إصداراتمقالات

المنطق النفعي ليس مُعيباً

تُعرّف النفعية على إنّها انتظار الإنسان المقابل من قيامه بفعلٍ ما أو قولٍ ما، وذلك في اللّغة، أمّا المنطق النفعي فينظر للحقّ على أنّه هو الشيء الذي ينفع الإنسان، لكن ما دون ذلك لا يُعد حقّا.

وهنا يبرز لنا تساؤل: هل المنطق النفعي هذا معيب ولا يُحقّق الغاية الأساسية لوجود الإنسان على ظهر هذه البسيطة؟!

الإجابة لا …

لا تتعجب عزيزى القارئ فنحن -منتهجي المنهج العقلي- عندما نتّخذ موقفًا ضد المنطق النفعي فهذا لا يعني إنّنا غيريّون لدرجة نسيان ذواتنا أو ذوبانها في الآخرين ومصالحهم. وذلك لأنّ مبدأ النفعيّة هو مبدأ حتميّ تسعى النفس البشريّة دائمًا وأبدًا إلى بلوغه، والدليلُ على حتميّته استخدام القرآن الكريم لغة الترغيب بكافة أنواع الترغيب، المادي منها والمعنوي، ليخاطب النفس البشرية بكافة أنواعها،ممّا يدل على فطريّة النفعيّة، وكان لذلك حكمة يعلمها الله، ونظنها إنها جذب البشر للتشريعات الإلهية، والتي فى تنفيذها تكتمل سعادة الانسان وهي المنفعة الحقيقيّة للذات البشريّة،ولكنّ كلّ ما نختلف معه نحن هو تعريف النفعيّة،وما يُعدّ نفعًا حقيقيًّا لذات الإنسان الماديّة والروحيّة.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

فإنّنا قد تبيّننا أنّ النفعيّة الحقيقية للإنسان هي في بلوغه الكمال والسعادة، ولكن ذلك لن يتحقّق إلّا بقيامه بالمهمّة العظيمة التى ارتضى أن يحملها على عاتقه بإسنادٍ من الله عزّ وجلّألا وهي إعمار الأرض. ولذا فكلّ عملٍ أو قولٍ يقرّب الإنسان من تحقيق هذه الغاية يُعدّ نفعًا وحقًا لابدّ من اتّباعه.

ولكي يبدأ الانسان في البناء والإعمار، عليه أوّلا أن يبني ذاته، ففاقد الشيء لا يعطيه، فكيف له أن يبني وذاتُه لم يكتمل بناؤها بعد؟!

فكما نؤمن بوجود الإنسان المادي الجسدي الذي نستشعره بحواسنا ويُدرك عقلنا وجوده، فإنّنا نؤمن أيضا على الجانب الآخر بوجود الإنسان الروحي، وكما توجَد متطلبات لهذا الجسد المادي الذي لا يتعدى كونه آلة تتواصل من خلالها الروح مع هذا العالم الماديّ، توجَد على الجانب الأخر الروح وهي ما قال الله عزّ وجلّ عنها فى كتابه الكريم:

” وَ يَسئَلُونَك عَنِ الرُّوح قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبى وَ مَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً(85)سورة الإسراء.

فنحن بالفعل لا نعلم ماهيّة الروح،ومما تتكوّن وتتألّف،ولكننا نستشعر احتياجاتها، وعلينا أن نلبيها، بل وفي تلبيتها تكتمل ذات الإنسان.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ومن هنا يتّضح ما ذكرناه سلفا: إننا لسنا ضدّ المنطق النفعي لأنه خطأ في حدّ ذاته، بل إننا ضدّ المنطق النفعي لتعريفه النفعية بكل ما هو مادي وإغفاله الجوانب المعنوية الروحية للإنسان، والتي فيها الصلاح والمنفعة الحقيقية للذات البشرية كاحتياج المعرفة للوصول بالروح والعقل الإنساني للكمال وهو ما لا تُحقّقه الماديّات.

فانشغال الإنسان بالسعي وراء المنافع الماديّة، يغلّف على قلبه فيصبح قلبه أعمى لا يدرك الحقّ، ولكي يعود الإنسان إلى فطرته السليمة التى فطره الله عليها، يجب أن تنجلي هذه الماديات عن قلبه، لكي يدرك النفع الحقيقي لذاته، وذلك لا يقتصر على ماهو ماديٌ فقط.

عندها يكتمل للإنسان بناؤه الذاتي، الروحي بجانب المادي،وحينئذٍ يستطيع أن يُحقق مهمته التى وُجد من أجلها ألا وهي إعمار الأرض،وبذلك يكون المنطق النفعي تم تحقيقه بما فيه الصلاح والمنفعة الحقيقية على كِلي الجانبين الذاتي والكوني.

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

وفاء محمد

اخصائية نفسية

باحثة فى علم النفس الاجتماعى

باحثة بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالقاهرة

مقالات ذات صلة