جهود الرومان لوضع تقويم لبداية العام الجديد
كان ملوك وقادة روما القديمة على وعي بأهمية وقيمة وضع تقويم لحياتهم، والتعريف بأيام وشهور العام، حتى يتسنى لهم معرفة أوقات حروبهم وأيام حصادهم وسلامهم. ولذلك فقد بذل بعض الملوك والقادة منهم، حتى الأسطوريين، جهدًا في ابتكار تقويم.
وقد بدأ الرومان وضع التقويم في عهد الملك الأسطوري رومولوس “Romulus” عام 753 ق.م، ناقلًا هذا التقويم عن اليونانيين الأقدمين. وفي هذا التقويم أسقط الرومان أيام الشتاء، والتي يكون فيها الجيش والحكومة في حالة خمول وكسل، ولذلك جعلوا عدد أيام العام 304 يوم، وعدد شهور العام عشرة.
وقد بدأ هذا التقويم لديهم بشهر مارس، وأطلقوا على هذا الشهر اسم مارتيوس “Martius”، واشتقوه من اسم إله الحرب مارس، خاصة وأن الرومان قد اعتادوا على استئناف نشاطهم الحربي وفتوحاتهم في هذا الوقت من كل عام.
وكان الشهر الثاني لديهم هو شهر أبريل، والذي كانوا يُطلقون عليه اسم أبريليس “Aprilis”، وهو يُشير إلى تفتح براعم الثمار، مما يعني قدوم فصل الربيع. وقد اشتقوا اسم هذا الشهر من الفعل اللاتيني يفتح أبيريو “apireo”.
بينما الشهرين الثالث والرابع فكانا يُعرفان باسم مايوس “Maius” ويونيوس “Junius”، وهما يحملان اسمي الربتين مايا “Maia” وجونو “Juno”، والأولى هي ربة الخصب والنماء والدفء.
ويرى بعض المفسرين أن اسم هذا الشهر الثالث قد تم اشتقاقه من الكلمة اللاتينية “maiores” والتي تعني كِبار السن الذين يتم الاحتفال بهم في هذا التقويم. بينما الاسم جونو فهو اسم الربة جونو زوجة رب الأرباب جوبيتر كبير الآلهة، ربة الزواج وشؤون المرأة، ويرى البعض أن اسم هذا الشهر مُشتق من الكلمة اللاتينية الشباب “juvenis”؛ حيث النشاط والزواج.
باقي الشهور العشرة
أما باقي الشهور العشرة فقد اشتقها الرومان من أعدادهم، وذلك بداية من الشهر الخامس وحتى العاشر. ومن ثم فقد كان الشهر الخامس عندهم يُعرف باسم كوينتيليس “Quintilis”، والسادس سيكستيليس “Sextilis”، والسابع Septem””، والثامن هو أوكتافوس “Octavus “، والتاسع نوفيم “novem” وأخيرا كان الشهر العاشر ديكيم “Decem”. وجعل الرومان عدد أيام ستة أشهر منها 30 يوما، بينما أربعة منها بلغ عدد أيامها 31 يوما.
ويرجع الفضل إلى ثاني ملك أسطوري للرومان، والمعروف باسم نوما بومبيليوس Numa Pompilius (715 –673 قبل الميلاد تقريبا)، في الاهتمام بوضع تقويم وترتيب لحياة الرومان، حيث أضاف شهري يناير وفبراير إلى الأشهر العشرة، وذلك ليتوافق هذا التقويم مع السنة الشمسية وزيادة العدد الإجمالي لأيام العام، حتى بلغت 354 يوم.
وقد اشتق الرومان اسم الشهر يناير من اسم إلههم يانوس “janus”، حارس البوابات، وكان يتم تصويره بوجهين ملتصقين، ينظر كل منهما في اتجاه، يرمز أحدهما إلى الماضي بتفاصيل وجهه العجوز، بينما يرمز الثاني للمستقبل بملامحه الشبابية المليئة بالحيوية.
بينما الشهر الجديد المُضاف “februarius” وهو فبرواليا ” februalia”، فقد اشتق الرومان اسمه من الكلمة اللاتينية “februa” والتي تعني التطهير، وكان الرومان في هذا التوقيت ينظمون مهرجانا عظيما بغرض التطهير والتكفير.
وفي القرن السابع أتى خامس الملوك الرومان، والمعروف باسم لوكيوس تاركوينيوس بريسكوس “Lucius Tarquinius Priscus” (616-579 قبل الميلاد) وجعل شهر يناير هو بداية العام؛ خاصة وأن هذا الشهر كان يحوي مهرجانا لإله البوابات، والذي صار إلها لكل البدايات فيما بعد، ولمزيد من التقويم للتقويم الروماني فقد أمر بريسكوس أيضا بإضافة شهر كل عامين لهذا التقويم وأطلق عليه اسم ميركيدينوس Mercedinus””، فزاد من عدد أيام العام.
وفي عهد الإمبراطور يوليوس قيصر “Julius Caesar” (100-44ق.م) تم نقل ووضع شهر فبراير بعد الشهر الثاني للعام، وتكريما لقيصر بعد وفاته فقد أطلق الرومان اسمه على أحد شهور العام، واستبدلوا اسم الشهر الخامس كوينتيليس “quintilis” باسمه يوليو. كما استبدلوا فى العام الثامن قبل الميلاد اسم الشهر السادس سيكيستيليس “sextilis” باسم أغسطس “augustus”؛ تكريما للأمبراطوس أوكتافيوس (63ق.م-14م)، والمعروف باسم أغسطس.
وهكذا جاء التقويم الروماني 355 يوما موزعة على اثني عشر شهرا، يحمل البعض منها أسماء آلهة أو ملوكا، والآخر لا يزال محتفظا باسمه العددي الترتيبي القديم، والذي يعكس جهود الرومان في ابتكار ووضع تقويم ينم لهم حياتهم، حتى صار تقويمًا لغالبية سكان الأرض حتى الآن.
اقرأ أيضاً:
تطور مهنة القضاء الواقف “المحاماة” في الحضارة اليونانية القديمة
دور حضارات الشرق القديمة في بناء الفكر الأخلاقي عند اليوناني
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا