مقالات

المرأة الريفية.. تحديات وآفاق

كثر الحديث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عن دور المرأة في المجتمع الصناعي الجديد لما حدث من نقص الأيدي العاملة من الرجال بسبب الحرب واضطرار النساء للعمل في المصانع والحقول ومواجهة تحديات جديدة لم تكن معهودة سابقا لها.

بالتالي ظهرت الحاجة للتحدث باسم هؤلاء النسوة وإيصال أصواتهن المطالبة بتحسين ظروف العمل والأجور، فقامت المظاهرات والإضرابات وتحققت بعض المطالب بينما لم يتحقق البعض الآخر.

وفي خضم كل ذلك لم يتم التطرق لكيفية الارتقاء بالمرأة الريفية في الدول النامية لمساعدتها على مواجهة ما تعانيه من أمراض وجهل وسوء تغذية وغيرها، وحتى الحلول التي تم استيرادها من الخارج كانت في مجملها غير ملائمة لثقافتنا وديننا؛ إذ ركزت على دعاوى المساواة بين الجنسين في كل شيء حتى التطابق، ونحن هنا لسنا ضد المساواة ولكن بدون تطابق فلكل دوره الملائم والذي لا يمكن لأي مجتمع سوي الاستغناء عنه.

ومن هنا وجب التعرض لمشكلات المرأة الريفية في مصر ومجتمعاتنا العربية مع اقتراح بعض سبل الحل.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

مشكلات المرأة الريفية

  • الفقر

حيث تعاني أغلب السيدات في القرى من انخفاض مستواهن الاقتصادي إما بسبب ضعف المدخرات، أو العمل في أعمال هامشية لا تحقق الأمان المادي اللازم فضلا عن أن أغلب الريفيات عاطلات عن العمل. كذلك تقضي المرأة الريفية وقتا أكبر في الحصول على المياه والوقود وتجهيز الطعام مقارنة بالمرأة الحضرية _يرجع ذلك لضعف البنية التحتية والخدمات في المناطق الريفية_  مما يحد من قدرتها على الالتحاق بعمل أو تعلم حرفة ما تساعد في تحسين معيشتها.

  • الجهل

تنتشر في العديد من بلدان العالم ثقافة أولوية الذكورعن الإناث في التعليم وتشير الدراسات إلى أن عدد الأميين فى العالم 796 مليون نسمة تمثل النساء نسبة الثلثين من هذا الرقم، ويقطن أغلب هؤلاء الأشخاص المناطق الريفية .

ومن أسباب ذلك عدم خروج الفتيات للتعليم ومكوثهن في المنزل للمساعدة في الأعمال المنزلية وتربية الأطفال _مع عدم إنكار الأهمية القصوى لهذا الدور في عملية التنشئة الاجتماعية وضمان ارتقاء المجتمع بمرور الوقت_ لكن يجب أن تكون النساء اللاتي يقمن بهذا الدور على قدر مناسب من التعليم والثقافة كي يقدمن للمجتمع أفرادا صالحين وعدم الدوران في دائرة التخلف المفرغة.

  • العنف

تتم ممارسة العنف بعدة أشكال على النساء في المناطق الريفية ؛ فمن الزواج المبكر تحت 18 سنة إلى تجارة الرقيق/الزواج السياحي من أثرياء عرب وقاصرات مصريات لمدة معينة وبمقابل مادي لأسرة الفتاة وللسمسار الذي يقوم بالتوفيق بين الثري وولي أمر الفتاة والمحامي الذي يقوم عقد الزواج.

وهذه الظاهرة تنتشر في عدد من المحافظات المصرية لا سيما بين الأسر ذات الدخل المنخفض، فهم حرفيا يبيعون فلذات أكبادهم مع ما يترتب على ذلك من مشكلات اجتماعية خطيرة كغياب حقوق الفتاة أو تحولها لممارسة الدعارة

اضغط على الاعلان لو أعجبك

 
109950388 286885352399877 2603129519414312628 n - المرأة الريفية.. تحديات وآفاق

بعد أن يمل منها هذا الثري ليبحث عن أخرى، مع تفاقم أعداد أطفال الشوارع. أيضا فمن وسائل العنف ذائعة الصيت في المناطق الريفية هو حرمان المرأة من نصيبها في الميراث مما يسهم في مزيد من الفقر.

  • المرض

توجد العديد من الأمراض المنتشرة بين الريفيين لا سيما النساء مثل فيروس سي وأمراض سوء التغذية في مصر، والملاريا والإيدز في بعض البلدان الإفريقية والآسيوية الأخرى. وتتداخل هذه المشكلة مع ما سبق من الجهل وانخفاض المستوى المعيشي لدى المرأة في الريف وبالتالي يجب النظر لهذه التحديات بشمول لوضع تصور/ خطة ناجحة للتغلب عليها وفيما يلي أسباب ما تعانيه الريفيات.

