مقالاتأسرة وطفل - مقالات

تربية إنترناشونال

 

المدارس الإنترناشيونال والأسعار الخيالية وسباق الأهالي لفوز أولادهم بأعلى مستوى للتعليم، ونظرة المجتمع لتلك المدارس على أنها شيء عظيم؛ تعليم فائق للطفل مع تربية ممتازة عقلية وجسدية والكل يلهث وراء هذه الأفكار.
مَن عمل في المدارس الإنترناشيونال يدرك لحد ما حقيقة تلك المدارس، ومن المؤكد أن بعض من الأهالي يدرك فاجعة هذا التعليم ولكنهم متشبثون لآخر لحظة بتعليم سليم لأولادهم، وحتى لا نقع في مغالطة التعميم فإن هذا لا ينطبق على جميع المدارس الإنترناشيونال.
خلال العمل في إحدى المدارس التي تجمع مُعلمين من مختلف الجنسيات العربية والغربية تم مشاهدة بعض المواقف…

موقف (1)

في الاجتماع الصباحي مديرة الأساتذة تنادي بأن ينتبه الأساتذة الأجانب لما ينشرونه على صفحات التواصل الاجتماعي من صور شخصية لهم ومصطلحات تبدو سيئة!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الاستجابة: بدأ نقاش المعلميين بأن هذا شيء خاص بحياتهم، أما دورهم يقع داخل المدرسة فقط.

موقف (٢)

المُعلّمة تقوم بمعاملة مساعدتها بطريقة مهينة لذاتها داخل الصف

الاستجابة: بعض التلاميذ يتصرفون تجاه المساعدة بنفس الأسلوب.

موقف (٣)

اضغط على الاعلان لو أعجبك

طالب عربي يتحدث في الصف مع زميل من جنسيته باللغة الإنجليزية في درس اللغة العربية!

الاستجابة: المعلمة تنبهه أن يتحدث باللغة العربية ولكن يأتي رد الطالب بأنه لا يستطيع التحدث باللغة العربية في كل الأوقات.

موقف (٤)

طالب أجنبي يرتدي زيًّا لشخصية أمريكية معروفة ويقنع الطالب العربي بجمال ورونق ذلك الزي

الاستجابة: الطالب العربي يذهب مع والديه ليشتري ذلك الزي ويأتي في اليوم التالي مرتديًا له.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

… مع تحليل تلك المواقف سنجد أنها تشمل تغييرًا جذريًا في أخلاقيات الأفراد، والهوية العربية، ويليها الثقافة أيضا. للإيضاح أكثر هناك أنواع مختلفة من الطلاب: طالب غرس والداه القيم والمبادئ والأخلاقيات فيه وقاموا بتنشئته تنشئة سليمة، فهو يستطيع التمييز بين الخير والشر. هذا الطالب لا يتأثر بسلوكيات المعلم المنحرفة عن معاييره.

طالب آخر لم يهتم والداه كثيرا بتلك الأخلاقيات، أو تربيته تمت بطريقة خاطئة سلبية زرعت فيه عدم الثقة بالنفس أدى به الى الانسياق وراء أي شيء دون اللجوء لأحكام عامة نشأ عليها. هذا الطالب من الممكن أن يتخذ هذا المعلم قدوة يمثل له الانفتاح والحرية وعدم الاهتمام بتلك القيم التي يسمع من حوله ينادون بها، ويظل واضعاً تلك المشاهد في مخيلته حتى يصبح هدفه أن يكون منفتحاً مثل ذلك المعلم دون قواعد وقيود وينتظر الفرصة السانحة للقيام بهذه السلوكيات البائسة ومن هنا تتحطم الأخلاقيات.
وهناك الأخطر من ذلك؛ فلم تكتفِ تلك المدارس بضياع الأخلاق بل باتت كحشرات الخشب تأكل فيه حتى هوى أرضا، هكذا فعلت بهويتنا.

الطلاب العرب في البيت وخارج البيت يتحدثون الإنجليزية ويتصرفون بثقافة أمريكية دون وجه تفسير لأبعاد ذلك، والآباء في فرحة عارمة فقد سار أبناؤهم يتحدثون بكل لباقة! أي لباقة هذه؟

في مشهد من أحد الأفلام القديمة جدا… معلم مع تلاميذه في الصف، المعلم يرتدي بدلة نظيفة، مرتب، منظم، كلماته راقية باللغة العربية الفصحى والتلاميذ في كامل احترامهم وإنصاتهم وهيئتهم المريحة للأعين، الحاكم هنا ليس في البدلة ولا في أناقة المعلم والتلاميذ، بل في السلوك النابع من نظام دقيق ومنظومة بناءة تهدف لإصلاح العقول وإنتاج أفراد مثمرين في المجتمع العربي.
جزء كبير من هؤلاء المُعلمين في تلك المدراس غير دارسين لعلوم التربية وفروعها، ونسبة ليست بالقليلة غير مؤهلة سلوكيا لتمثيل دور المُعلم، ولكن المدارس تكتفي بأنهم حاملين للجنسية البريطانية أو الأمريكية أياً كانت ثقافاتهم وسلوكياتهم، فهم لديهم لغة قوية لتعليم الأولاد العلوم المادية التي تؤهلم للعديد من المناصب.

نحن أولياء الأمور علينا الانتباه لما نقدمه لأولادنا، علينا معرفة ما يدور في تلك المدارس، دورنا لا ينتهي عند دفع المبلغ الكبير الذي تأخذه تلك المدارس بل واجبنا أعمق من ذلك بكثير.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لا ننكر أن ذلك النظام التعليمي يُقدم العديد من الفوائد، وتلك المدارس تعمل على إشغال الطلاب وتنمية مهارات تحقق لهم النجاح وتساعدهم على التطور ومواكبة ما يحدث خارج نطاق بلدهم، ولكن أي نجاح نرغب؟ أنريد نجاحاً مادياً فقط أم نسعى للنجاح في الأمور المعنوية والمادية معاً؟!
دورك لا ينتهي مع سداد الرسوم، على العكس إنه يبدأ! متابعتك لأبنائك وللمعلم وأسلوبه وإلى أي مدى يقتدي ابنك به، ومن الحوار معهم تستطيع أن تستنبط آراءهم وتحاور هذه الآراء.

من المؤكد أن التربية جذورها في البيت، ولكن لا ننكر أن المدرسة هي البيت الثاني لسقي تلك الجذور لتصبح براعم مزدهرة.

المدارس الإنترناشونال تؤهل حقا الطلاب ولكن يجب أن تكون أعيننا دائما على أولادنا يجب أن تهتم تلك المدارس بالهوية العربية وثقافتنا ولا تجعلها آخر ما يتم النظر إليه.

#التعليم أم الهوية
# الثقافة العربية أم الأجنبية
# الآباء مسئولون

خلود أشرف

طالبة بكلية العلوم جامعة القاهرة

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة