مقالات

جائحة كورونا التحدي.. والاستجابة

"التعليم عن بُعد نموذجا"

بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد 2020/2021، نجد هناك اهتماما كبيرا من جميع دول العالم لمواجهة التحديات الناتجة عن تفشي فيروس كورونا خصوصا في مجال التعليم، خشية إحداث أزمة تعليمية عالمية، وهذا جعلنا نطرح سؤالا: ما مدى الاستجابة التي حققتها دول العالم في العملية التعليمية لمواجهة تحدي فيروس كورونا؟ هل الاستجابة ناجحة أم فاشلة؟

التحدي الأكبر للعالم

ما زال فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) COVID-19 يمثل التحدي الأكبر للعالم منذ الحرب العالمية الثانية، ولم لا وهي الجائحة التي غيرت شكل الحياة لجميع شعوب العالم، وخصوصا النظام التعليمي، فبطريقة فجائية ودون سابق إنذار وجدنا دول العالم تواجه هذه الجائحة بإغلاق المدارس وجميع المؤسسات التعليمية، وكان هذا بمثابة أكبر تحد Challenge واجهته أنظمة الحكم، حيث أسرعت كل دولة تدلي بدلوها وتقدم تجاربها للتغلب على تلك المعضلة، وأظهرت هذه الأزمة مدى الاستجابة Response التي قدمتها المنظمات الدولية سواء بالسلب أو بالإيجاب.

أسفر تحدي كورونا، عن إحداث ثورة وطفرة كبيرة في مجال التعليم، حيث تم إعادة النظر في شكل النظام التعليمي ككل، سواء طريقة التدريس أو المناهج التدريسية أو المستقبل الذي ينتظره الطلاب، ما يُعرف بجيل كورونا.

من مظاهر الطفرة التعليمية

ومن مظاهر هذه الطفرة التعليمية، ما  قامت به منظمة اليونسكو UNESCO بوضع مجموعة من البرامج التي تساعد التعلم عن بعد، بعيدا عن طريقة التعليم الكلاسيكية من صفوف وقاعات وغيرها، ومن هذه البرامج على سبيل المثال لا الحصر، تطبيق ” بلاك بورد” Black Board، وهو تطبيق يعتمد على التواصل مع الطلاب من خلال بيئة افتراضية، وتصميم المقررات والاختبارات وتصحيحها إليكترونيا، وكذلك منصة ” إدمودو” Edmodo، وهي منصة توفر للمعلمين والطلاب تبادل المحتوى العلمي وتطبيقاته الرقمية، وبرنامج ميكروسوفت تيمزMicrosoft Teams، وغيرها من المنصات التي استطاعت أن تحدث طفرة في العملية التعليمية.

أسفرت هذه الاستجابة من جانب المؤسسات الدولية عن تغيير أسلوب التعليم من أسلوب التلقين إلى الأسلوب التفاعلي، مصحوبا بمؤثرات بصرية وسمعية، جعلت من العملية التعليمية الجامدة عملية مرنة وأكثر جذبا.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وفي الحقيقة أن جيل الطلاب الذي يعاصر جائحة كورونا، يساهم بجزء كبير في نجاح – إلى حد ما- تجربة التعليم عن بعد، ومن أهم ملامح هذا النجاح مدى التفاعل – غير المتوقع – مع منصات التعليم عن بعد، مما حفز الحكومات لأن تفعل وتقر نظام التعليم عن بعد، بل شجع المؤسسات العالمية لأن تستحدث منصات وبرامج مختلفة جديدة، ويرجع هذا إلى أن هذا الجيل، هو جيل العولمة، حيث تشكل التكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، جزءا رئيسا من حياته اليومية.

هل الاستجابة ناجحة أم فاشلة؟

ليس من الإنصاف أن نحكم الآن على مدى الاستجابة إذا كانت ناجحة أو فاشلة، ولكن هناك مؤشرات تبين أن ملامح النجاح تظهر في استمرار العملية التعليمية، من شرح للمناهج وتصميم الاختبارات وانتقال الطلاب من مرحلة إلى أخرى، ما نريد أن نقوله إن العملية  التعليمة لم تتوقف، بل جعل الحكومات والمؤسسات أن تستحدث برامجا ومنصات أخرى تواكب هذا التغيير المفاجئ في المجال التعليمي.

ويرجع السبب الذي يجعلنا لا نقر بأن استجابة الحكومات ناجحة أن ما يُعرف بجيل كورونا الذي سيطبق عليه نظام التعليم عن بعد منذ مراحل التعليم الأولى، لم يتخرج بعد، فهناك معضلات ستواجهها الحكومات بعد تخرج جيل كورونا إلى سوق العمل مثل نوعية الوظائف التي ينتظرها هذا الجيل، هل ستقوم  الحكومات بتوفير وظائف غير تقليدية لهذا الجيل؟ فوفقا لتقرير شركة ” ديل  تكنولوجيز” Dell Technologies  جاء فيه أن 85% من  الوظائف التي ينتظرها جيل الألفية في عام 2030 لم تظهر بعد، ووفقا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي ورد فيه أن 65% من أطفال المدارس الابتدائية اليوم سوف يعملون في أنماط عمل لم تنشأ بعد.

أي أن تقييم تجربة التعليم عن بعد له عدة معايير تجعلنا من خلالها نستنبط مدى نجاح أو فشل النظم الحاكمة لمواجهة هذا التحدي، ومن هذه المعايير استمرار العملية الدراسية دون تعطيل، ثم المحتوى الدراسي الذي يُقدم للطلاب، ومدى استيعاب الطلاب لهذا المحتوى، ثم مرحلة أخيرة مدى توافق المحتوى الدراسي مع طبيعة سوق العمل.

وأخيرا هل نجاح تجربة التعليم عن بعد سيترتب عليها تطبيق تجربة العمل عن بعد؟

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضاً:

التعليم في العصر الرقمي

لماذا التعليم؟

الكورونا والمدارس

د. على متولي أحمد

مدرس التاريخ الحديث والمعاصر كلية الآداب- جامعة السويس