أولا: أسباب ثقافية / اجتماعية:-

1- تفضيل الذكور على الإناث.

2- الاعتقاد بأن إعطاء المرأة حقها في الميراث يؤدي لانتقال الثروة لآخرين (الزوج وعائلته).

اضغط على الاعلان لو أعجبك

3- النظر للفتاة على أنها أداة للإنجاب والتربية وحسب.

4- عدم وعي المرأة بحقوقها وتكريس الوضع القائم من خلال التنشئة الاجتماعية (ما يعرف بدائرة التخلف فالمرأة الفقيرة الجاهلة المقهورة لا يتوقع منها أن تنشئ أفرادا أسوياء).

5- انتشار زواج القاصرات والأشكال الشاذة الأخرى من الزواج التي تكون فيها المرأة هي الخاسر الأكبر كالزواج السياحي والمسيار.

ثانيا: أسباب اقتصادية:-

1- انخفاض المستوى الاقتصادي العام لسكان الريف .

2- تفضيل العمالة من الذكور عن النساء.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

3- انخفاض أجور النساء العاملات مقارنة بالرجال.

4- زيادة ساعات عمل النساء.

5- العمل في مهن هامشية وذات دخل منخفض بطبيعتها نتيجة الجهل وعدم امتلاك المهارات الملائمة.

 110307833 632286354365777 1951330574599014035 n - المرأة الريفية.. تحديات وآفاق

سبل مواجهة التحديات التي تعيق المرأة في الريف عن أداء رسالتها

مما سبق يتضح الدور الكبير للمرأة في المجال الزراعي فهي من تقوم بتربية ورعاية الحيوانات والاعتناء بأفراد الأسرة كما تشارك بنصيب وافر في العمالة الزراعية إضافة لدورها الأساسي في عملية التنشئة الاجتماعية ومن ثم يجب التطرق لسبل مواجهة التحديات التي تعيق المرأة في الريف عن أداء رسالتها على الوجه الأكمل:

  • التوسع في إنشاء الجمعيات المعنية بتنمية المرأة في الريف مع السعي للوصول للسيدات في منازلهن من خلال الزيارات المباشرة للتوعية والاكتشاف المبكر لما قد يطرأ من مشكلات.
  • إقراض الريفيات بدون فوائد بهدف تأسيس مشاريع صغيرة على أن تشارك الجهة المقرضة في الأرباح مقابل عمل دراسة الجدوى والتدريب ورأس المال مع عدم الاعتماد على الآليات التمويلية الحالية بعد أن ثبت أنها تضيف أعباء على المستفيدين دون أن تقدم لهم دعما حقيقيا أو تساهم في انتشالهم من دائرة الفقر.
  • توعية الأسر الريفية بأضرار زواج القاصرات على بناتهم بما يفوق أي عائد مادي قد يحصلون عليه.
  • إعطاء المرأة نصيبها كاملا من الميراث مع التأكيد على الذمة المالية المستقلة لها شرعا وبالتالي فلن تنتقل الثروة لعائلة أخرى.
  • الاعتماد على التعليم غير النمطي في المدارس، بل ذهاب المدرسين لمكان معين متفق عليه كساحة أو قطعة أرض فضاء أو منزل أحد الأعيان لتعليم الفتيات اللاتي يقطن في المنطقة مع اتباع نفس نظام الشهادات والامتحانات كي يستطعن في المستقبل الالتحاق بالنظام التعليمي العادي دون أي معوقات.
  • عمل مجمعات إنتاجية صغيرة في القرى حيث تذهب إليها الريفيات للعمل أو التدرب على حرفة معينة.
  • تشجيع النساء على زيادة مدخراتهن لاستثمارها لاحقا.
  • مساهمة الريفيين كل قدر استطاعته في تحسين البنية التحتية لقراهم من خلال توصيل مياه الشرب والصرف الصحي وبناء الوحدات الصحية والمدارس بدلا من المساجد أو الكنائس.

المصادر

  • موقع الأمم المتحدة – اليوم العالمي للمرأة الريفية 15 أكتوبر
  • تقرير المرأة الريفية والأهداف الإنمائية للألفية الجديدة
  • صحيفة الوطن

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضا:

حوادث مؤسفة تكشف لنا أحوال المرأة في المجتمع الغربي

تحرير المرأة بين الحركات القديمة والحركات الجديدة 

المرأة وقضيتها الأكثر إنتشاراً في المجتمع

محمد طنطاوي

مدرس كيمياء الأراضي كلية الزراعة جامعة الأزهر أسيوط

 

مقالات ذات صلة