مقالاتفن وأدب - مقالات

الوجه القبيح خلف القناع: حياة المخدرات والإدمان والتسافل الأخلاقي لنجوم ديزني و هوليوود

هذه هي هوليوود !
تتمايل وتتراقص في رشاقة وليونة أمام الجمهور الذي يراها ولكنها لا تراه من وقع الأضواء الباهرة المركزة عليها وهي تؤدي أغنيتها على خشبة المسرح، جدول حياة صاخب ممتلئ عن آخره بالحفلات الموسيقية وجلسات تسجيل الألبومات الجديدة في الإستوديو ودروس السولفاج لتمرينات الصوت، تسرح بنا مخيلتنا عندما نفكر في حياة إحدى هذه الفتيات فنتخيل الحياة المترفة في أحد الفيلات أو القصور في لاس فيجاس والسيارة اللامعة الفخمة وحفلات حمامات السباحة وربما القليل من المشروبات المحرمة هنا وهناك لزوم الأنس والمزاج العالي، نتخيل أيضا نظارات الشمس الأنيقة التي تتمنى كل فتاة لو أنها تمتلك مثلها من أفخم بيوت الأزياء مثل “شانيل” أو “كالفين كلاين”، كل شيء متوفر ومتاح وعلى بعد ضغطة زرار أو مكالمة تليفون أو حجز على الإنترنت، “التحويش” والترتيبات المالية الدقيقة لا حاجة لها هنا في هذا النمط الأرستقراطي من الحياة؛ فالمال هو آخر مشكلة يمكن أن تعطل تنفيذ أي شيء تريد أحد هذه النجمات القيام به.

هذا التصور هو ما يجعلنا في مرحلة من مراحل عمرنا نصاب بالهوس حول شخصيات مثل بريتني سبيرز أو ليندسي لوهان أو مايلي سايريس وآخرهم سيلينا جوميز! نتخيل كم هي سهلة وشيقة ومليئة بالمتعة حياة أي واحدة من هؤلاء، نشاهدهن في المسلسلات ونتابعهن في الأفلام وبرامج المقابلات الشخصية على التلفاز، نتابع أخبارهم في المجلات وعلى مواقع الإنترنت، نشتري الحقائب والملابس التي تحمل صورهم وإمضاءاتهم، نستمع لأغانيهم ونتبنى في بعض الأحيان مواقفهم من بعض القضايا الهامة المحيطة بنا.

لا نتعجب اليوم حينما نرى الحزبين الجمهوري والديمقراطي في أمريكا يحاولان استقطاب نجوم هوليوود البارزين لكي يصوتوا لناخبيهم في الانتخابات البرلمانية التي كانت تجري في الشهور الأخيرة الماضية. لقد أدرك السياسيون أو ربما خططوا بالتدريج لأن يكون الدافع الوحيد لأغلبية الناخبين في حسم قرارهم الانتخابي هو تبني نفس الموقف السياسي لنجوم هوليوود المفضلين لديهم، خاصة عندما تفشل الطرق الكلاسيكية في إقناع الجمهور، كتقديم برنامج انتخابي قوي متصل بالواقع ويحاول حل مشاكل الناس بالفعل.

فبينما نجد ترامب يحاول استمالة كايني ويست وزوجته كيم كارداشيان واللذين تكررت زيارتهما للرئيس البرتقالي أكثر من مرة في البيت الأبيض [1]، نجد الديموقراطيين يستميلون الكثير من مقدمي البرامج الساخرة مثل ستيفن كولبيرت وسيث مايرز وتريفور نوح وجون أوليفر، وأيضا المغنيين مثل بيونسيه وتايلور سويفت التي أعلنت مؤخرا دعمها لاثنين من مرشحي الحزب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.[2]

