مقالاتقضايا وجودية - مقالات

ما الحكمة من تطبيق فكرة “اليونيفورم”؟ وكيف يوجد لها أكثر من صورة؟

اليونيفورم والسعادة الإنسانية

يلفت نظري في كل مكان أذهب إليه أشكالًا متنوعة من الملابس وهنا لا أقصد الموضة ولكن ما أعنيه هو ذلك الزي الموحد الذي تتخذه كبريات الشركات كزي رسمي للعاملين فيها “اليونيفورم” والذي يعتبره الكثير في مجتمعاتنا مظهرا للتميز واحترام العملاء وقد لاقى رواجًا واستحسانًا في أغلب المجتمعات مما دفع حتى أصغر الشركات والمشروعات الصغيرة أن تتبنى نفس الفكرة، ولم يقتصر الأمر على المجال التجاري الربحي، بل انتشر أيضا في وسط أصحاب العمل العام الخدمي بالإضافة للمدارس والمستشفيات… الخ حتى أصبحت ظاهرة عامة كنوع من التحضر والتقدم الذي يجب أن تسير عليه كل مؤسسة  “تجارية كانت أو خدمية” تريد أن يكوّن عنها انطباع التميز وحسن الإدارة، والتي ستنعكس بدون أدنى شك في ثقة كل من يتعامل مع هذه المؤسسات.

الأمر الذي دفع تلك المؤسسات أن تجعل هذا الزي إلزاميًا ومن أهم شروط العمل فيها وأن من يخالف هذا الأمر يعرض نفسه للفصل، ولا يعتبر أحد ذلك نوعا من التعنت أو الظلم للعاملين بل الكل يجمع أن ذلك الأمر هو  حسن يفيد العامل والمؤسسة في آن واحد، وأن المخالف لذلك هو المسؤول عن فقدان عمله، والشركة تكون معذورة لأنها تبحث عن التميز من جهة وأن طلبها من الموظفين لديها الالتزام بزى معين هو طلب منطقي من حقها مثل حق الموظف في الحصول على راتبه نهاية كل شهر من جهة أخرى.

كثيرًا ما كنت أفكر في هذا الأمر وسبب هذا التفكير المتكرر هو شعوري القوي بأن “اليونيفورم” هي فكرة مرتبطة ارتباطًا قويًا بحياتنا اليومية دون معرفة السبب، ولكن عدم معرفتي لم تمنعني من ملازمة التفكير في هذا الأمر على أمل أن أجد له تفسيرًا يجيب عن العلاقة بين هذه الظاهرة وبين حياتنا. إلى أن جال في ذهني هذا الربط ليس فقط بينه وبين نمط حياتنا اليومية بل تعدى الأمر إلى ارتباطه بسعادتنا الإنسانية.. نعم وصل الأمر إلى هذا الحد، ولكي تكون فكرتي والربط الذي سأقوم به واضحًا تعالوا ننظر إلى حال مجتمعنا.. وليس المقصود بمجتمعنا المنظور الضيق بل المنظور الأوسع الذي يشمل المجتمع الإنساني كله، فنحن في زمن أصبح الفكر والأفكار تطير من منشأها لتؤثر سلبا أو ايجابا في باقي الأماكن وهذا ما لا يحتاج إلى توضيح، بالعودة للنظر في حال المجتمع نجد أن لكل منا يونيفورم خاص يشترك به مع مجموعة من البشر يشاركهم نفس الاهتمامات والرغبات وطريقة التفكير ونمط العيش سواء كانوا من بيئة واحدة أو من بيئات ومجتمعات مختلفة، إلا أن ما يجمعهم جعلهم جميعا أصحاب يونيفوم واحد يميزهم عن غيرهم في نظرتهم للواقع وتشخصهم لما ينبغي أن تكون عليه حقائق الأمور فيه وكيفية التعامل  مع هذا الواقع  بسلوك ونمط معين نابع من تشخيصهم للمصلحة ومسببات السعادة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فنجد من يقدم طلبا للعمل في “المؤسسة المادية للسعادة” وبناء عليه يجب أن يلتزم بتعليمات الشركة بأن لا شيء خارج نطاق المادة، فلا يجب أن تسأل عن قيم معنوية  في الاحترام المتبادل أو الجوانب الروحية لأن ذلك لا ربح مادي من ورائه، يمكن فقط توظيفه في إطار أنه يجلب منفعة مادية وإلا فلا طائل منه، فيجب أن تعيش مثل الآلة لأن شركتنا تتبنى أن المكسب في تحقيق النفع المادي فقط وعلى موظفيها أن يقدموا نفعًا ماديًا للمؤسسة حتى تستطيع أن تشعرهم بالسعادة حتى لو تطلب ذلك التضحية بالحياة الأسرية أو المعنوية… الخ

وعليه أصبح هؤلاء أصحاب “يونيفورم المادية” وهم لا يخلو منهم مجتمع، ولا مبالغة لو قلنا أنهم الأكثر من بين كل “المؤسسات” حيث تمتد فروعها في كل بلد بل في كل بيت وأكثر من ذلك بل في كل نفس إنسانية.

ونجد في المقابل من يقدم طلب للعمل في “المؤسسة المعنوية/المادية للسعادة” وتنحصر تعليمات هذه المؤسسة في الموازنة بين المادي والمعنوي لأننا نحتاج كلا منهم، وعليه لابد أن تلتزم بهذه التعليمات.. وهؤلاء هم أصحاب “يونيفورم العقلانية” وأيضًا لا يخلو منهم مجتمع رغم كونهم قلة قليلة، إلا أنهم موجودون دائما، وينافسون بقوة معتمدين على فساد متطلبات العمل في المؤسسة المادية وشروطها التي لا تتفق مع احتياجات موظفيها مهما قدمت لهم من إغراءات.

وفي النهاية إذا كان الالتزام باليونيفوم هو رمز لحسن الإدارة والتحضر وأن من يخالفه لا يلوم إلا نفسه بناء على ما سبق ذكره، فلينظر كل منا إلى أى المؤسسات ينتمي وليحافظ على تعليماتها و “اليونيفورم” الخاص بها، لأن عدم الالتزام قد يعرضك للجزاء أو الفصل

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

.

 

 

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مقالات ذات صلة