الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، وشرّف اللغة العربية بنزول القرآن، والصلاة والسلام على أفصح ولد معد بن عدنان، أفصح من نطق بالضاد، والذي قال عن نفسه: “أنا أفصح العرب، بيد أنني من قريش، وربيت في بني سعد”، والذي قال أيضًا: “احفظوني في العرب في ثلاث خصال: لأني عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنة عربي”، وبعد..
لماذا يوم 18 ديسمبر يوم اللغة العربية؟
في عام 2013 قررت الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية (أرابيا) التابعة لليونسكو بالأمم المتحدة تحديد الثامن عشر من ديسمبر يومًا عالميًا للغة العربية.
يرمي اليوم العالمي للغة العربية إلى إبراز الإسهام المعرفي والفكري والعلمي لهذه اللغة وأعلامها في مختلف مناحي المعرفة البشرية عبر التاريخ، فالحضارة العربية الإسلامية لها إسهامات مشهودة في مختلف مناحي العلوم والمعرفة والآداب والفنون، ويعود إليها الفضل الأكبر في النهضة الأوروبية، ومن ثم الثورة الصناعية التي كرست قيادة الغرب للعالم منذ أواخر القرون الوسطى، وتشهد بذلك المستشرقة الألمانية زيجريد هونكة في كتابها “شمس العرب تسطع على الغرب”.
يسعى اليوم العالمي للغة العربية كذلك إلى التأكيد على مركزية هذه اللغة، التي تعد من أوسع اللغات السامية انتشارًا، فعدد المتحدثين بها يتجاوز 450 مليون نسمة في البلاد العربية، ومما هو جدير بالذكر أن اللغة العربية هي اللغة السادسة في الأمم المتحدة.
أهمية اللغة العربية
تحتوي اللغة العربية على ثمانية وعشرين حرفًا، وعدد جذورها ستة عشر ألفًا، بينما يبلغ عدد كلماتها ما يزيد عن اثنتي عشرة كلمة، وتسمى لغة الضاد؛ اللغة الوحيدة التي بها ذلكم الحرف.
من هذا وذاك وذياك تأتي احتفاليتنا بهذا اليوم، والاحتفاء به، تأكيدًا منا على أهمية هذه اللغة، بوصفها هوية أمة، ودستور حياة، ومنهاج طريق، فما أحرانا ونحن نرى شراذم العالم وسفاسفهم يتجمعون من كل حدب وصوب، ويتحدثون لغة لقيطة، ويقيمون لها حاضرًا، ويزيفون لها ماضيًا، ويزينون لها مستقبلًا، مع عدم قيمتها، وقلة حيلتها، وضعف مكانتها، لكن القوم وقد بدوا وقد نشروا لها لواء، وعملوا لها حسابًا، فبعثت من رقدتها، وقامت من وهدتها، بعد أن كانت نسيًا منسيّا، فغدت لغة علوم، ولهجة حضارة.
كيف بنا ولنا ماض سحيق وتراث مجيد، تشهد عليه الجدران، وتنطق به الصم الصلاب؟ ما أحرانا أن نهتم بلغتنا، وأن نعمل على إحيائها بكل ما أوتينا من قوة، إن لم يكن من منطق ديني، فبمنطق البراجماتية والمصلحة، فوجودها مرهون بوجودنا، وبقاؤها رهن بقائنا.
اللغة العربية في عيون المستشرقين
يقول المستشرق الإيطالي نالينو: “اللغة العربية تفوق سائر اللغات رونقًا، ويعجز اللسان عن وصف محاسنها”.
كما يقول الألماني يوهان فك: “لقد برهن جبروت التراث العربي الخالد أنه أقوى من كل محاولة يقصد بها زحزحة العربية الفصحى عن مقامها المسيطر”.
أيضًا يقول الإنجليزي وليم وورث: “إن للعربية لينًا ومرونة يُمكِّنانها من التكيف وفقًا لمقتضيات العصر”.
كذلك يقول الإسباني فيلا سبازا: “اللغة العربية من أغنى لغات العالم، بل هي أرقى من لغات أوروبا، لأنها تتضمن كل أدوات التعبير في أصولها، في حين أن الفرنسية والإنجليزية والإيطالية، وسواها قد تحدرت من لغات ميتة”.
يقول جورج سارتون: “وهب الله اللغة العربية مرونة جعلتها قادرة على أن تدون الوحي أحسن تدوين، بجميع دقائق معانيه، ولغاته، وأن تعبر عنه بعبارات عليها طلاوة، وفيها متانة”.
أخيرًا يقول الألماني كارل بروكلمان: “بلغت العربية بفضل القرآن من الاتساع مدى لا تكاد تعرفه أية لغة أخرى من لغات الدنيا”.
أيها السادة، إن اللغة العربية ليست بحاجة إلى شهادة من أحد، فهي لغة الهوية، والثقافة، والحضارة، والتاريخ، وهي خالدة باقية إلى قيام الساعة، باقية ما دام القرآن الكريم قائمًا وخالدًا، “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)”، سورة الحجر.
مقالات ذات صلة:
من الجوانبِ الاجتماعيةِ في مشكلةِ تراجع ِاللغةِ العربيةِ الفصيحةِ
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
*********
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا