مقالات

حوار أفزعني

شاهدته أمس على قناة البي بي سي الدولية (طبعا مش البي بي سي العربية)، حوار يستضيف خبيرة الشؤون الإفريقية في المحطة للتعليق على تدخل فرنسا العسكري في جمهورية إفريقيا الوسطى، قالت إنه بعد نزول 150 جندي فرنسي فقط على الأرض توقف القتال، “وكل المتحاربين الأفارقة روحوا بيوتهم واستخبوا!”،

وتقارن بين هذا وبين قوات إفريقية في الصومال منذ 5 سنوات ولا يزال الصراع مستمرا، وإن عدد القوات الفرنسية التي تحتل مالي لا يتعدى 500 جندي! والكل يسمع الكلام، وجاء تعليق المذيع أنه مستغرب لهذه الطاعة والاستسلام للقوات الأجنبية الأوروبية، يقصد طبعا البيضاء.

هذا هو ما نتحدث عنه احتلال العقول، العقول التي تربت في مدارس الغرب فأصبحت مطيعة ومستأنسة لأسيادها، وأقصى أحلامها أن تاكل وتشرب وتقلد الغرب، تتنازل عن حريتها وهويتها، لا تفهم معنى مشروع مستقل أو منافس للغرب، لو عندنا مهندس عبقري لكنه مقتنع أن ألمانيا هي قمة الهندسة والمهندس الألماني هو أذكى مهندس، كيف لمهندس كهذا أن يسبق ألمانيا مهما توفرت له الإمكانات؟

أتذكر صديقا يعمل الآن أستاذا جامعيا في سويسرا أنه في مصر كان يرى الرجل الأبيض قويا وشجاعا في السينما، لذلك حين وصل مطار جينيف أول مرة في السبعينات تعجب أن هناك رجل أشقر ينظف الأرض ويرفع القمامة!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

في يوم ما خاطب جمال الدين الأفغاني الشعب الهندي متعجبا من استسلامه للاحتلال البريطاني في أواخر القرن التاسع عشر، فقال: “كيف تستسلمون لهذا الذل والاستغلال؟

لو تحول الشعب الهندي إلى ضفادع لأغرق الجزيرة البريطانية كلها، لو تحول إلى ذباب لأصاب الإنجليز بالصمم.”، لكنها الإرادة التي تنام وتستسلم بواسطة الإعلام والتعليم التابع للعدو، فينتج من يتنازل عن دينه وهويته وكرامته وحريته واستقلاله في سبيل فتات يطعم به نفسه وعياله، الحل في العدل والحرية والاستقلال، استقلال العقل سيعطينا استقلال المال والسياسة.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضاً:

الاغتراب والهوية

الغزو الثقافي وضياع المستقبل

ما بين العقل والإرادة

اضغط على الاعلان لو أعجبك

أ. د. خالد عماره

الاستاذ الدكتور خالد عماره طبيب جراحة العظام واستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس

مقالات ذات صلة