مقالات

ثم ماذا بعد؟ – الجزء الأول

عن مؤتمرات البيئة

في عام 1972 كانت البداية مع أول مؤتمر عالمي للبيئة الذي عرف بمؤتمر ستوكهولم أو مؤتمر البيئة البشرية برعاية الأمم المتحدة، والذي كان يهدف لوضع تصور أساسي مشترك بين الدول يتعلق بكيفية الحفاظ على البيئة البشرية وتعزيزها،

ثم في نفس العام اعتمد يوم 5 يونيو كيوم عالمي للبيئة، ثم استمرت السلسلة فانطلقت المؤتمرات الدولية واللجان المتخصصة وغيرها المعنية بشؤون البيئة، مثل اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية 1987،

مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية 1992، دورة الجمعية العامة الاستثنائية المكرسة للبيئة 1997، مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة 2002، مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2012،

اليوم العالمي للتوعية بالفاقد والمهدر من الأغذية 2020، المؤتمر العالمي الثالث لبرنامج النظم الغذائية المستدامة 2020 ومؤتمر قمة التكيف مع تغير المناخ 2021، والقائمة تطول كثيرًا، بالإضافة إلى ما سيتم عقده في المستقبل.

في عام 2019 قامت السيدة/ جويس مسويا (المديرة التنفيذية للأمم المتحدة للبيئة) بتوجيه دعوة ملحة تفيد بأن الوقت ينفد وقالت: “لقد تخطينا مرحلة التعهدات والمناورات السياسية. لقد تخطينا الالتزامات مع القليل من الشعور بالمساءلة. والأمر المعرض للخطر هنا هو الحياة والمجتمع، كما يعرفها معظمنا ويتمتع بها اليوم“.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وجه مقرر الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان والبيئة السيد/ ديفيد بويد دعوة لعدم استخدام جائحة كورونا كذريعة للتراخي في تطبيق قوانين حماية البيئة، وذلك بعد إعلان عدة حكومات عن خطط لخفض المعايير البيئية بهدف تقليل تكاليف الإنتاج ومواجهة الآثار السلبية للوباء على الاقتصاد.

أحزاب اهتمت اهتمت بتقليل التلوث

ظهرت العديد من الأحزاب المعروفة بـأحزاب الخضر، وهي أحزاب يسارية/ اشتراكية في أغلبها، كما ينتمي البعض منها لليمين أو الوسط لكنها تشترك في اهتمامها بتقليل التلوث، طرق الإنتاج الصديقة للبيئة، وزراعة الأشجار.

تنتشر هذه الأحزاب في الدول الصناعية مثل فرنسا وألمانيا وغيرها، كذلك يوجد حزب الخضر المصري الذي تأسس عام 1990 بهدف الحفاظ على البيئة، مواجهة الفقر وغزو الصحراء، وبالتالي تحقيق نقلة حضارية شاملة.

وقع عام 2021 ممثلون عن الأديان حول العالم ولجنة من العلماء على نداء مشترك بعنوان (الإيمان والعلم: نحو مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي COP26)، وذلك خلال لقاء عقد في الفاتيكان بحضور البابا فرنسيس، شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب، ممثلين عن طوائف مسيحية عدّة،

ممثلين عن المسلمين الشيعة، ممثلين عن الديانات اليهودية، الهندوسية، السيخية، البوذية، الكونفوشيوسية، الطاوية، الزرادشتية، الجاينية وغيرها، استشعارًا من المؤسسات الدينية لمسؤوليتها الأخلاقية في حماية (خليقة الله) والاتجاه نحو عالم أكثر مساواة لا يتحمل فيه الفقراء تبعات عدم تغلب الدول الغنية على تدهور المناخ.

كلمة شيخ الأزهر أمام ممثلي الأديان (المصدر: PAUL HARING/VATICAN POOL- CORBIS)

هذا بالإضافة إلى عديد من الكتب، الندوات، النشطاء، المبادرات، الجمعيات وغيرها مما يتعلق بالبيئة.

