مقالات

الكبد الدهني

من المواضيع التي تمت مناقشتها باستفاضة في مؤتمر الجمعية الأوروبية للسكر مرض الكبد الدهني. فقد ظهرت أخيرا نتائج دراسات استمرت لأكثر من خمسة عشر عاما، وقد جاءت النتائج غير متوقعة على الإطلاق. فبداية كان من المفاهيم السائدة أن زيادة الوزن وارتفاع السكر يسببان الكبد الدهني،

ولكن اتضح أن للسمنة نوعين أحدهما حميد والآخر خبيث. السمنة الحميدة تتراكم فيها الدهون خارج جدار البطن بينما في السمنة الخبيثة تتراكم فيها الدهون في الأحشاء والكبد مع أو بدون تراكمها خارج جدار البطن. ولسوء الحظ عادة ما تتجمع الدهون في المكانين معا.

ونستطيع أن نقسم المرض إلى عدة مراحل، تبدأ بتراكم الدهون داخل الخلايا الكبدية ثم يحدث التهاب الكبد الدهني. وقد يتطور التهاب الكبد الدهني إلى تليف الكبد الذي قد يتطور إلى سرطان الكبد.

ولكي يتم تشخيص المرض يجب أن لا يكون الشخص مصابا بأي من الفيروسات الكبدية ولا أمراض الكبد المناعية ولا يتناول الكحوليات أو أي أدوية ضارة بالكبد. وتوجد عدة طرق للتشخيص أدقها هو فحص عينة من الكبد وأسهلها هو عمل موجات صوتية للكبد.

بداية الإصابة بالكبد الدهني

تبدأ القصة بتناول كم زائد من الدهون والنشويات التي يتم تحويلها إلى دهون، بالإضافة إلى تناول سكر فركتوز والإصابة بالقولون العصبي الذي يسمح بخروج السموم الميكروبية من الأمعاء إلى الكبد. فيبدأ الجسم في تخزين الدهون في الكبد والأحشاء.

اضغط على الاعلان لو أعجبك

ومع تزايد حجم الدهون الثلاثية داخل الخلية الكبدية لأكثر من 5% من حجمها تصاب الخلية الكبدية بالتسمم الدهني، وهذا يؤثر سلبا على وظيفتها فتقل قدرتها على التعامل مع الدهون وتقل حساسيتها للإنسولين، فيبدأ الكبد في إفراز السكر، ويحتاج الجسم لإفراز كمية أكبر من الإنسولين للسيطرة على مستوى السكر بالدم.

ومع زيادة إفراز الإنسولين يزداد وزن المريض وبالتبعية تزداد مشكلة الكبد الدهني. ويفقد الكبد قدرته على تحويل الدهون الضارة إلى دهون مفيدة والتخلص من دهون الدم الزائدة. ومع مرور الوقت يفقد البنكرياس قدرته على التغلب على مقاومة الإنسولين فيبدأ مستوى السكر بالارتفاع فيصاب مريض الكبد الدهني بمرض السكر.

العلاقة بين الكبد الدهني والسكر والقلب والشرايين وضغط الدم وأمراض الكلى

وقد تمت دراسة العلاقة بين الكبد الدهني والسكر والقلب والشرايين وضغط الدم وأمراض الكلى. فعند مراجعة نسب الإصابة بجلطات شرايين القلب والمخ في مرضى السكر وُجد أن معدلات الإصابة أكثر بنسبة ملحوظة في مرضى السكر الذين يعانون من الكبد الدهني عن من لا يعانون منه.

ووُجد أيضا باستخدام الوسائل التشخيصية الحديثة مثل الرنين المغناطيسي الوظيفي أنه في مرضى الكبد الدهني تتراكم الدهون في أنسجة عضلة القلب، فتبدأ بإحداث خلل وظيفي في انبساط عضلة القلب، ووُجد أيضا أن نسبة الإصابة باضطرابات ضربات القلب والرعشة الأذينية أعلى بكثير في مرضى الكبد الدهني حتى مع ضبط السكر والضغط، مما يشير إلى أن الكبد الدهني في حد ذاته هو سبب منفصل لهذه المضاعفات بالقلب والشرايين.

أما بالنسبة للكلى فحتى الآن لا يوجد سوى أربعة أبحاث عن العلاقة بين الكبد الدهني والكلى، وقد أجمعت نتائجها على أنه توجد علاقة، وأنه مع تراكم الدهون في خلايا الكبد يحدث تراكم مماثل في الكلى ولكنه لم يتم دراسة كيفية حدوث الضرر في الكلى حتى الآن. وجار عمل المزيد من الأبحاث التي سنرى نتائجها في السنوات المقبلة.

بالنسبة لعلاج الكبد الدهني ومضاعفاته فقد تم عمل الكثير من الدراسات على مختلف الأدوية والعلاجات، فقد أجمعت جميعها على أن فقدان الوزن من 5-10% من الوزن كفيلة بإصلاح الضرر.

وتتلخص العلاجات في التالي:

أولا:

أفضل النتائج جاءت مع جراحات السمنة (ويؤخذ في الاعتبار أن المرضى الذين يقومون بإجراء هذه الجراحات كلهم مصابون بالسمنة المفرطة).

ثانيا: العلاج الدوائي:

وجد أن أفضل النتائج جاءت مع عقار ليراجلوتيد وإكزيناتيد ثم عقار بيوجليتازون. وكانت نتائج فيتامين ه متضاربة، فكثير من الأبحاث جاءت بنتائج جيدة وفي بعضها لم يُحدث فيتامين ه أية نتيجة. ولهذا قد بدأت مجموعة من الأبحاث لدراسة الأسباب التي تجعل لفيتامين ه نتائج مبهرة في بعض المرضى ولا تأتي بأية نتيجة في البعض الآخر.

وقد أشار العلماء بأنه في الأغلب نتائج عقار ليراجلوتيد هي الأفضل في علاج الكبد الدهني نظرا لأنه بالإضافة إلى آثاره على الكبد فإنه ينجح في خفض وزن المريض بمقدار أكثر من 10% من وزنه في معظم المرضى.

العلاقة بين الكبد الدهني ومرض السكري

لقد تم إثبات الارتباط بين الكبد الدهني ومرض السكري، حيث أن نحو 80% من المصابين بالسكري يعانون من الكبد الدهني وبالعكس. تقول الدراسات أن للكبد الدهني دورا في الإصابة باضطرابات ما قبل السكري والسكري نمط 2. إذ أن الكبد يلعب دورا مهما في تعديل مستوى سكر الدم.

تكوين، تراكم، وترسب الدهون في الكبد يؤدي إلى الصعوبة في ضبط غلوكوز الدم، كذلك تشديد مقاومة الجسم تجاه الإنسولين والضغط على البنكرياس وخلاياه البيتا وتسريع عملية الإصابة بالسكري.

من جهة أخرى، من وظائف الكبد تحويل السكر إلى الدهون وتخزينها في الكبد، عندما ترتفع نسبة السكر في الدم يقوم الكبد بتحويل هذا السكر الزائد إلى الدهون وكما قلنا تخزينها في الكبد، وهذا يعني تراكم الدهون في الكبد والإصابة بالكبد الدهني.

وبذلك ينصح بتناول الغذاء المتزن والخالي من الدهون وعدم الإفراط في النشويات، والسكريات لها دور كبير في الإصابة بالكبد الدهني والسكري.

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

اقرأ أيضاً:

بعض أمراض سوء التغذية

أمراض التمثيل الغذائي للكربوهيدرات

الإسبيرولينا

د. سعيد فتحي

دكتور تغذية علاجية مستشفى باب الشعرية الجامعي (مستشفى سيد جلال)‏ ‏

دكتوراة فى الكيمياء الحيوية‏ في ‏كلية الزراعة جامعة الأزهر‏