بين النظري والعملي
في جراحة العظام بصفة خاصة _وبقية الجراحات بصفة عامة بل وباقي تخصصات الطب وكل العلوم_ نواجه كارثة في مجال التدريب على الجراحات لشباب الأطباء في كل أنحاء العالم! ظهرت فكرة تبدو جميلة اسمها ورش العمل، كان الرائد فيها منظمة تثبيت الكسور AO، واستفادت منها بفرض أفكارها ومنتجات الشركة الممولة في كل أنحاء العالم.
الفكرة هي طبيب شاب يدخل قاعة ورشة عمل، يعطونه عظاما بلاستيكية وشرائح ومسامير وأدوات تركيب، يقوم بتركيب الشريحة على العظام البلاستيكية، ثم يخرج وهو يعتقد أنه بذلك يعرف كيف يجري هذا النوع من الجراحات! نتجت طبعا كوارث، وضاع عمر الكثير من المرضى بسبب أطباء خرجوا يعتقدون أنهم يعرفون ولكنهم لا يعرفون!
وحين لاحظ المجتمع الطبي هذه الكوارث ظهر تطوير جديد لورش عمل ال AO. أن تكون ورشة العمل معها محاضرات لمناقشة حالات وأشعات مرضى، بالإضافة إلى المحاضرات النظرية.
وكانت النتيجة أفضل قليلا، شخص يعرف بعض المعلومات النظرية، ويعرف كيف يركب شريحة على عظام بلاستيكية. ورغم تكرار هذه المؤسسات أنها في ورشة العمل تعلم مهارات ومعلومات وأسلوب تعامل Knowledge Skills Attitude، لكن يستمر الواقع غير مرتبط بأوهام ورشة العمل. وهذا تدهور أكثر مع المحاضرات عبر الإنترنت، ويناقش هذا المقال من مجلة كلية الجراحين الملكية هذه الكارثة.
ورش العمل لا تكفي
إن طبيب جراحة العظام لن يتعلم بعيدا عن حجرة العمليات، لا يمكن أن يعوض نقص دخول الأطباء الشباب إلى حجرة العمليات أي شيء، ليس فقط المهارات والمعلومات، لكن أيضا طريقة التعامل مع الفريق الطبي والمريض والتمريض والتخدير، الحياة الحقيقية تختلف تماما عن ما يراه شباب الأطباء في ورشة عمل أو محاضرة عبر الإنترنت.
وللأسف مع تزايد التعقيدات وتزايد عدد الأطباء المتدربين أصبحت فرصة عمل عدد كاف من الجراحات أقل، وتراكم الخبرات العملية أقل، فظهرت أجيال تعرف معلومات نظرية كثيرة وبعض المهارات الجراحية الناقصة، لكن وقت الفعل تجد لا شيء. ولذلك يطالب الأطباء الشباب في إنجلترا بزيادة عدد ساعات دخولهم وتدريبهم في حجرة العمليات.
ويؤكد المقال على أن التدريب يتكون من معلومات ومهارات جراحية متكاملة وليس مجرد تركيب شريحة على عظام بلاستيكية، ومعها قدرات ومهارات التعامل والتواصل والتفاصيل الصغيرة في حجرة العمليات، والتعامل مع المريض. هذه خبرات لا تنتقل في المحاضرات و ورش العمل، لكن تنتقل من طبيب إلى آخر عبر الممارسة والانضمام إلى فريق طبيب أكبر، والتدريب يوما بعد يوم، وعاما بعد عام.
خبرات الطب والجراحة خبرات طويلة متراكمة، لا يمكن نقلها عبر الإنترنت أو في ورش عمل، المحاضرات و ورش العمل مفيدة لكنها لا تكفي، هي تقدم ما لا يزيد عن ١٠% من صناعة الطبيب الجراح!