هل تم القضاء على التلوث؟

ماذا بعد 50 عاما منذ انطلاق أول مؤتمر بيئي عالمي عام 1972؟ هل تم القضاء على التلوث؟ –أقول القضاء وليس تقليل أو محاولة التعايش وتخفيف الأضرار لأن هذا لن يجدي نفعًا– الإجابة واضحة للعيان، فنحن نرى أن التلوث يزداد، كما حدثت ظواهر بيئية لم تكن موجودة من قبل، مثل فيضانات ألمانيا وتونس، جفاف بعض المناطق في أوكرانيا، إعصار شاهين في عمان والإمارت وغيرها،

مع زيادة انتشار أمراض كالسرطان والفشل الكلوي وأمراض الجهاز العصبي والكوليرا، إضافة إلى زيادة عدد الجوعى لنقص إنتاج الغذاء بسبب تدهور الأراضي، ماذا جنينا؟ لم يبقَ الحال كما هو عليه منذ 1972 بل ازداد سوءًا، كما أنه مرشح لمزيد من التدهور، دون التقليل من الأهمية الكبيرة لما سبق لكنه غير كافٍ بالمرة، لماذا؟

وللإجابة نقول أن الإنسان منذ أن خلقه الله تعالى يتحرك في معادلة من طرفين: رغبة – رهبة، رغبة في الحصول على منفعة ما أو رهبة من ضرر معين، ولأنه –سبحانه وتعالى– هو الأدرى بالإنسان من نفسه يقول تعالى: “ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير” صدق الله العظيم، فقد خلق جنة ونارًا أي رغبة ورهبة.

كذلك الدول تتحرك وفقًا لمصالحها فلن يتم التحرك الجدي نحو القضاء على التلوث إلا حينما تكون هناك فائدة أو ضرر مباشر،

وبناءً عليه يمكن اقتراح بعض الحلول كما يلي:

  • قيام دول مجموعة الـ 20 بعمل شراكات مع الدول النامية والفقيرة بهدف توفيق أوضاع منشآتها مع الضوابط البيئية وفق التزامات قانونية تحمل الفائدة للطرفين.
  • يمكن استحداث نظام مكافآت دولي مثل نظام الكربون، فمثلًا يمكن إسقاط الديون أو الحصول على القروض بصورة ميسرة عند الالتزام بمقتضيات حماية البيئة وفق بنود واضحة، فمثلًا عند خفض انبعاثات الكربون بنسبة معينة يقابلها خفض بمقدار معين من الديون وهكذا.
  • إعفاء المشروعات التي تراعي الاشتراطات البيئية من الضرائب.
  • المشروعات البيئية مثل تدوير النفايات أو مصادر الطاقة المتجددة تعفى تمامًا من الضرائب بل يمكن دعمها.
  • تسهيل إجراءات تسجيل براءات الاختراع ذات الأثر البيئي.
  • إنشاء مناطق بيئية دولية تشمل دولتين أو أكثر مثل جنوب المتوسط، وسط آسيا وهكذا، تتعاون فيما بينها لتقليل التلوث (ثم القضاء عليه) وفق آليات معينة، مثل إقامة مصنع لتدوير النفايات الصلبة في دولة وتقوم دولة أخرى بإنشاء مولدات لطاقة الرياح ضمن جدول زمني معين.
  • تدشين حملة دولية مستمرة سنويًا لتنظيف البحار والمحيطات تساهم بها الدول بالسفن أو التمويل أو الأجهزة والمعدات كل حسب إمكانياته.

المصادر:

  • مكتبة داج همرشولد.
  • برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
  • أخبار الأمم المتحدة.
  • بي بي سي عربي.
  • موسوعة ويكيبيديا.

اقرأ أيضاً:

الأبعاد الجمالية لأخلاقيات البيئة

احذروا إنه يذوب

مدن سنة ٢٠٣٠

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

*****************

لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا

لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا

محمد طنطاوي

مدرس كيمياء الأراضي كلية الزراعة جامعة الأزهر أسيوط