أنا وأنتم ورمضان … حوار القلب
من منا لم يمتلك كثيرا من الذكريات الجميلة العطرة في شهر رمضان المبارك؟ من منا لم يتذوق سحر الشهر الفضيل، أو يتنسم عبق عطره الفواح؟ من منا لم يحزن على فراقه وكأن الروح أيامها غادرت الجسد انتظارا لعودة جديدة لها في عامها القادم؟
من منا لم يسهر حتى الفجر مع الرفاق في ليالي رمضان بهجة وسرورا واستمتاعا بأيامه ولياليه؟ من منا لم ينتظر صوت المدفع وقت الإفطار وكأنه صوت الحياة والبهجة والسرور يداعبنا برفق وحب كل يوم؟
من منا لم يفارق المساجد بعد الإفطار استماعا لشيخ جليل نحبه في الله، وكأن كلماته العطرة إفطار جديد بعد الإفطار؟ من منا لم يرافق أباه أو أخاه أو صديقه استمتاعا ببركة أيام الشهر الفضيل؟
أين ذهبت بهجة رمضان؟
هكذا كان رمضان، وهكذا كنا، وهنا أطرح تساؤلا حائرا: لماذا ضاعت بهجة رمضان في حاضرنا هذا؟!
نعم ولا أبالغ، لم نعد نشعر برمضان، ولم تعد لدينا نفس مشاعر الماضي، وكأن المعشوق قد ملته النفوس وهجره العشاق فغدا وحيدا في عالم غريب، عالم لم يعرفه، ولم يتعود عليه، ولم يأنس به.
حالنا مع رمضان
يوما ما تخيلت رمضان ذلك الرجل الحائر الذي قتلته الدهشة ماثلا أمامي فبادرته بسؤال واحد وهو: أيها الشهر الفضيل.. لماذا أراك حزينا؟!
ورأيته يرد علي قائلا: وأي شيء يسعدني يا فتى؟
أين أنتم من المساجد وعشقها؟!
أين أنتم من القرآن؟!
أين أنتم من البر والتواصل وصلة الأرحام؟!
أين أنتم من الشوق إليّ والإقبال عليّ؟!
رمضان في ذاكرة الصائمين
لماذا غدت مساجدكم تعج بالضوضاء ومكبرات الصوت والأصوات الجهورة التي يناطح بعضها بعضا؟!
لماذا غدت المقاهي في عالمكم قبلتكم الأولى حتى كدت أشعر بالغيرة منها؟!
لماذا غدت الهواتف في أيديكم أصناما تعبد وكأنكم أعدتم عبادة الأصنام في عالمكم الجديد وبشكل جديد؟!
لماذا غاب الشباب عن الترحيب بي؟!
لماذا غابت لهفة الاشتياق إليّ في عيون الكبار؟!
ولماذا حرمتم الصغار بهجة قدومي؟!
أأنتم حقا في رمضان؟! أأنتم فعلا مسلمون؟!
عودة إلى شهر الرحمة والمغفرة
نظرت إليه حائرا، ألجمني الصمت، وكبلتني قيود العجز، وقهرني الحزن، وإذا به يقول مواصلا عتابه القاتل:
عودوا إليّ، إني أحبكم
عودوا إليّ، فأنا هدية ربكم لكم
عودوا إليّ قبل أن يأتي يوم لن ينفع فيه شوقكم إليّ، ولا حزنكم على فراقي، فأنا لن أنتظر غافلا، ولن أستجدي من قرر أن يفارقني فهو حتما الخاسر
عودوا إليّ، فأيامكم معي معدودات، أنا ضيف، فلا تهينوا ضيفا جاء يحبكم
عودوا إليّ، أنا القرآن، أنا الرحمة، أنا المغفرة، أنا العتق من النار، أنا ليلة القدر؛ ليلة ربكم في شهر المغفرة
عودوا إليّ، اتركوا التلفاز والهواتف والمقاهي، اتركوا الدنيا فلكم في عشقي فقط حياة لمن أراد الفوز والنجاة.
اقرأ أيضاً: