بورسعيد في الأغنية الوطنية وإحياء روح الانتماء
تشتهر بورسعيد باسم المدينة الباسلة، هي ثالث مدينة في مصر اقتصاديا بعد القاهرة والإسكندرية، وهي مدينة ساحلية تقع شمال شرق مصر وتطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط عند مدخل قناة السويس، يحدها شمالا البحر المتوسط ومن الشرق محافظة شمال سيناء ومن الجنوب الإسماعيلية ومن الغرب محافظة دمياط.
تضم بورسعيد العديد من المعالم المميزة، أهمها ميناء بورسعيد والذي يعد ثاني الموانئ في مصر نظرا لموقعه الموجود في مدخل قناة السويس الشمالي، ومبنى هيئة قناة السويس الذي يعد أحد أهم الآثار الإسلامية في بورسعيد، وفنار بورسعيد القديم، بالإضافة إلى العديد من المتاحف مثل متحف بورسعيد الحربي والذي يوثق لحقبة العدوان الثلاثي على المدينة، ومتحف بورسعيد القومي والذي يعرض آثارا من مختلف الحقب التاريخية المصرية فضلا عن تاريخ بورسعيد منذ إنشائها سنة 1859م حتى العصر الحديث، ومتحف النصر للفن الحديث، كما تتمتع بورسعيد بحق الامتياز في المعاملة الجمركية على السلع الواردة حيث أعلنت كمنطقة حرة منذ 1 يناير 1976م.
بدأ العمل على إنشاء بورسعيد على يد والي مصر الخديوي سعيد وذلك يوم الإثنين الموافق 25 أبريل سنة 1859م ، عندما ضرب “فرديناند ديليسبس” أول معول في الأرض معلنا بدء حفر قناة السويس.
اسم بورسعيد هو اسم مركب من كلمة PORT ومعناها ميناء، وكلمة سعيد اسم حاكم مصر وقت بدايتها التاريخية ويرجع أصل التسمية إلى اللجنة الدولية التي تكونت من إنجلترا وفرنسا وروسيا والنمسا وإسبانيا.
تاريخ مدينة
بعد قيام “فرديناند ديليسبس” بتشكيل لجنة هندسية دولية لدراسة تقرير المهندسين “موجل ولينان بك” كبيرا مهندسي الحكومة المصرية، قامت اللجنة بزيارة منطقة برزخ السويس وبورسعيد وصدر تقريرهم في ديسمبر 1855م ، وأكدوا إمكانية شق القناة وأنه لا خوف من منسوب المياه لأن البحرين متساويين في المنسوب وأنه لا خوف من طمي النيل لأن بورسعيد شاطئها رملي. فأصدر الخديوي سعيد فرمان الامتياز الثاني وكان من بنوده _البند الثالث_ حفر القناة من ميناء السويس إلى البحر المتوسط عند نقطة خليج الفرما.
وعقدت اللجنة اجتماعا في 25 أبريل واتخذت عدة قرارات من بينها إقامة فنار لإرشاد السفن القادمة لمدخل القناة وموقع الميناء وإنشاء ورش وآلات وجميع المنشآت اللازمة لإعداد تلك الورش للعمل وإنشاء كوبري من بورسعيد إلى داخل البحر ويكون رصيفا لرسو السفن عليه لتفرغ بضائعها. في 22 نوفمبر 1858م قام المجلس الأعلى لأعمال وأشغال قناة السويس (أثناء الاكتتاب في أسهم الشركة) وتم توقيع عقدين لتنفيذ المرحلة الأولى من الأعمال مع مسيو هاردون.
وفي 21 أبريل 1859م وصل “ديليسبس” إلى بورسعيد برفقة مسيو موجل بك المدير العام للأشغال ومسيو “لاروش وهاردون” وغيرهم من رؤساء المشروع والوكلاء ومائة وخمسين من البحارة والسائقين والعمال ومعهم ما يكفيهم من الطعام والشراب ووصلوا إلى بورسعيد عن طريق قرية الجميل التي يعيش بها صيادي الأسماك وتقع على بعد 9 كم من بورسعيد واقتنع “ديليسبس” أن هذا المكان صالح لإنشاء مدينة بورسعيد التي استمرت أعمال بنائها، وقامت الشركة بتشجيع العمال المصريين على العمل وأقامت لهم العشش بمنطقة العرب وقامت بتعيين إمام للمسلمين بمسجد القرية.
كما قامت الشركة بالتركيز على جعل بورسعيد صالحة لرسو السفن فقامت بإنشاء الورش الميكانيكية مثل (النجارة والحدادة والخراطة وسبك المعادن) وشيدت مصنعا للطوب وحوضا للميناء، وحفرت قناة داخلية صناعية تصل ما بين منشآت الميناء وبحيرة المنزلة لنقل مياه الشرب ومواد التموين بواسطة القوارب.
في بداية الأشهر الأولى لإنشاء بورسعيد استخدمت غالبية الأيدي العاملة في أعمال ردم أجزاء من بحيرة المنزلة، حيث لم يكن يتجاوز عرض بورسعيد من 40 إلى 50 مترا، وقامت الكراكات بإزاحة كميات مهولة من الرمال من حوض الميناء واستخدمت في أعمال الردم. وامتدت المدينة للجنوب حيث حوض الترسانة عام 1862م، حيث توجد الورش التي بدئ في استخدامها عام 1863م، وأخذت المدينة شكلا مستطيلا تقريبا،
أما قرية العرب فكانت في أقصى غرب بورسعيد وكانت لا تتعدى عُشر بورسعيد في البداية وأخذ شكلها شكلا بائسا، فكانت عششا من البوص ثم استخدمت الألواح الخشبية بعد ذلك وقد فصل ما بين القرية والمدينة أرض فضاء مساحتها حوالي 500 متر وتقلصت تلك المساحة إلى 200 متر، ثم تلاشت وانضمت القرية للمدينة. وفى عام 1868م انتهت أعمال ردم أجزاء من بحيرة المنزلة غرب شارع الترسانة.
بعد بداية عمل ميناء بورسعيد أثناء حفر القناة واستقباله للمواد والمهمات اللازمة للحفر وبعد إقامة رصيف “أوجيني” كان لابد من إنشاء حاجزان للأمواج عند مدخل القناة أحدهما عند الشرق والآخر في الغرب لحماية الميناء من العوامل الطبيعية ولجعل المياه هادئة داخل مجرى القناة ولمواجهة الرواسب والرمال التي يدفعها التيار البحري والتي قد تؤثر سلبا على منسوب عمق القناة. وعرف الحاجز الشرقي باسم حجر سعيد والغربي باسم رصيف ” ديليسبس” عند شارع أوجيني والتقائه مع شارع السلطان حسين (شارع فلسطين حاليا).
واحتلت بورسعيد منذ نشأتها مكانة بارزة وسط المدن المصرية، بل لا نبالغ إذا قلنا وسط المدن العالمية أيضا، حيث كانت دائما من أوائل المدن تمتعا بالخدمات ووسائل الحضارة والتمدين، حيث كانت بورسعيد ثالث مدينة في مصر تشهد عرضا سينمائيا بعد القاهرة والإسكندرية وكان ذلك في العام 1898م.
لم تقتصر مقومات بورسعيد كمدينة عالمية منذ نشأتها على ما تمتعت به من وسائل مدنية وحضارية فحسب بل امتدت أيضا لتشمل الطابع الثقافي للمدينة حيث اتسم مجتمع بورسعيد بطابع متعدد الثقافات حيث سكنها العديد من الجنسيات والأديان خصوصا من دول البحر المتوسط وأغلبهم من اليونانيين والفرنسيين بجانب المصريين في تعايش وتسامح، وكان يسكن الأجانب حي الإفرنج (حي الشرق حاليا) بينما كان يتركز المصريون في حي العرب.
مدينة المقاومة الباسلة
وتفاعلت بورسعيد مع الأحداث التاريخية والوطنية التي شهدتها مصر في العصر الحديث منذ نشأتها حيث دخل الاحتلال البريطاني مصر من بورسعيد عام 1882م، وطوال مدة الاحتلال البريطاني لمصر كانت بورسعيد إحدى مواطن المقاومة في مصر وخصوصا بعد اشتعال مدن القناة بالمقاومة للوجود البريطاني بعد إلغاء معاهدة 1936م، غير أن الحدث الأبرز في تاريخ المدينة يبقى صمودها في مواجهة العدوان الثلاثي والذي شنته دول بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر عام 1956م ردا على تأميم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قناة السويس وهو ما أهلها لحمل لقب المدينة الباسلة واتخاذ يوم 23 ديسمبر من كل عام عيدا قوميا للمدينة (عيد النصر)، وهو اليوم الذي يوافق تاريخ جلاء آخر جندي بريطاني عن المدينة عام 1956م.
