أشياء لا تشترى
هل عانيت يومًا من إحساسك “بخيبة الأمل وفقدان الثقة في نفسك” ومرارة الصدمات وضبابية الأيام وانهزام الذات أمام انكساراتها المتتالية؟!
تساؤل ساذج! وأسمعك تقول لي: “من منا لم تؤلمه تلك التناقضات الموجعة والخيبات المتتالية وهي مكون رئيس من مكونات حياتنا؟!”.
أقول لك: “لم يكن تساؤلي ساذجًا، ولم تكن إجابتك غير متوقعة، فقد نظرت إلى تساؤلي نظرة سطحية، لذا كانت إجابتك إجابة مباشرة سطحية على قدر فهمك المباشر الذي لم أقصده مطلقًا يا صديقي.
ما معنى خيبة الأمل؟
أنصت إليّ؛ دقق معي يا صديقي في مفرداتي وتأملها، تحديدًا (خيبة الأمل – انهزام الذات – انكساراتها المتتالية)، ودعني هنا أوضح لك ما أقصده بهدوء:
كثير من البشر يفقدون الثقة في أنفسهم أمام الأزمات وينبطحون انهزامًا أمام الصدمات ويفرون انكسارًا أمام العثرات، وتراهم أشباحًا يتحركون على الأرض، ملامحهم مشوهة وقواهم خائرة وعزائمهم منكسرة وطموحاتهم غدت ذليلة على أعتاب يأسهم، فمنهم:
- من “خذلته أحلامه” وفرت منه فرار المذعور الذي يلاحقه الموت، فغدا بائسًا يائسًا محطمًا.
- من “خاب ظنه” فيمن وثق به وانكسر قلبه انكسارًا موجعًا بعدما تجرع كأس الخذلان!
- من “هزمه ضعفه” وقلة حيلته ويأسه الكبير، واسودت الدنيا في عينيه وغدت ضيقة رغم اتساعها الكبير!
- من “عاقبته طيبته” وسذاجته في زمن النفاق فغدا ضحية طيبة قلبه يبكي على أطلال غبائه!
- من “قهره فشله” في أمر ما، فعشق الفشل وأدمن حبه وكره تكرار المحاولة واستعادة الذات!
- من “بنى قصوره على الرمال”، فتهاوت أمام عينيه!
- من “خانته ثقته” وخدعته طيبة قلبه الكبير!
- من “جعلك خيارًا عاشرًا” بعدما كنت تعتقد أنك لديه ملء سمعه وبصره سلطانًا على عرش قلبه!
كيف تتعامل مع خيبة الأمل؟
لهؤلاء كان التساؤل يا صديقي، من فقدوا الثقة في الحاضر وكبلتهم قيود الماضي بأغلال الانكسار وقادتهم أطلال يأسهم إلى قيعان سحيقة تعج بعفن المرارة وكدر الخذلان.
ولهم أقول يا صديقي:
- “اعشق فشلك” واعتن به، فهو وقود عزمك القادم ومصباح ليلك الطويل الذي يذكي نيران الإصرار بداخلك لتبدأ من جديد تتربع قدماك على أطلال يأسك.
- “اعشق انكسارك”، فهو مفتاح استعادة ذاتك المفقودة لتبدأ من جديد رحلة البحث عن الذات التي تعشقها أنت، التي قهرتها عندما سلمتها طواعية لظنونك الواهية وعشمك البعيد!
- “اعشق أحزانك”، فهي مرآتك الكاشفة التي تبصر فيها حقائق البشر دون رتوش ودون تلون ودون خداع!
- “اعشق يأسك”، فلولا مرارته ما تذوقت حلاوة الانتصار.
- “اعشق من تخلى عنك”، فلولاه ما أيقنت أنك تستطيع أن تستمتع بنعمة الاستغناء عمن كنت تعلق حياتك على أكتاف وجودهم الخادع!
- “اعشق دموعك” التي ذرفتها أنهارًا في ليلك الطويل حزنًا ووجعًا وانكسارًا وحنينًا لمن خذلك، واكتشفت أنك عار أمام نفسك تحتاج لرداء الكرامة يستر عورة انهزاماتك المتتالية!
- “اعشق من آثروا الرحيل”، إذ جعلوك تنعم بنعمة الاستكفاء والإحساس بالزهو عندما تتجرد من انهزامك وتخلع ثوب يأسك وترتدي عباءة اعتدادك بذاتك.
- “واعشق عزة نفسك” تلك الجوهرة المكنونة الرابضة في أعماقك، التي هي ملك لك وحدك وبها تسمو ذاتك من جديد محلقًا في سماء الكرامة متمتعًا ببعث جديد وعهد جديد.
باختصار:
عش لذاتك ومن أجلها واعتن بها ولا تمنحها سلعة رخيصة لمن لا يقدرونها، فهي أمانة في عنقك وصن الأمانة –يا صديقي– واعلم أنها أشياء عزيزة لا تشترى”.
مقالات ذات صلة:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا