مقالات

حطام الصاروخ الصينى إلى أين؟

لحظات من القلق تنتاب البشرية مع كل دورة للصاروخ الصيني الشارد حول الأرض، بعد أن فقدت الصين السيطرة عليه عقب نجاح مهمته في نقل الكبسولة المركزية لبناء محطة الفضاء الجديدة “تيانخه” الصينية.

وبحسب شبكة “س إن إن” الإخبارية الأميركية، يوجد فوق الأرض “سحابة من الخردة” يزيد وزنها على 9 آلاف طن، أي ما يعادل وزن 720 حافلة مدرسية، تضم مئات الآلاف -وربما الملايين- من الأجسام التي تدور في مدار غير منضبط، بما في ذلك معززات الصواريخ المستهلكة والأقمار الاصطناعية “الميتة” وحطام العروض العسكرية للصواريخ المضادة للأقمار الاصطناعية.

وتتنافس وكالات الفضاء العالمية فيما بينها حول تحديد موعد ومكان سقوط حطام الصاروخ، حيث أشارت كافة التوقعات إلى احتمالية سقوط هذا الحطام فوق إحدى الدول العربية، مما أثار القلق لدى حكومات وشعوب المنطقة العربية بأسرها مما قد يسببه هذا الحطام من أضرار حالما سقط على أي دولة من الدول العربية، وكانت مصر والسودان من أكثر الدول العربية توقعا أن يسقط على أي منهما خلال الفترة القليلة القادمة، ولكن كل التوقعات الحالية للعديد من وكالات الفضاء خاصة الأمريكية تشير إلى أنه من المتوقع سقوط حطام الصاروخ في شمال السودان، نسأل الله السلامة لجميع دولنا العربية.

ليست المرة الأولى

ويمكننا القول بأنها ليست المرة الأولى التي يخرج فيها صاروخ عن السيطرة أو يكون هناك حطاما فضائيا لا يهدد كوكب الأرض والغلاف الجوى فقط وإنما يهدد الأقمار الصناعية نفسها أيضا.

وفي يوم الإثنين الموافق الثاني من يوليو عام 2018، كانت المركبة الفضائية «كرايوسات-2» تدور في مدارها كما هو معتاد، على ارتفاع يزيد قليلًا على 700 كيلومتر فوق سطح الأرض، لكن في ذلك اليوم أدرك مراقبو المهمة في وكالة الفضاء الأوروبية أنهم يواجهون مشكلة، فقد كانت قطعة من الحطام الفضائي تندفع بعنف خارج نطاق السيطرة باتجاه القمر الصناعي الذي تبلغ تكلفته 140 مليون يورو (ما يعادل 162 مليون دولار أمريكي)، والمخصَّص لمراقبة الجليد على سطح الأرض.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ومع تعقّب المهندسين لمسارَ الجسمين، أخذت احتمالات حدوث الاصطدام تتزايد رويدًا رويدًا، وهو ما أجبر مراقبي المهمة على التصرف، وفي التاسع من يوليو 2018، لجأت وكالة الفضاء الأوروبية إلى تشغيل محرِّكات الدفع في «كرايوسات-2» كي تدفع المركبة إلى مدارٍ أعلى، وبعدها بخمسين دقيقة فقط مرَّ الحطامُ متجاوزًا المركبة بسرعة صاروخية بلغت 4.1 كيلومتر في الثانية.

النفايات الفضائية وكيفية تنظيف الفضاء

ويعود القلق بشأن النفايات الفضائية إلى بداية حقبة الأقمار الصناعية، لكن عدد الأجسام التي تسبح في المدار يرتفع حاليًا بمعدلات سريعة، لدرجة دفعت الباحثين حاليًا لدراسة وسائل جديدة للتصدي للمشكلة، وتسعى فرق بحثية عديدة إلى تحسين الأساليب المستخدمة لتقييم الأجسام السابحة في المدار، كي يتمكن مشغّلو الأقمار الصناعية من العمل بكفاءة أكبر في الفضاء الذي يزداد ازدحامًا أكثر فأكثر مع مرور الوقت،

كذلك بدأ بعض الباحثين حاليًا في إعداد قاعدة بيانات هائلة تتضمن أفضل المعلومات الممكنة بشأن موقع كل جسم يسبح في المدار، كما يعمل باحثون آخرون على وضع تصنيفات للنفايات الفضائية، لتحديد كيفية قياس خواص الأجسام، مثل الشكل والحجم، كي يستطيع مشغّلو الأقمار الصناعية معرفة درجة خطورة الأجسام التي يمكن أن تعترض طريقهم، ويعمل العديد من الباحثين والمحققين على تحديد مدارات خاصة يمكن نقل الأقمار الصناعية إليها بعد انتهاء مهمتها، بحيث تحترق في الغلاف الجوي بسرعة، مما يساعد على تنظيف الفضاء.

ومن وجهة نظر كثيرين، فإن البديل لا يمكن تصوّره، فوقوع بضعة تصادمات خارجة عن السيطرة في الفضاء يمكن أن يُولّد قدرًا من الحطام يكفي لإطلاق طوفان هادر من الشظايا، مما سيجعل الفضاء القريب من الأرض غير صالح للاستخدام، وتقول كارولين فروه الباحثة في مجال ديناميكا الفضاء بجامعة بوردو في وست لافاييت بولاية إنديانا: “إذا استمرَّت الأمور على هذا النحو، فسنصل إلى نقطة اللا عودة.”

عملية توصيف الأجسام السابحة

ويمتلِئ الفضاء المحيط بكوكب الأرض بالأجسام الهامدة الخاملة، فنحو 95٪ من جميع الأجسام السابحة في المدار هي أقمار صناعية غير عاملة أو أجزاء من أقمار صناعية غير نشطة، لذا فعندما يتلقّى مشغّل قمر صناعي عامل تنبيهًا بشأن جسم يقع على مسار تصادمي، فسيكون من المفيد معرفة مدى خطورة الحطام المتّجه نحوه، تقول فروه: “مع التزايد المستمر في عدد تلك الأجسام، وعدم اليقين الذي يحيط بنا، فإنك تتلقى تحذيرات التصادم بلا نهاية”، (تمثل النيازك الدقيقة تهديدًا منفصلًا ولا يمكن تعقبها على الإطلاق).

ولتقييم خطر الاصطدام المتوقّع، يحتاج مشغّلو الأقمار الصناعية إلى معرفة طبيعة الجسم، لكن سجلات التعقّب لا تحتوي إلا على معلومات قليلة عن العديد من الأجسام، وفي تلك الحالات يستخدم الجيش وغيره من جهات التتبع الفضائي أجهزة التليسكوب لجمع المعلومات في الفترة القصيرة التي تسبق التصادم المحتمل.

وتعمل فروه وزملاؤها حاليًا -بالتعاون مع القوات الجوية- على تطوير أساليب للاكتشاف السريع للتفاصيل الخاصة بالأجسام السابحة في المدار، حتى عندما لا يتوافر عنها سوى القليل من المعلومات، فمثلًا، عن طريق دراسة انعكاس ضوء الشمس على جسم حين يمر من فوقنا، تستطيع أن تستنتج ما إذا كان الجسم مضطربًا أم مستقرًا، وهو دليل على ما إذا كان عاملًا أم لا، كما يجرِّب فريق فروه خوارزمية لتعلم الآلة يمكنها تسريع عملية توصيف الأجسام.

بمجرد أن يعرف الباحثون ما يتكون منه الجسم السابح في المدار، تتوافر لديهم عدة وسائل محتملة للحدِّ من التهديد الذي يسبّبه، وتنطوي بعض المقترحات المستمدَة من الخيال العلمي على استخدام المغناطيس لكنس النفايات الفضائية أو أشعة الليزر لإزالة أو إبعاد الحطام عن المدار.

لمزيد من التفاصيل يمكن الاطلاع على:

– ألكسندرا  ويتزي، نحو التغلب على مشكلة النفايات الفضائية، 2019.

– Nature research journal.

اقرأ أيضاً:

البحث عن الآخر الكوني!

رحلة إلى كوكب e707 الجديد بعد دمار كوكب الأرض

حقائق حول صاروخ الصين الخارج عن السيطرة 

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

أ. اسماء الشاعر

معلم أول لغة عربية بالأزهر الشريف