واستمرت رحلة بورسعيد في مواجهة العدوان على مصر حيث توقف العدوان الإسرائيلي على مصر في حرب 1967م على حدود بورسعيد الشرقية بعد احتلال الشطر الآسيوي من مصر ممثلا في أرض سيناء باستثناء بور فؤاد التي عجز الجيش الإسرائيلي عن التوغل فيها.
وقد شهدت بورسعيد بعد حرب أكتوبر عام 1973 م وتحقيق النصر، حيث عادت الحياة الطبيعية إليها عام 1975م، وهو العام الذي أعيد فيه افتتاح قناة السويس للملاحة بعد توقفها في أعقاب حرب 1967، وفي عام 1976م أصدر الرئيس محمد أنور السادات قرارا بتحويل المدينة إلى منطقة حرة وهو الأمر الذي جعل المدينة جاذبة للسكان من جميع أنحاء مصر.
كما يوجد في بورسعيد العديد من الميادين العامة أهمها ميدان المنشية، ميدان الشهداء (المسلة)، ميدان المحافظة بحي الشرق، ميدان السيد متولي (الاستاد سابقا)، ميدان فولجوجراد بحي المناخ، ميدان حي الزهور، ميدان بنزرت بحي الزهور، ميدان حديقة الحرية ببور فؤاد.
وتضم مدينة بورسعيد العديد من الحدائق العامة مثل حديقة المسلة أمام ديوان عام المحافظة وهي الحديقة التي يتوسطها مسلة الشهداء ومتحف النصر للفن الحديث، حديقة فريال وهي واحدة من أجمل وأقدم حدائق بورسعيد، حديقة حي العرب، حديقة الأمل بحي المناخ، حديقة الفردوس بحي الزهور، حديقة الخالدين (حديقة التاريخ) وتتميز بجمال أشجارها الكثيفة وموقعها الممتاز أمام المجرى الملاحي لقناة السويس، حدائق المنتزه العام لبورسعيد بشارع طرح البحر أمام مكتبة مصر العامة، وحديقة المنتزه ببور فؤاد.
معالم بورسعيد الأثرية
تضم بورسعيد تراثا معماريا فريدا يجمع بين الفن الأوروبي والفن العربي خلال حقبة القرن التاسع عشر، حيث سكن المدينة منذ نشأتها العديد من الجنسيات الأجنبية وخصوصا من دول البحر المتوسط بجانب المصريين وهو ما أكسب المدينة طابعا متعدد الثقافات انعكس بدوره على مبانيها وتراثها المعماري.
فنار بورسعيد القديم:
يُعتبر فنار بورسعيد القديم من أبرز معالم بورسعيد، حيث يتمتع بقيمة أثرية وتاريخية كبيرة باعتباره أول بناء يُشيد بالخرسانة في العالم عام 1869م في عهد الخديوي إسماعيل وذلك لهداية السفن المارة بقناة السويس، والتي افتتحت في نفس العام بعد أسبوع من تمام بناء الفنار. ويتخذ الفنار شكل مثمن ويبلغ ارتفاعه 56م، وكان يتميز بوجود كرة أعلى برج الفنار كانت تستعمل لتحديد الوقت من خلال إحداث صوت دوي ناتج عن سقوطها بفعل الهواء الذي يُسمع في تمام الساعة الثامنة صباحا ومنتصف اليوم والساعة الرابعة عصرا من كل يوم.
مبنى هيئة قناة السويس:
أحد الآثار المصرية المسجلة في مدينة بورسعيد، وهو مبنى شيد عام 1895م كأول بناء على شاطئ القناة ببورسعيد، ويستخدم المبنى كمقر لهيئة قناة السويس ببورسعيد ولمتابعة حركة السفن المارة بالقناة، ويتميز بروعة المعمار وموقعه الفريد على شاطئ قناة السويس، وقد اشترته بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ليكون مقرا لقيادة الجيش البريطاني في منطقة الشرق الأوسط قبل أن يتم جلاؤهم عنه وعن مصر كلها في 18 من يونيه عام 1956م كآخر قاعدة لبريطانيا في منطقة القناة ومصر، ورفع الرئيس جمال عبد الناصر علم مصر عليه معلنا حريتها واستقلالها وسيادتها.
ويوجد قاعدة تمثال (ديليسبس) في شارع فلسطين في نهاية ممشى (ديليسبس) الشهير في بورسعيد على ضفة قناة السويس، ويرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1899م، وتعد أحد الآثار المسجلة في بورسعيد، وقد أزال أبطال المقاومة الشعبية في بورسعيد تمثال (ديليسبس) عن القاعدة بعد جلاء العدوان الثلاثي في 23 ديسمبر 1956م – تاريخ العيد القومي لبورسعيد. ولازال التمثال يقبع في مخازن هيئة قناة السويس إلى اليوم وسط جدل متكرر بشأن عودته إلى قاعدته مجددا ما بين رافض ومؤيد للفكرة.
جزر بورسعيد
و جزيرة (تنيس) في بحيرة المنزلة ببورسعيد، كانت مدينة مصرية زاهرة في موقع مدينة بورسعيد، اشتهرت تنيس في العصور الإسلامية بتصنيع كسوة الكعبة وتم تدميرها أثناء الحملات الصليبية على مصر.
وتوجد جزيرة ابن سلام في بحيرة المنزلة، وتضم ضريح ابن سلام الأثري والذي يرجع تاريخه إلى القرن السادس عشر وهو أحد الآثار المصرية المسجلة في مدينة بورسعيد.
متاحف بورسعيد
كما يوجد متحف بورسعيد القومي الذي يقع بشارع فلسطين بموقع فريد عند نقطة التقاء مياه قناة السويس بالبحر المتوسط، ويضم مقتنيات أثرية لمختلف عصور الحضارة المصرية الفرعونية والقبطية والإسلامية.
ومتحف بورسعيد الحربي :يقع بشارع 23 يوليو وأنشئ عام1964 م الذي يؤرخ لانتصار بورسعيد على العدوان الثلاثي عام 1956م، كما يضم المتحف بعض مقتنيات من مخلفات حروب 1956 و1967 و1973م ، وكذلك استعراض لتاريخ حفر قناة السويس وتأميمها وتاريخ بورسعيد السياسي والعسكري.
ومتحف النصر للفن الحديث الذي يقع في شارع 23 يوليو – ميدان المسلة- أسفل مسلة الشهداء ببورسعيد -النصب التذكاري الذي أقيم في أعقاب العدوان الثلاثي تخليدا لذكرى شهداء بورسعيد- كما يضم المتحف العديد من الأعمال الفنية لكبار فناني مصر في مختلف أفرع الفن التشكيلي من نحت وتصوير ورسم وجرافيك وخزف، وقد افتتح المتحف في 25 ديسمبر 1995م.
بورسعيد والأغنية المصرية
تظل مدينة بورسعيد منبع وحي المبدعين من الشعراء الغنائيين. وارتبطت بالبطولات الإنسانية الرائعة. فجادت قريحة الشعراء بالكلمات والملحنين بأعذب الألحان، وشدت الأصوات من كبار المطربين، وجسدت عشقهم لبورسعيد المدينة الباسلة في نفوس العامة من الناس. وغنى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب من ألحانه وكلمات أحمد شفيق أغنية تحت القنابل من وحي معركة العدوان الثلاثي على بورسعيد. وقد احتفى الفن بمدينة بورسعيد العريقة لتاريخها البطولي، وأعدت الأعمال الدرامية التي تحكي بطولات شعب بورسعيد، وتغنى كبار المطربين بها عشقا وحبا في المدينة الباسلة.
