ثقافة التغيير بين النظرة السطحية والنظرة العقلانية – الجزء الثاني
تعرضنا في المقال السابق للنظرة السطحية لمشكلة التغيير، وفي هذا المقال سنحاول عرض النظرة الصحيحة (العقلانية) لمعالجة المشاكل بصفة عامة ومشكلة التغيير بصفة خاصة.
يجب التوضيح أن الذين يريدون إلقاء نظرة صحيحة وعميقة حول عملية التغيير وحل المشكلات في حياتنا، لابد أن يدركوا أن لمعالجة تلك المشكلات مقدمات منطقية من أهمها استئصال الفهم السطحي والنظر بعمق حول ما نتعرض له من مشكلات
فعملية التغيير التي يرغب الإنسان في حدوثها سواء في السلوكيات أو في بعض العقبات التي يتعرض لها يجب أن يسبقها هذا الفهم العميق لطبيعة الإنسان نفسه وطبيعة الظروف المحيطة به ومدى توافر الإمكانيات المساعدة للتغلب على المشكلات.
النظرة السطحية للزواج وخطورتها على الحياة الأسرية
فمن يتعرض لبعض المشكلات الاسرية مع الزوجة على سبيل المثال يجب أن يتمتع بقدر من الفهم الصحيح حول طبيعة تلك المشكلات من قبيل أنها لم تظهر بدون سبب معين، وأن من أسباب الخلاف نظرة الطرفين للموضوع نظرة مختلفة،
وأن يجنب تفكيره تلك المقولات الشائعة في المجتمع وبين الناس بأن الزوجات من طبيعتهم إثارة المشاكل دون دخل للرجال في إيجاد المشكلات، كما يجب أن ندرك أن المشكلات لا تحل دون تدخل منا لحلها وأن ترك المشكلات دون حل هو مقدمة لمشكلات أكبر وأكثر تعقيداً
أن اكبر المشكلات التي تواجه الحياة الزوجية في عالمنا الحالي مرتبطة ارتباط وثيق بتلك النظرة السطحية للزواج نفسه دون تعمق في فهم طبيعة هذا الارتباط الوثيق بين طرفين،
فتلك العلاقة يجب أن يكون عمادها المودة والرحمة والالتزام بالصدق في المعاملة وتجنب الخداع والخيانة ومساعدة كل طرف الطرف الاخر على الرقي بنفسه، ليس الزواج مجرد انفعال عاطفي وحسب أو رغبة في قضاء بعض الاحتياجات الطبيعية فقط بل هو أهم واكبر من ذلك بكثير،
فالزواج بتلك النظرة السطحية هو ذلك الزواج القائم بدون مبدأ وغاية واضحة وصحيحة، فلا يعرف كل طرف حقوق الاخر وكيف يقيم حياة زوجية سليمة بل هو ذلك الزواج القائم على بعض المبادئ العامة دون فهم صحيح من قبيل “ظل راجل ولا ظل حيطة” أو خوفا من العنوسة أو رغبة بعض الرجال في اقتناء خادمة تقدمة له خدمة مميزة …….
لذلك نجد إن من السلبيات الواضحة للنظرة السطحية للمشكلات هو غياب الفهم الواضح لحقيقة وضعنا الحالي وطبيعة المشكلات التي نمر بها وكيفية تغيير الوضع القائم، وينطبق ذلك بوضح علي أغلب المشكلات الزوجية من سوء اختيار في بداية الأمر مرور بسوء الفهم لطبيعة الحياة الزوجية من تحمل المسؤوليات والواجبات على كلا الطرفين وغيرها من الواجبات والحقوق، كذلك عند ظهور المشكلات نجد كل طرف يلقي بالمسؤولية على الطرف الأخر دون البحث عن أسباب المشكلة الحقيقة والعمل سويا على حلها.
أهم مقدمات التغيير وفق النظرة العقلية
لذلك نجد أن من أهم مقدمات التغيير وفق النظرة العقلية السليمة بعد الفهم الصحيح هو الاعتراض على الوضع الموجود فهذا الاعتراض يعد ضروري لتوليد الشعور بالمشكلة وبدء العمل على إيجاد حلول مناسبة لها،
فمن لا يعترض على وضع غير سليم هو بحال من الأحوال راضي بهذا الوضع بل قد يكون عدم اعتراضه سببا في بقاء المشكلات نفسها وتفاقمها .
فالاعتراض على الوضع الغير سليم يجب أن يتبعه عداء صريح لهذا الوضع الذي تسبب في تلك المشاكل فالاعتراض وحده لا يكفي بل هو مقدمة للعداء،
من يريد التغيير الحقيقي يجب أن يكون من أهل الحب والبغض فهو لا ينظر إلى جميع الأمور بنفس الدرجة بل يميز بين من يجب العداء معهم سواء كان هذا العداء مع رغبات النفس التي لا تنتهي أو العداء مع بعض الأفكار السطحية عن الحياة الزوجية أو الاسرية أو العداء مع بعض السلوكيات الخطأ في حياتنا عموما،
فعلى الرغم من اعتراض الكثير على اغلب العادات السيئة الا أن القليل فقط من يأخذ نهج العداء مع تلك العادات لذلك نجد أن العداء بعد الاعتراض يعد من النظرة العقلانية الصحيحة للتغيير بشكل عام .
وهنا يجب التأكيد على أن بعض افات الاعتراض تكمن في المبالغة والغلو وذلك في الافراط في تقدير سوء الوضع القائم لبعض المشكلات وعدم رؤية الجوانب الإيجابية مما يسبب حالة من اليأس في إحداث تعيير إيجابي
من الاعتراض والعداء يأتي معرفة الوضع المراد الوصول إليه بمعني معرفة الوضع الذي يمكننا أن نعيشه لكننا لا نتمتع به اليوم لوجود المشكلات، حيث تمثل تلك المعرفة الأرضية المناسبة التي سيعمل عليه الإنسان لعملية التغيير فعدم معرفة ما نريد الوصول إليه يعد عقبة في حد ذاته يعرقل اغلب جهودنا في تحقيق تغيير حقيقي في حياتنا فالرغبة دون العلم كالسير بدون خارطة .
اقرأ أيضاً:
الزواج بين صناعة الأزمة والبكاء على اللبن المسكوب
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا