إصداراتمقالات

المرجئة فى ثوبهم الجديد

المرجئة و لمن لا يعرف شيئًا عنهم أو عن تاريخهم سأحاول أن أختصر تاريخهم في سطور .. المرجئة هي فرقة إسلامية نشأت و كانت بداية عهدها في الدولة الإسلامية مع تأسيس الدولة الأموية و بعد نجاح معاوية بن سفيان في تثبيت نظامه السياسي و تغيير النظام الاجتماعي الإسلامي بأكمله تقريبًا.. ظهرت المرجئة و التي يشتق اسمها من كلمة ” إرجاء ” .. والمرجئة على الرغم من زعم عديد المؤرخين بتعدد فرقهم فإنك و إن دققت النظر فلن ترى إختلافًا كبيرًا بين أطيافها المختلفة فقط قسمتهم المواقف السياسية ” الجزئية ” المختلفة .. و بقي فكر الإرجاء واحدًا .

فكما أسلفت الحديث فقد تأسست هذه الفرقة مع بداية عهد الدولة الأموية والتغييرات الجذرية ” الظالمة ” التي طالت المجتمع الإسلامي في ذلك الحين.. مما أوجب على المسلمين التسائل عن أحقية الخليفة الجديد بإحداث التغيير الواقع على المجتمع الإسلامي و ما حكم أفعال الخليفة هذه .. هل هي من الإيمان !؟ .. فجاء المرجئة قائلين بوجوب الفصل بين الإيمان و العمل !! و أن الخليفة و الإنسان بوجه عام مؤمن طالما شهد الشهادتين حتى و إن ظلم و قتل و استبد !!؟

ونظر المرجئة لنظريتهم عن طريق فكر الجبرية لإقناع الناس بكل ما يشاهدونه من أفعال ظالمة و إن ما هذا إلا إرادة الله .. فكان القول بالجبرية و هو التنظير بأن الحاكم و الإنسان مجبر على أفعاله سلفًا و أن الإنسان إذا إعترض على ما يدور من حوله فإنه بذلك يعترض على مشيئة الله عز و جل.. و قد قال أحد مفكري المرجئة عن الجبرية :

و ما قضي الله من أمر فليس له رد و ما يقض من شيء يكن رشدا

و قال أحد مفكرين المرجئة عن الإرجاء :

اضغط على الاعلان لو أعجبك

نرجئ الأمور إذا كانت مشبهه و نصدق القول فيمن جار أو عندا

و بهذا كان فكر المرجئة بوجه عام أكبر ستار يختبئ خلفه الطغاه يبررون به ظلمهم و استبدادهم ضد شعوبهم فالقول بالإرجاء كان كالمسكن الذي يحقنه الطغاه في دماء الشعوب لاغتيال غضبهم و قتل أحلامهم .. و لكن هل شفت المسكنات جرحًا يومًا ما !؟؟؟

في يومنا هذا أختفى تيار المرجئة .. فلن تجد من يقول بالإرجاء و يصرح به و يتبنى أفكار تلك الفرقة و لكن ما أشبه اليوم بالبارحة فإنك لو أمعنت النظر في واقعنا اليوم ستجد أفكارًا تشابه في جوهرها أفكار المرجئة و إن اختلفت في ظاهرها فجوهر أفكار المرجئة كما أرى ستار لتبرير الظلم واليوم ستجد من هذا الكثير فبين من يرى الثورة ضد الحاكم الظالم خوفًا من الفتنة كما حدث في الثورة المصرية في الخامس و العشرين من يناير عندما وجدنا بعضًا من علمائنا الأجلاء يرفضون الثورة لا من حيث جوهرها بإقامة العدل أو لا .. و لكن برفضهم أي حراك ثوري ضد الحاكم حتى وإن كان مستبدًا !!

وبين من يرى أن الحق هو حق القوة فيرى أن القوي يمتلك الحق وإن ظلم.. كما هو حال منظرين اليوم الذين ينسبون الحق باطلاً لكل من امتلك القوة في يديه و الآن الحكم هو حكم الشوكة في إغفال واضح لشروط و ضوابط لإقامة دولة العدل .. متى كان الحق هو حق القوة !؟ .. و متى كانت القوة معيارًا يقاس بها عدل الحكم من ظلمه !؟

دعونا نعيد صياغة المفاهيم .. الحق ليس في القوة ولا في المصلحة الحق حق في ذاته و هو المطابق للواقع و لا يمكن أن يكون العدل عدلًا إلا إذا كان عدلًا فعلًا .. ولا الظلم ظلمًا إلا إذا كان ظلمًا فعلًا .. و نحن اليوم وإن ودعنا المرجئة كفرقة فإننا لم نودعهم كأفكار.. ستراهم حولك ينظرون و يتخفى وراء تنظيراتهم كل من ظلم .. و كأن التاريخ يعيد نفسه من جديد مع اختلاف التفاصيل المكتوبة بين الأحداث .. و لكن بقي الظلم ظلمًا باختلاف أشكاله و بقي المرجئة ” الجدد ” كعادتهم في طليعة المدافعين عن حق الظالم في أن يظلم .

 

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط.

ندعوكم لزيارة قناة أكاديمية بالعقل نبدأ على اليوتيوب.

أحمد رمضان

طالب بكلية الهندسة – جامعة المنصورة
كاتب حر
باحث ومحاضر بفريق مشروعنا بالعقل نبدأ بالمنصورة