خدعوك فقالوا عن (الزيادة السكانية )
تحدثنا فى المقال السابق عن الموارد ومن يدعى بأن الموارد هى السبب الرئيسى فى حدوث الجوع، ثم انتقلنا إلى الأسئلة التى قد تتبادر إلى ذهن البعض فيتجه بالقول؛ أنه حتى لو تم التوزيع العادل للموارد فهل ستكفى مع استمرار الزيادة السكانية أم لا ؟!
الزيادة السكانية والعمال والإنتاج
قد يثبت فى مخيلة البعض أنه كلما تضخمت الزيادة السكانية كلما زادت معدلات الاستهلاك.
ولكن ينظرون من جانب واحد فقط حيث أنه إذا ﻛﺎن وﺟﻮد ﻋﺪد أﻛﺜﺮ مما ﻳﺠﺐ ﻣﻦ اﻟـﻌـﻤـﺎل ﻟﻜﻞ ﻓﺪان؛ فإنه ﻳﻘﻒ ﺣﻘﺎ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻹﻧﺘﺎج!
إذن لماذا لا نجد ذلك ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺰراﻋﺔ أﻛﺜﺮ إﻧـﺘـﺎﺟـﻴـﺔ؟! ويتضح ذلك فى اليابان حيث أن اﻟـﻴـﺎﺑـﺎن وﺗـﺎﻳـﻮان وﻛـﻼﻫـﻤـﺎ ناجحتان زراﻋﻴﺎ بهما ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل ﻟﻜﻞ ﻓﺪان أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﻣﺎ ﻓﻲ الفلبين واﻟﻬـﻨـﺪ. وﻗﻴﻤﺔ إﻧﺘﺎج اﻟﻔﺪان ﻓﻲ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﺳﺒﻌﺔ أﺿﻌﺎف ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻓﻲ الفلبين وﻋﺸﺮة أﺿﻌﺎف ﻗﻴﻤﺘـﻪ ﻓـﻲ اﻟـﻬـﻨـد. بل إننا نجد ﻓﻲ الحقيقه ﻋـﻼﻗـﺔ ﻃـﺮدﻳـﺔ ﺑيـﻦ ﻋـﺪد اﻟــﻌــﻤــﺎل ﻓــﻲ وﺣــﺪة ﻣــﻦ اﻷرض وﻣﺴﺘﻮى الناتج اﻟﺰراﻋﻲ.
الزراع ووظائف جديدة فى الصناعة
إذا كانت الزراعة فى المناطق الريفية لا تستطيع تحمل المزيد من العمال والمزارعين؛ فلماذا إذن لا يذهب المزارعون إلى المدن وذلك من أجل خلق وظائف جديدة لهم توفر سد الاحتياج ؟!
كان هذا السؤال هو المدخل لهجرة الزراع المدن، وإهمال الأراضى الزراعية؛ حيث اتجه الكثير من الزراع من أجل الكسب إلى المدن، وازدهرت بذلك الثورة الصناعية، وتم الإهمال التام للأراضى الزراعية
ولكن كان يجب أن يتم الطرح بصيغة أخرى وهى (إذا كانت الزراعة فى المناطق الريفية لا تستطيع تحمل المزيد من العمال والمزارعين؛ فلماذا لا يتم استصلاح المزيد من الأراضى الصحراويه لاستيعاب العدد المتزايد من الزراع ؟!)