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فالسياسة اليوم في أمريكا تعيش علاقة محرمة عرفا وأخلاقيا حينما ترتبط ماليا وإعلاميا برجال أعمال الرأسمالية الجشعين من جهة وبنجوم هوليوود المتحررين والإباحيين بعض الشيء من جهة أخرى، فينتج من هذا الارتباط الكثير من الأفكار الهدامة والقرارات المتسرعة التي لا تساهم بأي قدر في رفاهية وسعادة المواطن بقدر ما تساهم وتحافظ على مصالح هذه الجهات الداعمة للسياسيين والذي يجب على كل من يريد أن يكون له وجود في عالم السياسة أن يتقرب إليهم ويقدم الذبائح والأضحيات في مذابح معابدهم كشرط ليحصل على أي موقع مرموق ومؤثر في هذا العالم، وبالتالي نرى أن السياسة ترقص وتتغنى على أنغام وأوتار عالم المال والشهوة والذي بدوره يمسك اليوم بكل خيوط اللعبة ويتحكم في مصائر الشعوب بالكامل. وهو عكس ما أراده أفلاطون في جمهوريته تماما حينما قال أنه ينبغي أن يكون الحاكم فيلسوفًا أو أن يكون الفيلسوف حاكمًا. فاليوم إما أن تحكم الثروة والشهوة أو أن يكون الحكم ثريًّا شهوانيًّا، وربما نجد في ترامب التجسيد الحي لهذه القاعدة أكثر مما نجدها في أي رئيس أمريكي سابق.

لا تهتم ديزني أو هوليوود بالخطر المحدق الذي يحيط بنجومهم في حياتهم الشخصية طالما أن المصالح الكبرى لا تتأثر بهذه المخاطر، لذلك لا نتعجب إن وجدنا أن معظم هذه الشخصيات تمر بأزمات صحية ونفسية كبيرة لا تكون واضحة في أوائل مشوارهم الفني خاصة في سنهم الصغيرة وهم يقدمون البرامج اللطيفة والمسلسلات الشيقة التي تجذب الكثير من أطفالنا. ولكن ما إن يدخلوا في مرحلة المراهقة حتى تبدأ المشاكل بالظهور تدريجيا، ونبدأ بملاحظة الوجه القبيح الحقيقي لمدينة الأضواء الصاخبة هوليوود المستتر خلف كل هذا البهرجة ومساحيق التجميل والموسيقى الرنانة. فتجد هذه الشخصيات تتحول شيئا فشيئا لأشباح مخيفة أو ثقوب سوداء كتلك التي تطاردنا في الكوابيس وأفلام الرعب، بعد أن تمتلئ الصحف بفضائح وقصص حول تعاطيهم المفرط للمواد المخدرة من الحشيش والقنب إلى الكوكايين والهيروين وإدمانهم للكحوليات، ناهيك عن سلوكهم المنفلت أخلاقيا والذي هو نتيجة طبيعية لغيابهم عن الوعي أغلب الوقت. فتجد ليندزي لوهان مثلا تقوم الشرطة بتوقيف سيارتها المسرعة لتقبض عليها وهي تقود تحت تأثير الكوكايين، وتشترط المحكمة أن تدخل دار إعادة تأهيل للمدمنين لكي لا يحكم عليها بالسجن.

أما بريتني سبيرز ففضائحها معروفة بعد أن أدمنت الكثير من المخدرات والمشروبات الكحولية والتي وجدت الشرطة آثارا لها في سجاد منزلها بعد استخدامهم لكلاب مدربة على الكشف عن المخدرات. كانت النتيجة أن وضعت المحكمة بريتني سبيرز وهي في هذا السن الكبيرة تحت وصاية أبيها تماما كأنها طفلة صغيرة لدرجة أنها لا يمكنها شراء علكة أو علبة سجائر بدون إذن والدها وإلا تعرضت للمساءلة القانونية، بل لقد كانت مهددة بأن تحرم من أطفالها بعدما كانوا معرضين للإدمان وهم رضع نتيجة لزحفهم على سجاد المنزل الملوث بالمخدرات.[3]

أما مايلي سايرز فهي شخصية كانت تظهر تحت اسم “هانا مونتانا” في مسلسل على قناة ديزني يحمل نفس الاسم. ولقد كانت تحت سيطرة والدها طوال هذه الفترة والذي كان يظهر معها في المسلسل. ولكن ما إن بلغت السن القانونية حتى تمردت على سلطة والدها وخرجت عن طوق حمايته لنفاجأ بها وهي بالكاد تبلغ 21 سنة تتأرجح عارية محلوقة الرأس على كرة من الحديد في أغنيتها الصادمة “wrecking ball”، معلنة بذلك هدمها لكل قواعد اللعبة القديمة التي كان والدها المتحكم الرئيسي فيها، وما هي إلا شهور حتى تكررت المأساة مرة أخرى بنفس الصورة، حفلات صاخبة وإدمان للمواد المخدرة وتدهور في الصحة وتسافل أخلاقي فظ يظهر في كل تصرفاتها.[4]

بينما تتضارب الأخبار حول أصغر نجمات ديزني سنا “سيلينا جوميز” والتي تدخل في هذه الأيام مصحة عقلية ونفسية للمرة الثانية. وبينما تشير بعض الأخبار أنه بسبب إصابتها بمرض لوبوس والذي تهاجم فيه مناعة الجسم الأعضاء والأنسجة السليمة نتيجة لنشاط مفرط في المناعة مما اضطر النجمة الشابة لعمل عملية نقل كلى في بداية صيف 2018، إلا أن بعض الأخبار تشير إلى أن صحتها تأثرت سلبا بتعاطيها المخدرات مع صديقها السابق “جاستين بيبر” والذي كان الممول الرئيسي لنمط حياتها الصاخب والحفلات الكثيرة وتناول المخدرات، بينما تشير مصادر أخرى إلى أن النجمة الشابة دخلت المصحة نتيجة لتدهور حالتها النفسية بعد سماعها خبر زواج حبيبها السابق جاستين سرا من أحد نجمات هوليوود ، الأمر الذي دمرها نفسيا تماما. [5] و[6]

اضغط على الاعلان لو أعجبك

لا يمكننا أن نتوقع محصولًا جيدًا على الإطلاق من هذه البذور الفاسدة والسيئة التي تزرع في عقول أطفالنا وفي سن صغيرة. إن الصدمة التي ستحدث لأطفالنا بعد تعلقهم وحبهم الشديد لهذه الشخصيات وهي تقدم لهم بشكل أليف بريء على قناة ديزني ستكون صدمة قاسية ومدمرة وهم يستمعون ويشاهدون التغير الحاد في سلوكهم بعد بلوغهم سن معينة وتحولهم لأشباح مرعبة وأطياف مخيفة من صورتهم القديمة التي تعودوا عليها، إنك لو بحثت عن أي صورة حديثة لـ “ليندزي لوهان” مثلا وهي اليوم في سن الثالثة والثلاثين وقارنتها مع صورتها منذ عشر سنين، لن تصدق أن الصورتين لنفس الشخصية، فلقد حولتها الكحوليات والمواد المخدرة لامرأة في أواخر الأربعينيات على أقل تقدير.[7] فإما أننا نقول لأطفالنا أن التسافل الأخلاقي في سن المراهقة أمر طبيعي جدا حينما نسمح لهم بمتابعة هذه الشخصيات السامة، أو أننا نضعهم في حيرة بين المثل الأخلاقية التي نحاول أن نزرعها فيهم وبين غياب قدوة حقيقية صالحة تكون مصداقًا بقدر الإمكان لهذه المثل والقيم الأخلاقية على أرض الواقع.

[1] : http://time.com/5422270/kanye-west-trump-speech/

[2] : https://www.businessinsider.com/taylor-swift-endorsement-politics-2018-10

[3]: https://www.nickiswift.com/13904/britney-spears-breakdown-even-scarier-thought/

[4] : https://www.dailymail.co.uk/tvshowbiz/article-2900809/Inside-Miley-Cyrus-drug-den-Singer-surrounded-cannabis-rolled-bank-note-vial-white-powder-recording-studio.html

اضغط على الاعلان لو أعجبك

[5] : https://radaronline.com/videos/selena-gomez-rehab-treatment-center-drugs-breakdown-fears-relapse/

[6] : https://radaronline.com/exclusives/2016/09/selena-gomezs-drug-rehab-lies-exposed/

[7] : https://www.youtube.com/watch?v=reLUx5auh_I

10 Celebrities before and after drug use

 

اضغط على الاعلان لو أعجبك

اقرأ أيضاً:

عصر السيولة ومفاهيمه عن الإنتماء وعلاقة ذلك بالغزو الفكري

الكوميديا ودورها الهام والمؤثر في الغزو الثقافي والفكري في المجتمعات

جيلٌ هش .. الجيل المعاصر في خطر!

حسن مصطفى

مدرس مساعد في كلية الهندسة/جامعة الإسكندرية

كاتب حر

باحث في علوم المنطق والتفكير العلمي بمركز”بالعقل نبدأ للدراسات والأبحاث”

صدر له كتاب: تعرف على المنطق الرياضي

حاصل على دورة في مبادئ الاقتصاد الجزئي، جامعة إلينوي.

مقالات ذات صلة