ المنطق وفلسفة العلم – رئيس قسم الفلسفة – كلية الآداب – جامعة المنوفية

مقالات ذات صلة