ديب سيك

منذ بضع سنوات دخلت الصين في سباق تصنيع السيارات الكهربية وتطويرها مع أوروبا وأمريكا، وفازت الصين بجدارة وبأشواط طويلة. أصبحت تنتج سيارات كهربية أكثر تطورًا من السيارات الأوروبية والأمريكية، وأرخص وأكثر تقدمًا تكنولوجيًا.
حتى قررت أمريكا وأوروبا أنهم خسروا السباق ولا أمل في أن يسبقوا الصين في تكنولوجيا تصنيع السيارات الكهربية ولا في أسعارها، ولم يتبقَ إلا الحل الأحمق الوحيد، حلول ترامب الحمقاء! فرض مزيد من الجمارك والضرائب والعقوبات على السيارات المستوردة من الصين، كما يقول ترامب!
منذ بضع سنوات دخلت الصين في سباق مع الولايات المتحدة في غزو الفضاء وحققت ما لم تستطع الولايات المتحدة تحقيقه حتى اليوم، وهو الهبوط على الجانب المظلم من القمر! هي عملية معقدة لم تستطع الولايات المتحدة تحقيقها حتى اليوم.
ببساطة الولايات المتحدة والعالم يرسلون مركبات فضائية إلى أماكن يمكن رؤيتها بالعين بالتليسكوب، حتى لو أماكن بعيدة لكن يمكن مراقبة المركبة بالتليسكوبات.
في حين نجحت الصين في الهبوط على الجانب المظلم أو البعيد من القمر الذي لا يمكن مراقبته بالتليسكوبات. أيضًا نجحت الهند في تحقيق هبوط على أحد أقطاب القمر وهو ما تحاول الولايات المتحدة تحقيقه منذ سنوات وفشلت.
برامج الهند والصين الفضائية كلها تتكلف 1% من تكلفة برنامج الفضاء الأمريكي والأوروبي المبالغ فيهما بشدة!
الولايات المتحدة والذكاء الاصطناعي
منذ سنة 2023 حدثت طفرة في الذكاء الاصطناعي بظهور تشات جي بي تي، ومن بعده ظهرت الطفرة وانتشرت، وقال الجميع أن الولايات المتحدة تسيطر على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في العالم بلا منازع، وأصبحت الموضة والجميع يتكلم عن استعمال الذكاء الاصطناعي في كل شيء وأي شيء!
قرر ترامب أن يستثمر 500 مليار دولار في هذا المجال، واحتكار تصنيع الشرائح الرقيقة المتطورة مع شركة إنفيديا، وتجري الإمارات وراء الولايات المتحدة باستثمارات خيالية على أمل أن تقبل منحها برنامج ذكاء اصطناعي في ما يسمى مجموعة 42، وكذلك عديد من البلاد التابعة لأمريكا.
تطيبق ديب سيك
لكن منذ يومين نجحت شركة صغيرة من مدينة هانجشو الصينية في التفوق على شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية كلها في ما يسمى تطبيق ديب سيك (deepseek).
يتميز هذا التطبيق المتطور بأنه أعلى كثيرًا في القدرات والذكاء من تطبيقات الولايات المتحدة كلها، ومفتوح المصدر أيضًا. ليس هذا فقط، بل إن تكلفة بناء هذه الشركة الصينية وتطويرها لا تتعدى 5.6 مليون دولار، مقارنة بأوبن إي أي الأمريكية مثلًا 6 مليارات! يعني أكثر من مائة ضعف الميزانية!
استعملت الشركة الصينية شرائح إلكترونية أبسط كثيرًا، لا تستطيع الولايات المتحدة احتكارها أو منعها! وتجنبت الشركة الصينية استعمال الشرائح الرقيقة المتطورة التي تحتكرها الولايات المتحدة!
يعني حتى الذكاء الاصطناعي الذي قالت لنا أمريكا منذ سنتين أنها سوف تسيطر به على العالم سبقتها الصين فيه وببساطة شديدة وتكلفة بسيطة، وتحول الاختراع العملاق الأمريكي إلى شيء عادي بسيط للصين!
يقول كتاب لا مفر من الحرب (Destined for War: Can America and China Escape Thucydides’s Trap?) تأليف الكاتب السياسي غراهام تي أليسون: “إن أي قوة صاعدة تسيطر على الاقتصاد والعلم والمال، تحاول القوة القديمة إيقافها بالقوة العسكرية المتبقية”. القوة القديمة المتراجعة هي الولايات المتحدة، أما الصاعدة فهي الصين!
الدرس
الصين تسبق في المجالات العلمية والاقتصادية كلها وبسرعة كبيرة، أكبر من أوروبا وأمريكا.
من يستثمر في الولايات المتحدة اليوم يضيع أمواله على شعب كسول وحكومة مستغلة تبالغ في تقييم قيمة الخدمات التي تقدمها لشعبها وللعالم.
الولايات المتحدة وأوروبا متأخرتان اقتصاديًا وعلميًا، وشعبهما أصبح كسولًا وتعوّد على أن يعيش بالأموال التي يسرقها.
الحرب العسكرية لا مفر منها، قادمة لا محالة بين الصين وأمريكا، المسألة مسألة وقت!
في الوقت الذي تضيع الولايات المتحدة طاقتها ووقتها وثرواتها في حروب إسرائيل التافهة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، تحت شعارات ما يسمى الحرب على الإرهاب ومكافحة التطرف، تتطور الصين وبسرعة كبيرة.
ظاهرة ترامب الصوتية من الصراخ والتهديد لن تنكشف إلا حين تواجه تحديًا حقيقيًا، ويقف أحدهم ويرفض، يتبعه آخرون، فينكشف البناء القديم الهش المجوف!
في مرحلة التغيرات في موازين القوى، تتوفر فرصة كبيرة للدول الطموحة الناشئة كي تنهض وتتخلص من السيطرة القديمة وتصنع لنفسها مكانة محترمة، المهم هو الطموح، وقراءة الواقع بذكاء، والتخطيط واتخاذ خطوات صغيرة في الاتجاه الصحيح، والاستعداد للمغامرة وبناء تحالفات غير تقليدية.
مقالات ذات صلة:
الفن الرقمي والذكاء الاصطناعي والغباء البشري
سوءات المجتمع على تطبيق التيك توك
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا