المجتمع المدني العربي والتعليم بين الواقع والمأمول
في عام 2007 كانت دراستي للماجستير بعنوان: “دور مؤسسات المجتمع المدني في الإصلاح التعليمي بمصر”.
مع مرور الأيام والسنوات بدأ المجتمع المدني كمصطلح يطفو على سطح الأحداث في مصر والعالم العربي، وبدأ النشطاء يظهرون على الساحة ملتحفين بعباءة المجتمع المدني، واختلط الحابل بالنابل، وكثير جدا لا يعي ماذا يعني المجتمع المدني.
ودون الخوض في تفاصيل مرهقة، أشير إلى مجموعة من الملاحظات حول المجتمع المدني العالمي:
أولا:
من حيث المصطلح فإن المجتمع المدني Civil Society يشمل كل التنظيمات غير الحكومية في العالم، نقابات مهنية، أحزاب سياسية، أندية رياضية، جمعيات أهلية، ويطلق عليه القطاع الثالث (The Third Sector)، أو المؤسسات الخاصة التطوعية (POVs)، أو المنظمات غير الحكومية (NGOs).
ثانيا:
القطاع المدني على مستوى العالم المتقدم هو الشريك الأساسي في النهضة الشاملة القائمة على العطاء الخيري والإنساني غير الهادف للربح، بما يمثل التزاما أخلاقيا تجاه المجتمع كنوع من أنواع الاعتراف بالفضل للوطن ورد الجميل إليه من قبل أبنائه الراغبين في التطوع.
ثالثا:
المجتمع المدني العالمي تحكمه قواعد صارمة ذات بعدين، الأول: ضمان حرية الممارسات لهذه المنظمات، والثاني: خضوع تلك المؤسسات لرقابة الدولة الصارمة فيما يتعلق بالحفاظ على الهوية الوطنية وسيادة القانون.
رابعا:
المجتمع المدني العالمي عالم من روعة العطاء القائم على متعة خدمة الإنسانية دون مقابل، لأنه مجتمع أخلاقي في المقام الأول يستهدف التنمية المستدامة للإنسان.
خامسا:
حرية المجتمع المدني العالمي لا تعني بأي حال من الأحوال الخروج عن إطار الدولة أو معاداتها، بل هي منظمات تتناغم مع الدولة توافقا واعتراضا في إطار من الاحترام المتبادل وسيادة القانون.
أما في عالمنا العربي فالمجتمع المدني يبدو مترهلا يتسم بسمات أهمها:
* غياب الفلسفة وغياب الرؤى.
* غياب الكوادر المؤهلة.
* ظهور سبوبة النشطاء السياسيين (العملاء) تحت عباءة تلك المنظمات، وخارج إطار القانون.
* واقع الجمعيات الأهلية في عالمنا العربي واقع مؤسف.
* الفكر السائد لدى كثير من منتسبي هذا القطاع هو ارتداء ثوب معارضة الدولة بل ومهاجمتها وفق سياسات المرتزقة، إذ وقع المجتمع المدني أسيرا للتطرف الديني، واستغله تجار الدين كغطاء ظاهره الرحمة وباطنه طريق قصير لتحقيق المطامع الخاصة.
وفي مجال التعليم فإن المجتمع المدني العربي بعيد إلى حد كبير عن المساهمة فى دعم قضايا التعليم ومساندة الدول في جهودها للتطوير والإصلاح لأسباب كثيرة، بعضها مرتبط بتلك المؤسسات على مستوى الهيكلية والتنظيم، وبعضها الآخر مرتبط بمدى ثقة الدول في تلك المؤسسات أصلا.
ودعما للأدوار التربوية لمؤسسات المجتمع المدني في التعليم في بلادنا العربية فإنه يجب أن:
– تعدل تلك المؤسسات من واقعها لتندمج اندماجا فعالا في المجتمع العربي.
– تتبنى تلك المؤسسات مبادرات شراكة عصرية مع الدول لتطوير التعليم والمساهمة الفاعلة في إصلاحه.
– تحتوي تلك المؤسسات الكوادر الوطنية المؤهلة القادرة على الإسهام العربي في التعليم وغيره حفاظا على استقرار المجتمعات ودعما لرقيها.
– تزيد تلك المؤسسات من مساهماتها التطوعية في مجال تمويل التعليم لعلاج فجوة العدالة في كثير من البلدان العربية.
– الاستفادة من الرؤى العالمية في مجال التطوع، ومشاركة مؤسسات المجتمع المدني إجمالا في تطوير وإصلاح التعليم في بلادنا العربية.
وتبقى تلوح في الأفق بارقة أمل في جيل جديد مثقف واع قادر على إحياء الأدوار التربوية للمجتمع المدني في عالمنا العربي.