كوكب الشرق أم كلثوم (صوت السلام):
عندما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م دمر مدينة بورسعيد، فقدمت أم كلثوم 6 حفلات لإعادة بناء مدارس بورسعيد وبحر البقر وكان لها دورا رائعا في المجهود الحربي، بالإضافة إلى تقديمها حفلات بهدف المساهمة في تسليح الجيش المصري، كما أنها بدأت في تقديم حفلات بعد هزيمة 1967 م في العالم العربي كله لجمع تبرعات لدعم المجهود الحربي وتبرعت بكل ما تملك من ذهب في سبيل إعادة بناء الجيش المصري .وشاركت كوكب الشرق أم كلثوم بصوتها وأنشدت في 23ديسمبر 1956م بأغنية صوت السلام من كلمات بيرم التونسي ولحن رياض السنباطي، ودوى صوتها عاليا في سماء العروبة تقول كلماتها:
صوت السلام هو اللي ساد واللي حكم
على الدخيل اللي اندحر واللي انهزم
عدونا لما ابتدا قدمنا أرواحنا فدا
واستعجبت من بأسنا كل الأمم
ثلاث أمم يا بورسعيد متقدمة
بدبابات وطيارات تملا السما
ما اتقدموش من بورسعيد ولا قدم
الأولة داخلة البلاد مستعمرة
والثانية بعد الانكسار مجبرة
والثالثة على العرب متأجرة
هدموا البيوت قتلوا النفوس
واحنا هدمنا عزمهم في الشرق كله ومجدهم
ثلاث أمم شايله العتاد وكلهم
ما تقدموش من بورسعيد ولا قدم
صوت السلام هو اللي فاز واللي غلب
ودمنا الغالي على الأرض انكتب
لا يتمحي عن أرضنا ولا يزول وإحنا هنا
متمسكين في حقنا متسلحين بعزمنا
شافوا العدا في مصر عزم ومقدرة
شافوا نفوس تتباع واللي اشترى
لطموا الخدود واتندموا على اللي جرى
واللي بنوه في سنين في ساعة انهدم
عبد الحليم حافظ (تحت راية بورسعيد):
ارتبط العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ بعلاقة فريدة مع مدينة بورسعيد من خلال مشاركاته الدائمة في حفلات أضواء المدينة التي تقام احتفالا بعيد النصر، حيث قدم نخبة كبيرة من روائعه الوطنية “حكاية شعب” كلمات أحمد شفيق كامل ولحن كمال الطويل، التي كان لبورسعيد نصيب الأسد فيها حيث قال: “كنا نار أكلت جيوشهم.. نار تقول هل من مزيد، انتصرنا ولسه عارهم.. ذكرى في تراب بورسعيد”.
وتغنى حليم بحب الوطن وكان دفعة قوية لحماس الشعب المصري وبعث روح الانتماء، والحث على العمل والمقاومة والتصدي للعدو. وأخذ عهدا على نفسه كلما شارك في حفل أن يفتتح بأغنية “أحلف بسماها ” وغيرها من الأغنيات التي تفاعل معها شعب بورسعيد، لكنه لم يكتف بذلك بل اختص بورسعيد برائعته الخالدة: (تحت راية بورسعيد)، كلمات الشاعر عبد الفتاح مصطفى وألحان محمد الموجي، وتوزيع الموسيقار علي إسماعيل، وكانت كلماتها تقول:
الحَمَام بِالغُصنِ الأخضر
جَاي يِهتِف من بعيد
النهارده عيد سعيد
عِيد مِيلاَد عَالَم جديد
يا شعوب الشرق غَني
تحت راية بورسعيد
انتصارنا كان بداية للشعوب
وانكسارهم كان نهاية للحروب
والنهارده له معاك وَيَّا القلوب
كل ما يمر الزمان معناه يزيد
مصر راقت وِانجَلَى عنها الكابوس
والقلوب نَوَّرِت زي الشموس
الفُئُوس والمَصَانع والتُّرُوس
طَالعَه نَازلَه تبني في العهد المَجِيد
كارم محمود (ياريتني من بورسعيد):
قدم الفنان (كارِم محمود) أنشودته الخالدة (ياريتني من بورسعيد)، من كلمات الشاعر إسماعيل الحَبروك، وألحان الفنان زكريا أحمد، قائلا:
يَا رِيتنِي مِن بُورسَعِيد
إن عِشت اسمي بَطَل
وإن مُت اسمي شَهيد
الكُل يِتبَاهَى بِيَّا
وِالنَّاس تِشَاوِر عليا
وتقول بطل بورسعيد
وقف بِصَدرُه يَدَافِع
وِيصُد نَار المَدَافِع
بِإِيد وِيِضرَب بإيد
وَاترُك بطولة لولاَدِي
تِروِيهَا عَني بِلاَدي
وتقول فدائي شهيد
كانت معاه بندقية
فِي إِيدُه بِتسَاوِي مِيَّة
منها استَجَار الحديد
يَارِيتنِي مِن بُورسَعِيد
شادية (أمانة عليك أمانة):
وتأتي الفنانة شادية كصوت مصر الذي يبعث فينا الروح والانتماء، ويلهب حماس الجماهير من خلال أغنياتها الوطنية، وكما عهدناها مشاركة ومعبرة في أغنياتها الوطنية الشهيرة منها “يا حبيبتي يا مصر” و”يا أم الصابرين” و”رايحة فين يا عروسة”، وغيرها من المناسبات الوطنية التي شاركت فيها، وشدت الفنانة برائعتها (أمانة عليك أمانة) كلمات إسماعيل الحبروك ولحنها محمد الموجي :
أمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد أمانة عليك أمانة لتبوس لي كل إيد حاربت في بور سعيد
* الأرض الغالية بوسها دي الدنيا بتحكي عنها جه الغريب يدوسها الكل قــام يصونها بقت أرض البطولة والعزة والرجولة، أمانة عليك أمانة لتبسولي كل إيد حاربت في بورسعيد
* سلم على كل شارع دافع عنه شبابه وهات لي وأنت راجع شوية من ترابه تراب أرض الجدود وفيه دم الشهيد أمانة عليك أمانة لتبوسلي كل إيد
* حتلاقي الأرض حرة وإن لاح فيها الغريب حتبقى الأرض جمرة بالدم وباللهيب وحنحرر بلدنا بعزمنا وإيدنا أمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد
فريد الأطرش (بورسعيد رمز الفداء):
كما تغنى الموسيقار فريد الأطرش من كلمات الشاعر أحمد خميس (بورسعيد رمز الفداء):
بورسعيد بورسعيد
قبلة الشعب العتيد
أنت أذهلت الوجود
أنت سطرت الخلود
في كفاحك المجيد
بورسعيد بورسعيد
أنت رمز الفداء
أنت يا نور السماء
أنت في القلب دماء
أنت في السمع نشيد
بورسعيد بورسعيد
غضبة فيها الدمار
صرخة تشعل نار
انتصار انتصار
يا بني مصر الأسود
بورسعيد بورسعيد
أنت قبر للغزاة
لعنة على الطغاة
دعوة إلى الحياة
تعلن الفجر الجديد
بورسعيد بورسعيد
نجاة الصغيرة (طير يا حمام):
لقد شاركت المطربة نجاة الصغيرة في كثير من حفلات أضواء المدينة، ولعبت الأغنية دورا كبيرا في إيقاظ الوعي وإحياء روح المقاومة لدى الشعب البورسعيدي، وشاركت معهم في معركتهم أثناء العدوان الثلاثي ، وشدت من كلمات عبد الفتاح مصطفى وألحان كمال الطويل:
طير يا حمام على بورسعيد ودينا
افرد جناحك تاني فوق المينا
طير يا حمام على بورسعيد ودينا
افرد جناحك ما علينا ملامة
لك يا حمامنا في كل خطوة سلامة
دا النصر رايته في بلد بسامة
والفرح نور كل بيت ومدينة
طير يا حمام على بورسعيد ودينا
افرد جناحك تاني فوق المينا
طير يا حمام على بورسعيد ودينا
افرد جناحك ما علينا ملامة
افرد جناحك يا حمام الريف
على بورسعيد الحرة حط وشيد
واحكي بطولة شعب حر أصيل
خلد كفاحه ف الدنيا شدت لينا
طير يا حمام على بورسعيد ودينا
افرد جناحك تاني فوق المينا
طير يا حمام على بورسعيد ودينا
صوتك يا طيب البشاير جاني
وف ليلة حلوة من زمان صحاني
طير يا حمام ع الغصن الأخضر تاني
غصن المحبة والسلام واشجينا
طير يا حمام على بورسعيد ودينا
افرد جناحك تاني فوق المينا
طير يا حمام طير يا حمام علي بورسعيد ودينا
طير يا حمامنا ف العلالي وغني
وافرد جناحك الأبيض المتحني
كل الشعوب جايه تهني
يوم انتصرنا وانسحاب أعادينا
طير يا حمام طير يا حمام على بورسعيد ودينا
طير يا حمام على بورسعيد ودينا
كما شدت نجاة بأغنية في افتتاح قناة السويس (حسب الميعاد ) لإحياء روح الانتماء في قلوب المصريين من كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان كمال الطويل التي تركت بصمات في وجدان سامعيها تقول:
حلوة حلوة يا بلدنا،
أيوا أيوا يا أولادنا
جينا في ميعادنا،
والله جينا في ميعادنا،
طارت طيور البحر فوق الميناء تاني،
وآدي السفاين داخلة في أحضان الموانئ،
مش قولتلك كله بميعاد حسب الميعاد،
حسب الميعاد يا حبيبي،
حسب الميعاد جينا،
وادينا يا حبيبي ماشين على المينا،
حسب الميعاد يا حبيبي’.
كما تغنى المطرب محمد قنديل صاحب الروائع الوطنية وأغنيته الشهيرة “ع الدوار” فشارك في المعركة بأغنية من كلمات إمام الصفطاوى وألحان عبدالرؤوف عيسى:
بالكفاح والسلاح بالجراح
والدما..شفنا يا بورسعيد أجمل صباح
نوره مالي السما.. يا صباح الانتصار.. بورسعيد..
وردد الجمهور مع صوت فايدة كامل أغنية (مدفعي في إيديا) من كلمات إسماعيل الحبروك وألحان يوسف شوقي والتي تقول في أحد مقاطعها:
زي أبويا ما قالها لأمي..
هضرب لآخر نقطة في دمي..
وبورسعيد جوه عينيه
ومدفعي في إيديا،
كما هز صوتها العالم كله عندما غنت من كلمات كمال عبد الحليم ولحن علي إسماعيل نشيد دع سمائي الذي يظل في وجدان كل مصري محبا لوطنه:
دع سمائي فسمائي محرقة.
دع قناتي فمياهي مغرقة.
واحذر الأرض فأرضي صاعقة
هذه أرضي أنا وأبي ضحى هنا
وأبي قال لنا مزقوا أعداءنا
أنا شعب وفدائي وثورة
ودمُ يصنع للإنسان فجره
ترتوي أرضي به من كل قطرة
وستبقي مصر حرة مصر حرة
ومن شعر محمد التهامي ولحن عزت الجاهلي غنت المطربة نجاة علي التي شاركت في معركة الكفاح وإحياء روح الانتماء في وجدان كل مصري عاشق لوطنه:
قسما بشعبك بورسعيد..
قسما بموقفك المجيد..
وبراية الأبطال ينقلها الشهيد إلى الشهيد.
كما شارك في معركة الغناء لبورسعيد من المطربين العرب المطرب اللبناني محمد سلمان قصيدة (وطني ) كلمات الشاعر محمد الفيتوري وألحان يوسف شوقي، التي يقول في أحد مقاطعها: “يا بورسعيد إني فدا قبضة من ثراك الثمين”، كما أشعلت زوجته المطربة نجاح سلام حماس الجماهير في مصر والعالم العربي وهي تغني عاشت بورسعيد التي يقول مطلعها: بورسعيد بورسعيد عاشت بورسعيد.. يا بورسعيد سمائك نار تذيب الحديد.
لقد تركت مدينة بورسعيد في الأغنية الوطنية بصمات في قلوب كل المصريين رغم مرور الزمن إلا أنهم مازالوا يرددونها وستظل باقية في صفحات التاريخ تلعب دورا هاما وباعثا لروح الانتماء لدى الشعب المصري لما تتركه في الوجدان، وسيظل سلاح الكلمة في رحلة الكفاح، أداة من أدوات القوى الناعمة في مواجهة الفكر المتطرف، وستظل الأغنية الوطنية تمثل النبع الذي يرتوي منه كل محب وعاشق للوطن.