مقالات

تنظيف الهواء – هل يصلح العلم ما أفسده العلم؟

يبدو أن مشكلة تلوث الهواء قد أصبحت عصية على الحل، فلا الدول المتقدمة تريد التخلي عن ريادتها الصناعية والتكنولوجية، ولا الأفراد مستعدون لترك ما اعتادوه من أنماط حياة استهلاكية ملوثة للبيئة بالضرورة، ومن ثم فقد أصبح الالتزام باتفاقيات المناخ ضربا من الخيال، لا سيما وأنها اختيارية أي لا توجد قوة ملزمة لها، وحتى من التزم بها فلن يسلم من الأضرار التي يتسبب بها غير الملتزم فنحن نعيش على كوكب واحد، فما الحل إذن؟

احتجاز ثاني أكسيد الكربون

أقدم وأسهل تقنية لحجز ثاني أكسيد الكربون هي ببساطة زراعة الأشجار والتي تحتجز الغاز داخلها (من خلال تكوين الكربوهيدرات أثناء عملية البناء الضوئي)، لكننا نحتاج لمساحات شاسعة لزراعة ما يكفي من الأشجار لمواجهة الانبعاثات السنوية العالمية من ثاني أكسيد الكربون والتي تعادل 36 جيجا طن أي 36 مليار طن، وهذا بالطبع غير منطقي وبالتالي اتجه تفكير الإنسان لإيجاد حل آخر.

محطات احتجاز الكربون

لماذا نحتاج للأشجار إن كنا نستطيع فعلها بأنفسنا؟ انطلاقا من هذا الأساس بنيت فكرة محطات تنقية الهواء من ثاني أكسيد الكربون وهي عبارة عن مراوح ضخمة مثبتة في صناديق من الفولاذ تقوم بسحب الهواء الذي يحتوي على 0.04% من ثاني أكسيد الكربون ثم تمريره عبر مرشح يحتوي على محلول هيدروكسيد البوتاسيوم (البوتاس الكاوي)، ثم يمر المحلول المشبع في أنابيب إلى غرفة تحتوي على هيدروكسيد كالسيوم (الجير المطفي) فتتكون شرائح الحجر الجيري (ما يشبه بلوكات البناء البيضاء) ثم تنقل هذه الشرائح إلى فرن دوار على درجة حرارة 800o م فينطلق منها غاز ثاني أكسيد الكربون النقي الذى يخزن بعد ذلك لاستخدامه لاحقا.

محطة احتجاز ثاني أكسيد الكربون (المصدر شركة Carbon engineering)

اضغط على الاعلان لو أعجبك

المميزات:

  • السرعة، فلا تحتاج لعشرات السنوات اللازمة لنمو الأشجار.
  • يمكن استغلال الغاز النقي الناتج منها.
  • لا تحتاج لمساحات شاسعة مقارنة بالأشجار.
  • المواد الكيميائية المستخدمة يتم إعادة تدويرها.

العيوب:

  • الحاجة لأعداد كبيرة من المحطات على مستوى العالم، فوفقا لدراسة أجراها أجاي جامبير عام 2019، وهو كبير الباحثين بمعهد جرانثام لتغير المناخ التابع لكلية لندن، فإننا نحتاج لإقامة 30 ألف محطة بإجمالي 15 تريليون دولار.
  • الحاجة لطاقة كهربية عالية لتشغيل المراوح والفرن بما يعادل سدس ما يستهلكه العالم.
  • ربما يتخذ البعض وجود هذه المحطات ذريعة لتلويث الهواء، فما الداعي للالتزام بالمعايير البيئية إذن؟

استخدامات ثاني أكسيد الكربون:

  • يستخدم داخل الصوب الزراعية لكي تمتصه النباتات ويزيد من إنتاجيتها.
  • يتم ضخه في آبار النفط التي أوشكت على النضوب لتسهيل استخراج ما تبقى من النفط.
  • يستخدم في بعض الصناعات مثل الصودا.
  • يمكن استخدامه مع الهيدروجين كوقود صديق للبيئة.

خاتمة

تمثل محطات احتجاز الكربون حلا فعالا لبعض الأنشطة التي يصعب فيها الحد من انبعاثات الكربون مثل الطيران، لكنها لا تمثل بديلا عن خفض هذه الانبعاثات من الأساس، ويبقى التحدي الأكبر هو تقليل تكلفة هذه المحطات والوصول لصيغة ملائمة وملزمة لتفادي تدمير كوكب الأرض.

المصادر:

  • قناة اقتصاد الكوكب على اليوتيوب.
  • موقع بي بي سي عربي.

اقرأ أيضاً:

بورصة الكربون

غابات الأمازون رئة العالم ” قراءة بيئية “

ظروف استثنائية

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

محمد طنطاوي

مدرس كيمياء الأراضي كلية الزراعة جامعة الأزهر أسيوط