مقالاتقضايا وجودية - مقالات

يلّا كل واحد يطّلع ورقة وقلم… عندكم امتحان مفاجئ! الإمتحان المفاجئ في حياتنا

” يلّا كل واحد يطّلع ورقة وقلم … عندكم امتحان مفاجئ!” يسود الصمت بضع لحظات، ثم تبدأ الهمهمات المعترضة والتي تستسلم في النهاية للأمر الصادر وتخرج الأوراق والأقلام لحل ذلك الثقل المفاجئ وهي تتمنى في داخلها أن يأتي مفاجئ آخر ليلغي ذلك الامتحان وتتخلص من الأزمة التي حلت عليها.

جملة شهيرة لا بدّ وأن تكون قد مرت علينا في أثناء الرحلة التعليمية وأكاد أجزم أنه في كل مرة يكون وقعها علينا صادما، كأننا كنّا نعيش في سلام وأمان وتنزل تلك الكلمات كالصاعقة على رؤوسنا لا نفيق منها إلا على صوت المعلم وهو يقول “انتهى الوقت”.

هدف المعلم واستجابة الطلاب

ما الذي يدفع المعلم لعمل الامتحان المفاجئ؟ فذلك لن يعود عليه بالنفع الشخصي المباشر، لا بدّ وأن هناك دافعًا آخر، نتيجة يريد أن يصل إليها، أبسط تفكير يوصلنا أن الهدف المتوقع هو قياس مدى استعداد الطالب للإجابة عن أي سؤال في المنهج الدراسي والتي تعكس مدى فهم الطالب واستيعابه للمعلومات المقدمة إليه.

وما الذي يجعل الطالب يتذمر ويهمهم معترضًا على هذا الإجراء؟ لأنه غير متوقع، فلم يقم بما يتوجب عليه فعله من المذاكرة المستمرة، أو أنه حتى لم يقرأ كلمة واحدة مما تلقاه من تعليم، وتكون نتيجة الامتحان فاضحة لما لم يقم باستذكاره، كيف يجيب عمّا لا يعرفه؟ كيف يستنتج ما لم يكن يتوقعه؟ إنها معضلة!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

عندما يعتاد الطالب ذلك الإجراء من ذلك المعلم، هنالك يظهر الطالب الذكي الذي يحاول أن يكون مستعدا دائما بالمذاكرة المستمرة والمتابعة لكل ما يقوله المعلم.

حينها لن يكون هناك امتحان مفاجئ، لأنه يتوقعه طوال الوقت ومستعد له باستمرار

أما الطالب الكسول لن يقدم ذلك المجهود وسيتفاجأ في كل مرة، بل أحيانا يصل الأمر بالبعض أنه يتفاجأ بالاختبارات الدورية واختبارات آخر العام!

الامتحان المفاجئ ليس في التعليم فقط

الامتحان المفاجئ لا يقتصر وجوده على المنظومة التعليمية فقط، بل يمتد إلى كل جوانب حياتنا، إن موقفًا بسيطًا مثل بعض أعراض الإنفلونزا هو بمثابة اختبار مفاجئ لأنه يمنعنا من خططنا اليومية فهو زائر غير مرغوب فيه يعوقنا عن أداء نشاطنا المعتاد، كذلك خسارة بعض الأموال في التجارة، ضياع الترقية في العمل، أو حتى وفاة أحد المقربين كلها قد تندرج تحت مسمى الاختبار.

ليست فقط الأحداث السيئة بل السعيدة كذلك، فَلَو أنك فزت بمليون جنيه فهذا اختبار مفاجئ، أو يرزق أحدهم بمولود جديد هو تحد مفاجئ.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وتختلف ردود أفعال الناس لتلك الاختبارات باختلاف استعدادهم مثل الطالب الذكي الذي يتوقع الاختبار في أي وقت فيعد العدة والطالب الكسول الذي يظل يتفاجأ مهما كثرت الاختبارات.

ولكن اختبارات الحياة تلك كيف نستعد لها؟ كيف نذاكر منهجها فنستطيع الإجابة عنها بالشكل الصحيح والذي يعطينا الدرجات العالية؟

قد يعتقد البعض أن المناهج التي يتوجب استذكارها للاستعداد لكل اختبارات الحياة لابد وأن تكون مناهج مثيرة ومعقدة لتستطيع تغطية كل الجوانب، لكن في الحقيقة إن تنوع اختبارات الحياة لا يعني أنّ هناك منهجًا مختلفًا لكل اختبار، لكن هناك منهج واحد إذا استطعنا فهمه ودراسته جيدًا كان ذلك مؤهلًا لنا للنجاح في كل اختبارات الحياة المفاجئة منها أو المتوقعة.

المنهج يتلخص في حقيقة فهم الدنيا وطبيعتها وحقيقة النفس الإنسانية ووصولها للسعادة الدائمة؛ فالدنيا من طبيعتها أنها دائمة التغير، والاستقرار والثبات لا يستمران طويلا فيها، فمن الطبيعي أن يأتي التغير بعد فترة طالت أو قصرت إلى حياتنا، فإن لم نفهم تلك الطبيعة ونتوقع ذلك التغير جاء الامتحان بصورته المفاجئة الكريهة، لكن إذا وضعنا في الحسبان أن دوام الحال من المحال مهما كان ذلك الامتحان نستطيع استيعابه واجتيازه بسلام.

يبدو أن ذلك التغير المستمر يجعل السعادة الدائمة مستحيلة الوجود!

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لكن هذا غير صحيح، فهمنا لحقيقة ما حولنا وما هو ثابت وما هو متغير يساعد كثيرا في الوصول لتلك السعادة التي تبدو أنها صعبة المنال.

 

فإذا كانت الدنيا متغيرة فما هو الثابت؟

إن معرفة حقيقة الإنسان أنه جسد وروح يوضح ويحدد احتياجاته الصحيحة، وعند تلبية تلك الاحتياجات فهو بذلك يكمل ما ينقصه وهو ما يجلب السعادة، فإذا كان احتياج الجسد من مأكل وملبس وراحة وزواج، فتلك الأمور كلها لا تدوم وسعادتها حتما تزول مهما طالت، لذلك تسمى سعادة مؤقتة، قد يؤثر الخيال في فهمنا ونظن أنها الغاية والنهاية فنظل نركض في إثرها دون حصول الشبع منها وحينها يأتي الاختبار فيكون صادما بسبب الفهم الخاطئ لما حسبناه لن يزول.

لكن هناك جانب آخر في حقيقة الإنسان يغفل عنه الكثيرون وهو الروح، ولأن الكثيرون يغفلون عنها فلا يلبون احتياجها ويكون ذلك سببا في تعاستهم. احتياج الروح بسيط وممكن تلبيته بسهولة، هي تتغذى بالأخلاق والقيم وتعيش على المعرفة والعلم، معرفة أن هناك خالق كريم ورحيم لن يتركها بين أمواج الاختبارات المتلاطمة دون دليل ولا معين.

إن معرفة هذا الخالق والقرب منه هو أقوى وأفضل سلاح لنخوض معارك الحياة، هو الدرع الذي يقينا ضربات الاختبارات وهو ما يجلب سعادة تدوم، سعادة حقيقية وشعورا بالرضا يشبع الروح ويغذيها، وذلك ما يعدها ويؤهلها لخوض أي اختبار في أي وقت، ذلك لا يعني إطلاقا إهمال الجسد بل يوجب التوازن بين احتياجات الإثنين الجسد والروح، لأن في إكمال ما ينقصنا في كِلَي الجانبين تحقق السعادة الكاملة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

المنظور الخاطئ للحياة وأهمية توضيح الرؤية

كيف أحدد طريقي ووجهتي ؟

لم أجد السعادة إلا في عيون البسطاء

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

رشا الشتيحى

طبيبة أسنان

محاضرة وباحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالاسكندرية

مقالات ذات صلة