أنا ضحية لماذا أعاني وحدي؟ وكل الناس منافقون يفكرون في أذيتي
دور الضحية !
أنا مظلوم، أنا الضحية والناس كثيرًا ما تتعدى على حقوقي ماديًا ومعنويًا، لماذا يحدث لي هذا من دون البشر؟ أنا أصبحت ضحيةً لكل من حولي.
كلهم مخادعون كاذبون منافقون، يفكرون كيف يؤذونني ويدمرونني، وأنا لا حول لي ولا قوة.
تلك الكلمات وشبيهاتها يتداولها من يعاني من تلك الأفكار السلبية والانهزامية التي تؤثر على تعاملاتهم مع الآخرين بالسلب في حياتهم بشكل يومي وفي الكثير من مواقفهم الحياتية.
فهو دائمًا وأبدا مظلوم، ومجنيٌ عليه، يستخدم المغالطة والتعميم ليبرر لنفسه أفعاله، وكأنها رد فعل لمن حوله، ولسوء تعاملهم معه. وإذا واجهناه بمنطق في الكلام، أو حاولنا توضيح الأمر له، ووضع الامور في نصابها الحقيقي؛ تهرّب وتملص وعاش دور الضحية.
أين المغالطة ؟
المغالطة هنا أسلوب ملتوي لتحريف الواقع، فهي لا تهدف للوصول للحقيقة، وإنما للتضليل والخداع، للانتصار على الخصم والهروب من قبول حجته، والإقرار بصحة قضيته، مهما بلغت درجة وضوح صدقها، وهو ما يتضمن معاني المكابرة والمعاندة والمشاغبة.
ويقوم الشخص هنا بالبحث عن علاقة بين أمرين، ويفسّر الأمر الأول على أنّه المسبب للثاني. مثلًا إذا قلت: “إنّك إذا زرعت شجرةً وأنت صغير، فكلما زاد عمرك زاد طول الشجرة، وبالتالي الشجرة تطول لأنك تكبر في العمر”. في هذا المثال ربطنا أمرين يزيدان في نفس الوقت ببعضهما، لكن ليس بالضرورة أن يكون سبب زيادة طول الشجرة هو زيادة عمر الإنسان، فكل منهما أمر مختلف، مع وجود رابط شكلي. فلا يجب بالضرورة أن يكون أحدهما مسببًا للآخر.
وهذا ما يحدث في أغلب الأحيان، حيث يربط هذا الشخص كل مصيبة أو خطأ أو تصرف جانح حدث له بالظروف، أو بمؤامرة ضده ممن حوله، أو بحظه السيء، أو بجهل الآخرين، أو…إلخ. ويظل يضع احتمالات وهمية بعيدة كل البعد عن الواقع، ودون محاولة منه لفهم الأسباب الحقيقية التي أدت لما يحدث له.
لماذا تسقط الغزالة ؟
تبلغ سرعة الغزالة حوالي تسعين كيلو متر في الساعة، بينما تبلغ سرعة الأسد حوالي ثمانية وخمسين كيلو متر في الساعة، ورغم ذلك في أغلب المطاردات تسقط الغزالة فريسة للأسد، والسبب أن الغزالة عندما تهرب تؤمن بأن الأسد مفترسها لا محالة، وأنها الضحية الضعيفة مقارنة بالأسد، خوفها من عدم النجاة يجعلها تكثر من الالتفات دومًا للوراء، من أجل تحديد المسافة التي تفصل بينها وبين الأسد، وهذه الالتفاتة القاتلة هي التي تؤثر على سرعتها، وتمكّن الأسد من اللحاق بها، ومن افتراسه لها.
كثيرًا ما نفعل مثل الغزالة في مواقف حياتنا، عندما نتعرض للمطاردة من قبل الأوهام والخرافات والمفروض والتراث المتعارف عليه، ومهما كنا أقوى وأكثر حجة نظل مثل الغزالة ننظر وراءنا، ونعترف بداخلنا بأنهم منتصرون، ونحن لا يد لنا في ذلك، ونعيش دور الضحية. دور الضحية التي لا حول لها ولا قوة، وكأنها مسلوبة الإرادة، وهذا غير صحيح، لديك إرادة ولديك عقل، فلتستخدمه، فكفانا استخداما للمغالطة في حياتنا.
وتبرز خطورة هذه الافكار على الإنسان في الكثير من الجوانب، فهي تجلب عليه الشقاء، وتفسد معاملاته، وتجعله دائمًا حزينًا، وتبعده عن طريق سعادته.
كيف نتخلص من العيش في دور الضحية ، ونتعامل بشكل أكثر واقعية؟
علينا أولًا فهم واقعنا وإدراكه بكل ما فيه من أخطاء وعيوب، وكذلك فهم حاجاتنا المادية والنفسية، ومحاسبة أنفسنا بأمانة، وبدون تهرب من مسؤوليتنا تجاه أفعالنا، وألا نبحث عن شماعة نعلق عليها فشلنا أو أخطاءنا، وألا نخاف الفشل، ونثق في قدراتنا جيدًا.
ليس خطأً أن تفشل، وإنما الخطأ ألا تتعلم أن تصنع من الفشل نجاحًا، بعد أن تدرك أسباب الفشل الحقيقية.
اقرأ أيضا:
صواب أم خطأ ؟ هل كل شئ حولنا يبدو منطقياً ؟
الكيان المادي الخانق .. كيف ينقذ الإنسان روحه ؟
العدو واحد.. فمن هو ؟ وما سبب تلك العداوة ؟ ومن المستفيد من وجوده ؟
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.
ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.