فوضى غسيل العقول
في الصباح الباكر يتزاحم الموظفون والعمال ليصل كل واحد إلى الشركة أو المؤسسة في الموعد كي لا يتعرض للعقاب من المدير والإدارة.
الجميع يجري كي يلحق بالعمل المكرر الممل في دهاليز الشركة أو المؤسسة من أجل خدمة أصحاب العمل، وليس حبًا ولا متعة ولا حتى إنجازًا. لكن أغلبهم، أو كلهم بسبب الاحتياج إلى المال.
قابلنا السيدة س، قالت لنا السيدة س أنها لا تريد العمل، تكره عذاب كل يوم، أنها اكتشفت خرافة “سترونج إندبدنت وومان”! كانت تتمنى أن تبقى في البيت تعيش معززة مكرمة ويتولى مسؤوليات العمل زوجها.
تتمنى أن ترجع النساء كلهن إلى البيوت وأن يعطوا الرجال ضعف المرتب كي يستطيعوا الإنفاق. الرجل يعمل خارج البيت والمرأه ترعى البيت. تتمنى أن لا تقبض المال، وأن يتضاعف راتب زوجها ليكفي الإنفاق.
قابلنا السيدة م التي بعد سنين من العمل اكتشفت الكذبة وأنها كانت تتمنى الزواج من رجل يحمل مسؤوليتها ومسؤولية بيته، وأن لا تضيّع حياتها في خرافة ما يسمى تحقيق الذات في خدمة أصحاب الشركة. كانت تتمنى الحياة الزوجية المستقرة بدلًا من ضياع حياتها في صراعات المكاتب وسيطرة المديرين ومؤامرات الزملاء ومضايقاتهم ونميمة الزميلات.
في طريق العودة وجدنا السيدة ص. لا تعمل، زوجها يرعى طلباتها كلها، تعطي وقتها كله لبيتها وأطفالها وتستمتع بهم وبتربيتهم. لكن السيدة ص تشعر بالضيق والنقص والإحراج، لأن الإعلام يقول لها ليل نهار: أنت فقط ست بيت! كأن الأمومة وأن تكون ربة منزل ليس مدعاة للفخر، أو ليس عملًا ومجهودًا يستحق الاحترام والتقدير كله.
يرسم لها الإعلام صورة وهمية عن سعادة الموظفات في الشركات تحت شعار كاذب اسمه: تحقيق الذات والاستقلال وعدم الاحتياج لأسرة ولا رجل ولا أي شخص.
تخجل من أن تقول أنها مشغولة مع الأولاد أو رعاية المنزل، وليست مثل “الستات المتبهدلين” في الوظيفة، مشغولات بالجري في الشوارع ومشكلات الشركة وخدمة أصحاب المؤسسة المستغلين للرجال والنساء، هؤلاء النساء اللاتي لا يعطين بيوتهن حقوقها، ولا يعطين أعمالهن حقوقها، ممزقات بين الاثنين!
في حين لو رأت حقيقة النساء التعيسات الوحيدات الفاشلات، أو الأمهات والزوجات العاملات الممزقات، لعرفت أنها تفوقت عليهن جميعًا، وأن الله أكرمها بزوج يحفظها وحياة مستقرة طبيعية سليمة.
اليوم نرى فوضى غسيل العقول، على الأقل الرجل يعرف دوره: اشتغل، افتح بيت، تبقى محترم، غير ذلك لن يحترمك المجتمع ولن تحترم نفسك.
لكن المرأة أصبحت لا تعرف؛ اشتغل ولا لأ؟ أربي عيالي وبيتي ولا أجري في الشوارع؟ أتزوج ولا أعيش عانس؟ أخلف عيال ولا أعيش وحيدة؟ أحافظ على بيتي ولا أتخانق مع زوجي وأهدم بيتي؟!
مقالات ذات صلة:
أتجوز وأقعد في البيت ولا أشتغل وأبقى اندبندنت؟
عمل المرأة بين مسؤولية التربية ودعاوى النسوية
المرأة بين الأسرة والفكر الغربي
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.
_________________________________
لمتابعة قناة اليوتيوب لأكاديمية بالعقل نبدأ، اضغط هنا
لقراءة المزيد من المقالات، اضغط هنا