الزراعة ومدن العالم الثالث
ﻣﻦ المؤكد أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ما ﻳﺴﺎﻋﺪ ﺷﻌـﻮب اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻬﻢ ﻋﺎﺋﻼت ﻛﺒﻴﺮة أو ﻳﺰداد ﻓﻘﺮﻫﻢ وﺟﻮﻋﻬﻢ ﻛـﻠـﻤـﺎ ازداد عدد أطفالهم. ولكن يتجه البعض بالقول أنه كلما زاد حجم ﻋﺎﺋﻼت اﻟﻌﺎﻟﻢ الثالث؛ فإن ذلك ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﺒﻘﺎء ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ حيث أنه ﻳﻜﻮن ﻟﻬﻢ أﻃﻔﺎل ﻳﻜﺴﺒﻮن ﻃﻌﺎﻣﺎ أو دﺧﻼ إﺿﺎﻓﻴﺎ ﻟﻠﻌﺎﺋﻠـﺔ وﻳـﺘـﻴـﺤـﻮن ﺗﺄﻣﻴﻨﺎ أدﻧﻰ ﻟﻠﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻟﻶﺑﺎء.
ﻓﻔﻲ ﺳﻦ الخامسة واﻷرﺑﻌين ﻳﻜﻮن اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺪول المختلفه ﻋﺠـﺎﺋـﺰ وغير قادرين على توفير الدخل المناسب وﺑﺨﺪﻣﺎت ﻏﺬاﺋـﻴـﺔ وﻃـﺒـﻴـﺔ وﺻـﺤـﻴـﺔ ﻓـﻘـﻴـﺮة أو ﻏـﻴـﺮ ﻣـﻮﺟـﻮدة. وفى الدول شديدة الفقر يوقن اﻵﺑــﺎء ﺟــﻴــﺪا أن أﻃـﻔـﺎﻟـﻬـﻢ يموتون ﻋــﺎدة وﻳــﻜــﻮن إنجاب أﻃــﻔــﺎل إﺿﺎﻓﻴﻦ ﻫﻮ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻟﺰﻳﺎدة اﺣﺘﻤﺎل ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻨﻬﻢ.
خاتمة
إن اﻟﺒﺤﻮث اﻟﺘﻲ جرت ﺳﺎﻋﺪﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻓـﻬـﻢ أن اﻟﻬامشيين ﻟﻢ ﻳﻮﻟﺪوا ﻛﺬﻟﻚ وﻟﻢ ﻳﺴﺒﺒﻬﻢ اﻟﻨﺰوح الحتمى ﻣﻦ أرض ﻣﺤﺪودة أو الهجرة من البلاد الأشد فقرا وﻻ اﻟﻘﺪرة المحدوده ﻻﻗﺘﺼﺎد ﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻴﻌﺎب اﻟﻌﻤﺎل ﻓﻔﻲ انجلترا اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ واﺳﻜﺘﻠﻨﺪا اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، أدى ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام اﻷرض ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ ﻇﻬﻮر ﺑﺸﺮ أﻛﺜﺮ مما أدى إلى أنه قد ﻗﺮرت اﻷرﺳﺘﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻣﺎﻟﻜﺔ اﻷرض أن ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻷﻏﻨﺎم ﺳﺘﻜﻮن أﻛﺜﺮ رﺑﺤﺎ ﻣﻦ اﻟﺰراﻋﺔ.
وﻟﻜﻦ اﻷﻏﻨﺎم تحتاج إﻟﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷرض واﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺎة وﻫﻜﺬا ﺳُﻴـِّﺠـَﺖ اﻷرض وﻣُـﻨِـﻊَ آﻻف الفلاحين ﻣﻦ دﺧﻮﻟﻬﺎ وأما عن الزيادة السكانية ؛ فالصين هى خير مثال على ذلك ﺣـﻴـﺚ يـﺸـﺎرك ﻏـﺎﻟـﺒـﻴـﺔ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻣﺘﺨﺬﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﺮارات ﻓﻲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻠﺒﻴﺔ الموارد للاحتياجات. ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ﺗﻮﺟﺪ ﺳﻴﻄﺮة أﻛﺜﺮ ﻋﺪﻻ وﺗﻜﺎﻓﺆا ﻋﻠﻰ ﺛﺮوة اﻟﺒﻼد.
اقرأ أيضاً:
أخلاق الفرد وتأثيرها على نفسه وعلى مجتمعه – هل الأمر مؤثر فعلاً ؟