تجربة الكون المعكوس
من حوالي 3 سنين كده، سنة 2018، طلع فريق من العلماء ونشروا ورقة بحثية كانت بتتكلم عن فرضية فيزيائية غريبة حبتين، الفرضية دي كانت بتقول إن في كون تاني غير الكون بتاعنا، موجود على خط الزمن قبل لحظة الانفجار الكبير، والكون ده بيمشي فيه الزمن بالعكس!
طب إزاي ممكن تحصل حاجة زي كده؟! وهل ممكن فعلًا يكون الكون ده موجود وحقيقي؟! ولو طلع حقيقي، يا ترى إيه تأثير ده على فهمنا لقوانين الفيزياء كلها؟!
ده اللي هنتكلم فيه مع بعض النهارده..
قاعدة التناظر
بص يا سيدي.. أول حاجة لازم نعرفها ونفهمها قبل ما نفهم الكون ده، هو إن في قاعدة فيزيائية معينة اسمها التناظر أو الـ Symmetry، القاعدة دي بتوضح إن الكون في الواقع على المستوى الذري، كل حاجة فيه بيكون ليها حاجة مضادة ليها، بتشتغل زيها بالظبط، لكن بالعكس.
يعني مثلًا الجسيمات الذرية ليها جسيمات مضادة، التفاعلات الذرية نفسها لو شفناها وهي بتتعمل، مش هنقدر نفرق ما بينها وما بين تفاعلات ذرية تانية بتحصل بالعكس، حتى الزمن نفسه على المستوى الذري،
مالوش وجود حقيقي ولا معنى، لدرجة إننا لو شفنا تفاعل ذري بيحصل، وبعدين اتفرجنا عليه وهو بيحصل بالعكس كإننا بنرجع الفيديو لورا، هنلاقي إن التفاعل شكله زي ما هو بالظبط مفيش أي فرق.
والحقيقة إن علماء الفيزياء كانوا لحد فترة قريبة فاكرين إن القاعدة دي بتتطبق فقط على المستوى الذري، لحد ما جه فريق عالمي من علماء الفيزياء النظرية، ونشروا ورقة علمية بتقول إن التناظر ده مش بس موجود على المستوى الذري، لأ ده ممكن يتطبق على الكون كله!
باحثون يقترحون وجود كون معاكس لكوننا
يعني باختصار، اللي كان يقصده العلماء دول، هو إن الكون الكبير اللي إحنا نعرفه ده كله هو مش كون واحد بس، لأ في الواقع في كون تاني زيه بالظبط، لكن كل حاجة فيه هي صورة معكوسة تمامًا من الكون بتاعنا، كإنك بتبص عليه من مراية، والكون التاني ده هو اللي بيتوازن مع الكون بتاعنا عشان يحفظ التماسك بتاع نسيج الفضاء نفسه، وهو اللي بيديله استقراره.
الكون ده بقى حسب افتراضهم، موقعه في الزمن بعيد عننا جدًا، لدرجة إنه حصل قبل الانفجار الكبير نفسه، من 13.8 مليار سنة، كإن الانفجار الكبير ده هو نقطة الصفر على خط الأعداد، والكون بتاعنا هو اتجاه الموجب، والكون المعكوس هو السالب!
تخيل بقى إنهم بيقولوا إن كل حاجة في الكون ده بتمشي بالعكس، الزمن نفسه بيرجع لورا بدل ما يمشي لقدام، الانفجارات والتصادمات الكونية عندنا، هي عندهم تجمعات واندماجات كونية، الثقوب السوداء اللي بتجذب كل حاجة لمركزها عندنا، هي عندهم ثقوب بيضاء بتطرد أي حاجة من مركزها، ومفيش حاجة تقدر تدخلها!
الكلام ده لما اتنشر واتقدم البحث بتاعه في المجتمع العلمي، العالم كله كان فاكر إنه مجرد فرضية طموحة حبتين، بس اللي مكانش حد متصوره هو إن تطلع نتائج تجربة فيزيائية حقيقية وتقدم دليل على إننا اكتشفنا بالفعل الكون ده، لما الباحثين قدروا بالفعل يرصدوا جسيم ذري شكله وحركته يبدو عليها إنه بيتحرك لورا في الزمن، وبيتفاعل مع خط الوقت في العالم بتاعنا بالعكس!
جسيمات النيوترينو
التجربة دي حصلت في شهر مايو من سنة 2020، لما وكالة ناسا N.A.S.A الأمريكية لأبحاث الفضاء أعلنت عن اكتشاف جديد عمله فريق من علماء الفيزياء في القارة القطبية الجنوبية، كان من شأنه إنه يغير كل مفاهيمنا الحالية عن الكون والعالم والفضاء وعلم الفيزياء نفسه.
الاكتشاف ده عمله جهاز اسمه (أنيتا ANITA)، اللي هو اختصار لجملة (هوائي انتاركتيكا الدافع العابر Antarctic Impulsive Transient Antenna)، وده عبارة عن جهاز بيستعمله العلماء دول للبحث عن جسيمات ذرية وكمية متناهية الصغر، اسمها جسيمات النيوترينو Neutrinos، والنيوترينو دي باختصار هي عبارة عن جسيمات ذرية متعادلة الشحنة،
تكونت من زمان أوي في وقت الانفجار الكبير Big Bang، وما زالت لحد دلوقتي بتتكون وبتنشأ من التفاعلات الذرية عالية الطاقة High Energy، اللي هي بتحصل في قلب النجوم أو مراكز المجرات أو على حدود الثقوب السوداء مثلًا، والجسيمات دي موجودة ومالية كل ركن في الكون حرفيًا.
مثلًا، الشمس نفسها بتكون جسيمات النيوترينو بقدر لا يمكن استيعابه، وبسبب كون الجسيمات دي متعادلة الشحنة، وشديدة الصغر، فهي مبتتأثرش بقوى الطبيعة أو قوى الفيزياء الأربعة تقريبًا،
يعني مبتتأثرش بالقوة الكهرومغناطيسية Electromagnetic Force بسبب تعادل شحنتها، ولا بقوة التفاعل النووي القوي أو التفاعل النووي الضعيفStrong and Weak nuclear interaction، حتى تأثرها بالجاذبية بيكون محدود جدًا، لإن الجاذبية تأثيرها ضعيف جدًا جدًا على المستوى الذري.
اقرأ أيضاً:
اكتشاف ممكن يغير الشكل اللي إحنا بنشوف بيه العالم والكون بتاعنا
اكتشاف نيوترينو يرجع للوراء في الزمن
يعني الخلاصة إنها جسيمات في الطبيعي المفروض انها مبتتأثرش بأي قوى فيزيائية تقريبًا، لكن الفكرة بقى إن في جسيمات نيوترينو تانية بتكون طاقتها عالية شوية،
والجسيمات دي مبتقدرش تعدي من خلال الأجرام السماوية الضخمة اللي زي كوكب الارض مثلًا، وده عشان هي طاقتها أكبر بملايين المرات من طاقة أي جسيمات إحنا نعرفها هنا على الأرض، فعشان كده مبتقدرش تعدي من خلال كتلة الأرض الصلبة.
جهاز أنيتا ANITA اللي كلمتك عنه ده بقى هو عبارة عن حاجة عاملة زي الرادار كده، بيستعملوه للكشف عن جسيمات النيوترينو عالية الطاقةHigh Energy Particles اللي قلنا عليها دي، في القطب الجنوبي. هييجي حد يسألني طب ليه القطب الجنوبي؟! ده يا عزيزي القارئ بسبب إن القطب الجنوبي مفيهوش حضارة بشرية تقريبًا،
فبالتالي مفيش أي أجهزة أو حاجات تقدر تأثر على قدرة الجهاز على الكشف والتقاط الجسيمات دي، يعني قارة أنتاركتيكا أو القارة القطبية الجنوبية دي حرفيًا عاملة زي ما تكون موجودة على كوكب تاني، مفيهاش تلوث أو أي إشعاعات ممكن تأثر على عمل الأجهزة الحساسة دي.
اللي حصل بقى سنة 2020، هو إن وقتها طلع علماء مشروع ANITA وأعلنوا إنهم قدروا يوصلوا لنيوترينو بيرجع لورا في الزمن!
عشان تفهم، هشرحلك ببساطة..
تجربة الكون المعكوس
اللي عمله العلماء بالضبط هو إنهم جابوا منطاد صغير، أو زي بالونة كده مليانة هوا سخن، وحطوا فيها الجهاز، وطيروه لفوق في السماء، والسبب هو إنهم شايفين إن على الارتفاع ده مش هيكون في أي تأثير لأي موجات راديو أو أي نوع من الموجات على دقة نتائجهم.
وبعد ما طيروا البالونة وجواها الجهاز، ابتدوا يكتشفوا جسيمات نيوترينو عالية الطاقة عادي جاية من الفضاء، لحد كده مفيش مشكلة، عشان معروف إن جسيمات النيوترينو عالية الطاقة دي –بيسموها تاو نيوتريتو Tau Neutrino بسبب كبر حجمها وطاقتها عن الجسيمات الأخرى– هتبقى جاية من الفضاء من كل مكان،
ومش هتتفاعل مع أي حاجة بسبب تعادل شحنتها زي ما قلنا، بس الجسم الصلب Solid Matter بتاع كوكبنا هو الحاجة الوحيدة اللي هتقدر توقفها بسبب طاقتها وحجمها الكبير دول زي ما قلنا.
يعني الطبيعي إنهم يكتشفوا إن جسيمات تاو نيوترينو Tau Neutrinos دي وهي جاية من فوق، يعني جاية من الفضاء نفسه، ده طبيعي جدًا وهو المتوقع.
لكن اللي مش طبيعي بقى إنهم اكتشفوا جسيمات تاو نيوترينو جاية من الأرض نفسها!
إثبات وجود الكون المعكوس
وحسب فهمهم، فالمفروض في الطبيعي إن جسيمات تاو نيوترينو مش هتقدر تعبر من الأرض أصلًا، لإن الأرض بتمتصها تمامًا لداخلها، يعني بالتالي كون إنك ترصد تاو نيوترينو راجع من الأرض للفضاء، ده معناه معجزة، كإنك بالظبط شفت واحد ميت بيصحى تاني!
العلماء دول قعدوا يعيدوا ويزيدوا في التجربة، يمكن تكون غلطة في النتايج، ودي حاجة ممكن تحصل مرة كل مليار مرة مثلًا، يعني مستحيلة، بس هما قعدوا يجربوا بردو، ولقطوا نفس الجسيمات دي أكتر من مرة، في الواقع لقطوها عدد كبير جدًا من المرات، بينفي تمامًا إنها ممكن تكون غلطة أو خلل في الجهاز!
وده مكانش له غير معنى واحد بس، بعد استبعاد كل المستحيلات، والبحث عن الحقيقة الأكثر غرابة والأكثر أناقة زي ما قال سير أرثر كونان دويل على لسان شيرلوك هولمز زمان، المعنى ده والحقيقة دي هو إن الجسيمات دي في الواقع كانت بتمشي عكس الزمن نفسه!
يعني هي مش خبطت في الأرض وردت تاني –عشان ده مستحيل– بل هي في الواقع بترجع في الزمن من الأرض للفضاء!
هل الكون المعكوس حقيقي؟
يعني جسيمات النيوترينو الغريبة دي في الواقع جاية من مكان خارج الكون بتاعنا نفسه! جاية من كون تاني الزمن فيه بيمشي بالعكس، بدل ما هو بيمشي لقدام، لأ هو بيمشي لورا.
كون تاني، فيه كل قوانين الطبيعة والفيزياء بتشتغل بالعكس، يعني مثلًا الجاذبية فيه بتزقك لبعيد عن الأجرام السماوية الكبيرة، مش بتشدك ليها.
مثلًا، الجسيمات والكواكب والنجوم، وحتى الكائنات الحية باعتبار إن فيه كائنات حية يعني، لو إحنا قدرنا نشوفهم من موقعنا في الكون بتاعنا،
هيبقى شكلهم وشكل حركتهم قدامنا بالضبط زي فيلم TENET بتاع كريستوفر نولان كده، بيتحركوا لورا وماشيين في الزمن بالعكس، وأجسامهم بتصغر مش بتكبر! بالضبط زي ما العلماء بتوع نظرية الكون المعكوس كانوا بيقولوا في الورقة البحثية بتاعتهم!
الفكرة بقى إنهم أصلًا اكتشفوا الموضوع بالصدفة من كتر ما هما كانوا مش متخيلينه، كذا مرة الجهاز يلقط حاجة وهما ينفضولها باعتبارها مجرد ضوضاء استاتيكية، لحد ما قرروا يدوروا، ولقوا النتيجة دي، من دراسة لضوضاء التقطها الجهاز سنة 2016!
والضوضاء دي حاولوا إنهم يلاقولها تفسير، وقالوا إنه ممكن النيوترينو ده مثلا يكون تحول لنوع تاني من الجسيمات من خلال أي تفاعل من أي نوع، خلاه يقدر يعبر من كتلة الأرض، وبعدين يرجع لكونه نيوترينو تاني، بس بعد كده أكدوا خطأ الافتراض ده لإنه مستحيل يحصل إلا مرة من وسط كل مليار مليار مرة، وحتى لو حصل، مش هيتكرر بالكثرة دي!
استمرارية البحث عن جسيمات النيوترينو
وده كان معناه هو إن ممكن جدًا يكون الافتراض بتاع الكون المعكوس اللي بيقولك إنه مع بداية تكون الكون بتاعنا، تكون معاه كون تاني معكوس تمامًا، بيحتل نفس المساحة المادية بتاعت الكون بتاعنا إحنا، لكن مبنقدرش نشوفه عشان هو كون معكوس، يطلع حقيقي ومش خيال علمي، ولا مجرد افتراضات نظرية على الورق!
ولحد النهارده العلماء اللي في مراكز الأبحاث ومعامل مصادمات الجسيمات الضخمة اللي زي CERN وFermiLab بيحاولوا إنهم يدوروا على جسيمات النيوترينو اللي بتمشي عكس الزمن ده،
ولو قدروا يرصدوها، فده مش بس هيكون بداية لأكبر تغيير عرفته قواعد علم الفيزياء من ساعة أينشتاين، لأ ده هيكون معناه إن الكون بتاعنا طلع أكبر من ما إحنا متصورين، وأغرب من أي حاجة كنا نتخيلها قبل كده.
مصادر:
https://www.livescience.com/truth-behind-nasa-mirror-parallel-universe.html
https://m.republicworld.com/…/nasa-scientists-detect…
https://www.dhakatribune.com/…/nasa-scientists-detect…
https://www.techtimes.com/…/nasa-scientists-might-have…
https://www.dailystar.co.uk/…/nasa-scientists-detect
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*****************
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا