Pokemon Go! – حكاية خالد والبوكيمون ،أمسك بالبوكيمون
منذ أن بدأ خالد فى لعبة ” بوكيمون جو” و تغيرت حياته تماما؛ فبدلا من الجلوس ليلا ونهارا فى القهوة، صار يجوب الشوارع نهارا يبحث عن ” بوكيمون ” ليرميه بالكرة، و فى الليل يقابل أصحابه هانى و وليد و حسن ليتباروا من منهم جمع أكبر عدد من الـ ” بوكيمون “.
1
خالد شاب لطيف ظريف، من أسرة طيَبة و على خلق.
خالد تخرَج حديثا من الكلية، تخرَج و كلَه أمل فى الحياة، لكنَه وجد نفسه يجالس أمله فى القهوة وحيدا.
و فى القهوة “واى فاى” مجانى، و فى يد خالد الموبايل.
خالد يقرر أن يحمل فى موبايله تلك اللعبة الجديدة المسماه “بوكيمون جو”
الغاية وأهميتها في حياة الإنسان
من أهم مكونات الطبيعة البشرية إيجاد هدف و غاية من حياة الانسان، “لماذا أنا هنا؟” هو أحد الأسئلة التى شغلت بال الفلاسفة و الحكماء على مر الزمان.
و انقسموا إلى اثنين؛ منهم من آمن بحياة بعد الموت. سواء كانت الحياة الآخرة أو حتى إعادة الحياة الدنيا فى جسد جديد بعد الموت كبعض فلاسفة الهند.
و هؤلاء على اختلافهم فى تصورات تلك الحياة الأخرى أو المعادة استنتجوا أن “الهدف” و “الغاية” من حياتنا الدنيا الحالية هو الإعداد الأفضل لما بعد الموت. قوام ذلك الإعداد من ناحية هو العمل الطيب و القول الحسن و حسن الخلق، و كل ما نعده جميلا فى طبع الانسان, و من الناحية الأخرى البعد عن الخبائث من الأقوال و الأفعال. فهنا الإنسان يعرف لحياته معنى يساعده على تحمل ما يراه من سخافات و ظلم و ألم، بل إنه عند بعض خواص هؤلاء الناس المؤمنين يعد الألم و الكدح فى الحياة مرحبا به من باب أنه يساعد النفس على التطهر مما علق بها من أوحال الذنب و أوساخ الخطايا، فيلقى حياته الأخرى نقيا طاهرا فى مرتبة أعلى. فنرى المسلم يؤمن أن مامن شوكة تصيبه إلا و يسقط معها ذنب. و المسيحى يقابل عداوات خصمه بالحب ليرتقى فى ملكوت الرب، و الهندوسي يضع نفسه فى أوضاع جسدية غاية فى الألم ليطهَر نفسه و تكون حياته التالية أعلى فى المرتبة من حياته الحالية كما يؤمن.
فالمؤمن بالغاية العليا من حياته هو شخص فى أمن و سلام مهما قابل من ألم. و مهما وُضعت أمامه من مغريات إلاَ أنها لا تؤثر فيه كثيرا. هو بالفعل عنده غاية حقيقية يعيش من أجلها.
و القسم التالي من الفلاسفة طرح مسألة الحياة التالية جانبا و شرع يبحث عن الغاية من الحياة. و أغلبهم توصل الى أن الغاية الحقيقية من حياة الانسان هو تحصيل اللذة المادية !!
2
منذ أن بدأ خالد فى لعبة “البوكيمون جو” و تغيرت حياته تماما؛ فبدلا من الجلوس ليلا ونهارا فى القهوة، صار يجوب الشوارع نهارا يبحث عن “البوكيمون” ليرميه بالكرة، و فى الليل يقابل أصحابه هانى و وليد و حسن ليتباروا من منهم جمع أكبر عدد.
خالد لم يعد وحيدا، فقد صار له أصحاب منافسين يجمعهم “البوكيمون” فى الموبايل على القهوة. حتى العمل و إجادته و الترقي فيه صاروا أهدافا ثانوية، شئ على الهامش. خالد يحس باللذة العارمة إذا انتصر على أصحابه، و كل الألم أن يخسر
خالد غايته فى الحياة؛ البوكيمون
هل تصلح اللذة المادية كغاية للحياة؟
اللذة هى أى شئ يعطيك الإحساس بالسعادة، من غير المهم أن هنا يكون ذلك الشئ حقيقيا أو خياليا (وهميا)، الإحساس باللذة المادية هو المهم، أيَا ما كان مصدره.
المشكلة فى طرح اللذة المادية كغاية فى الحياة؛ أنها فى حياة الإنسان قصيرة العمر، فالإنسان يعتاد الشئ المادي و يمله مع الوقت. المشكلة أيضا أن اللذة المادية هي إحساس داخلى منفصل عن مصدره، وقد تأتى من النجاح فى العمل، أو من أكلة محببة للنفس، أو من المخدرات أو…. أو من لعبة على الموبايل ترسم شخصيات وهمية تجرى خلفها حتى إذا أدركتها وجدتها سرابا.
3
يجرى و يلهث، يده اليسرى ممسكه بحقيبة العمل، و اليمنى تمسك بالموبايل أمام وجهه الغارق فى العرق. عينيه تتنقل فى سرعة بين الكائن الأصفر الوهمى على شاشة الموبايل و بين الطريق أمامه.
يلمحه هناك أمام باب العمارة، يسدد نحوه الكرة، يجرى صوبه ليلحق به و… و لا ينتبه إلى السيارة العابرة بسرعة!
الـ ” بوكيمون ” كغاية للحياة!
الإنسان لا يستطيع أن يعيش بدون أمل أو غاية طويلا؛ فإن لم يستطع اتخاذ غاية حقيقية من حياته، صنع لنفسه غاية وهمية يجرى خلفها طوال عمره؛هى وهمية، و هو يعلم أنها وهمية لكنَه يتصور أنَه لا يملك غيرها.
فأنت يمكنك أن تفهم الغاية من حياتك “اللذة المادية”، ثم تبحث عن مصادر تلك اللذة و تلهث خلفها، فإن لم تقدر على المصادر المادية للذة من نجاح أو أموال أو شهرة أو…. وجدت نفسك قد اتخذت مصادر وهمية كالمخدرات أو الألعاب. و ساعتها لن تتحمل الألم لأنه يتنافى مع الغاية التى اتخذتها.
و يمكنك فى المقابل أن تتخذ الغاية العليا هدفا لك. و هو النعيم فى الآخرة، ثم تبحث عن أيها النعيم الحقيقى، و الذى به تتحمل الحياة الدنيا بلذاتها المؤقتة و بشقائها، دائما يملؤك الأمل فى كل حال.
4
انتهى قارئ القرآن فى عزاء خالد من تلاوة “الربع” و صدق الله على آياته ثم تناول كوب الماء.
أمامه فى أربع صفوف المعزون جالسون، منهم من يرتشف قهوته، و منهم من يحادث جاره، و منهم من ينفث دخان سيجارته.
غير بعيد عن المقرئ يجلس وليد و هانى و حسن، و قد اخرج كل منهم موبايله يدفن فيه عينيه.
فجأة ينتصب ظهر هانى و تبرق عينيه، ثم يلفت رأسه فى بطء و معها الموبايل، يقوم ببطء و يتجه نحو المقرئ، لاحظه وليد و حسن، و تبعاه خلف موبايلاتهما، المقرئ ظنَهم يقتربون ليهنئوه على حسن تلاوته، لكنَه أدرك خطأه عندما فوجئ بثلاثتهم يقفزون على حجره صارخين:
امسك بوكيمون !!
اقرأ أيضًا:
لم أجد السعادة إلا في عيون البسطاء .. ما علاقة البساطة بالسعادة؟ وكيف نسعد؟
العلاقة بين الترتيب والسعادة – رتب دماغك تنعم بحياتك.
لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط
ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب