رسالة لكل زوج وزوجة
في الطب –مثل التجارة– عندنا قاعدة اسمها المكسب والخسارة، ماذا سيستفيد المريض؟ وما حجم الضرر الذي سوف يتعرض له؟!
نسبة الاستفادة والضرر من العلاج، هل المريض سيتعرض إلى مضاعفات أكثر من المرض نفسه لو أُجرِي هذا العلاج أو تلك الجراحة؟ أم العكس؟
هل مثلًا كل مريض يعاني ألمًا في الركبة يكون علاجه البتر؟ لا طبعًا!
في أغلب حالات الطلاق اليوم نجد الخسارة أكبر بكثير من المكسب، والضرر أكثر بكثير من العلاج! أصبح لدينا أي شخص يعاني مشكلة مع شريك الحياة، يصرخ ويقول إنها مشكلة لا يمكن الحياة معها ولا تطاق، ويطلب البتر! هذه القصة أصبحت منتشرة في بلادنا ومجتمعاتنا!
شاب يتزوج فتاة، وبعد بضع سنوات يحدث الطلاق!
حين تسأل أيًا من الطرفين عن السبب في انهيار البيت؟ تسمع تفاصيل كثيرة وربما مملة، مع حماس وعواطف مشحونة، وكلامًا عن عيوب الطرف الآخر وخطاياه، واستحالة استمرار الحياة معه!
أولًا:
أباؤنا، أجدادنا، أمهاتنا، الجدات، النساء والرجال كلهم في الماضي وجدوا وواجهوا العيوب نفسها في شريك الحياة، سواء خلافات أو أخطاء كبيرة أو صغيرة، لكن لم يكن الميل والاستعداد لهدم الأسرة سهل وبسيط كما هو الحال اليوم، لم تكن كلمة طلاق سهلة كما هي اليوم!
اليوم مع أي مشكلة: طلقني طلقني! إنتي طالق!
ثانيًا:
آباؤنا وأمهاتنا حين واجهوا هذه العيوب والمشكلات نفسها في شريك الحياة، صبروا واستمروا مع شريك الحياة، سواء من دماغهم أو حد عاقل في العائلة ضغط عليهم وأقنعهم بالاستمرار رغم العيوب والمشكلات والعواطف والغضب الذي يضخم الأمور والإحساس.
ثالثًا:
حين تسأل آباءنا وأمهاتنا بعد أن مرت الأيام والسنون سيقولون لك أنهم تخطوا هذه المرحلة، وأكملوا بناء بيتهم وأسرتهم وأولادهم، ومرت الحياة، ونجحوا في بناء أسرة سعيدة.
في حين من فشل ودخل في مشروع الانفصال والطلاق أكمل حياته في تعاسة ووحدة، أو اضطر للقبول بشريك حياة أقل في المواصفات، رجل مطلق أو زوجة ثانية أو مطلقة أو سيدة بمواصفات قليلة، القبول بأي شيء في محاولة الهروب من جحيم الوحدة.
رابعًا:
مع مرور السنين، ينظر الناس وراءهم ويتعجبون، كيف لهذه المشكلة (التي أصبحت تبدو تافهة في عيونهم) كيف لهذه المشكلة التافهة أن تؤدي إلى تدمير حياة وأسرة؟ الخسارة أكبر بكثير من المكسب.
خامسًا:
طبعًا لا ننفي دور الإعلام وغسيل المخ، وأخذ المشورة من جروبات الستات الفاضية، والنسويات الفاشلات اجتماعيًا وأسريًا، وتسهيل القوانين لتدمير الأسرة، وتسهيل الحرام وتعقيد الحلال وتخويف الناس من بناء أسرة والاستقرار والحياة الطبيعية المتزنة، مع تشجيع الصور غير الطبيعية للحياة.
سادسًا:
كلامي للنساء: تذكري تأثير الهرمونات على نفسيتك وتقلبات عواطفك، ولا تجعلي هذا يؤثر على حكمك للأمور.
كلامي للرجال والنساء: لا تجعل العند والإصرار يؤثر عليك في حكمك أو يمنعك من التراجع عن قرار خطأ، أو أن تستمر في الكذب على نفسك وعلى الآخرين وتصر على أنه كان قرارًا صحيحًا لا مفر منه، فهذه خرافة!
سابعًا:
في الطلاق الجميع خسران، الوحيد الذي يكسب هو المحامي، المرأة تخسر كثيرًا في قلبها ونفسيتها، والرجل أيضًا، الموضوع ليس فقط شوية عفش ومين يسكن الشقة والنفقة، الخسارة أبشع من كدا بكثير، وللطرفين، فضلًا عن الأبناء لو فيه أولاد!
الخلاصة:
كل بيت وأسرة لهم مشكلات ولهم لحظات سعيدة وأخرى تعيسة، وأوقات صفاء وأوقات مشكلات، عادي يعني!
لو رأيت تعاسة الناس بعد الطلاق، ستعرف أن العيوب والمشكلات كلها مع شريك حياتك لا تستحق، لو رأيت كمية الخسائر البشعة للطرفين، وللأطراف كلهم من الانفصال، ستشعر بالرعب، لكن الناس لا تتكلم ولا تصارح بالاعتراف بحماقتها وغبائها في هذا القرار، سواء بسبب العند أو بسبب الشعور بالعار.
لو سألت الناس بعد مرور بضعة سنوات من تخطي هذه المشكلات الرهيبة، سيقولون لك إنه من فضل الله عليهم أنهم لم يستمعوا لصوت الشيطان ويهدموا بيتهم.
البشر كلهم فيهم مزايا وعيوب، وكلنا بشر نخطئ ونصيب، الكمال لله وحده، فلا تهدم بيتك بسبب عيوب شريك الحياة أو أخطائه، فأنت أيضًا فيك عيوب ولك أخطاء، عليك أن تتعدى هذه الأزمة، كي تجد شريكًا لحياتك حين تكبر.
شريك يحمل معك ذكريات، ويكمل معك الطريق بحلوه ومره وبذكرياته الجميلة والمؤلمة، لا تصدق خرافة استحالة الحياة مع فلان، كله بيتغير، والزمن بيغير الناس كلها وأنت منهم.
لا تتعجل في الطلاق، لأن أغلب حالات الطلاق تكون الخسارة فيها أكبر من الفائدة، الطلاق مثل البتر، يكون استعماله في حالات نادرة جدًا جدًا جدًا، وشاذة، وأغلبكم أيها الأزواج والزوجات لا ينطبق عليكم هذه الحالة!
المكسب دائمًا من الطلاق أقل بكثير جدًا جدًا جدًا من الخسائر للطرفين.
مقالات ذات صلة:
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا