مقالات

القتل ما بين الجرم واللذة

المعنى اللغوي للقتل: هو فعل يحصل به زهوق الروح، يقال قتله قتلا أي أزهق روحه، والرجل قتيل والمرأة قتيل إذا كان وصفا ويقال قتلة.

إذا فالقتل هو من أبشع الجرائم التي عرفتها الإنسانية منذ بدء الخليقة، وعندما نذكر مصطلح القتل يدور في أذهاننا أبشع صور القتل التي يمكن أن يقوم بها الإنسان من جرائم بشعة عرفتها الأرض بداية من قصة قابيل وأخيه هابيل وما يحدث الآن في العالم من تسارع لامتلاك كل وسائل القتل سواء من الأفراد أو الدول، فأصبح العلم والتكنولوجيا التي من المفترض أن غايتها مساعدة المجتمعات على حياة أفضل، أصبحت تقدم الكثير والكثير من أسلحة القتل البسيط والمدمر.

ووجود مثل هذه الأفعال “القتل لمجرد القتل” هي آفات أخلاقية ونفسية تظهر في كل زمان بأدوات مختلفة ولأغراض مختلفة دون وجود حل جذري تفيد التخلص من هذه الآفة المدمرة للمجتمعات.

وعليه عندما نقرب عدسة الميكروسكوب على الجرائم وانتشارها على سبيل المثال في صعيد مصر، فالثأر مثلا تحول من أخذ الحق بالقصاص العادل لعادة اجتماعية وأمور شيطانية، وينشأ هذا القتل غير المبرر من أبسط المشاكل فنجد الشجار لا ينتهي إلا وقد لاقى أشخاصا حتفهم إثر هذا الشجار! هذه العادة الذميمة الإجرامية التي تخالف الفطرة والعقل وتضرب بكل القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية عرض الحائط، وكل ذلك في سبيل الإحساس بالقوة والنشوة في إزهاق الأرواح سواء حبا في إذلال الناس أو إظهار التعالي بالقوة عليهم، وأصبحت الناس تتجمل وتتفاخر بهذا الجرم وتتباهى به دون أي خزي أو اعتبار، وأصبح القتل مجانيا حتى وصل الأمر إلى أن يقتل الأب ابنه، والأخ أخاه والأم لأطفالها دون أي شعور بالندم وابتهاجا للغة الثأر؛ ففي بعض الإحصائيات بلغ عدد المقتولين في إحدى محافظات الصعيد ما يقارب على 11140 قتيلا خلال العشرين عاما الماضية بالرغم من أنهم بناء وطن واحد وما يجمعهم أكثر بكثير مما يفرقهم.

وكان رأي العلماء النفسيين في تحليل هذا الأمر بالحديث عنه باستعراض ظاهرة القتل لدى الإنسان خلال الفترة التي عاشها البشر على وجه البسيطة وعلى مر العصور بأن حياتهم لها جانب من الانتقام، وكان هذا الانتقام متمثلا في الشعور باللذة في إزهاق روح إنسان آخر لمجرد أنه يشعره بعدم الارتياح أو لفقدانه بعض الكبرياء الذي عادة ما يحاول إعادته بقتل هذا الشخص الذي يسبب له الأرق فكان الكثير ممن يمارسون بالقتل وإزهاق الروح يعانون من انبعثات بعض الموجات الدماغية التي تشعر القاتل بالارتياح لفعلته هذه ومع مرور الزمان تمكن هذا الفعل في أن يكون رأس حربة لدى البشر يمكن استخدامها من حين لآخر أثناء حياته، لكن كان هناك رأي للعلماء النفسيين في تلك الحالة مع مرور وتطور العصور والأزمان، فالقتل كان عبارة عن تمتع بعض الناس والنبلاء به في أزمنة قديمة  وهناك نماذج كان مبررالقتل فيها هو التمتع والسعي وراء متع تمثل للقاتل قمة السعادة؛ فبعض المجرمون أمثال:

اضغط على الاعلان لو أعجبك

“بيتر كيرتن”

 

   

والذي كان سفاحا ألمانيا وكان يلقب بسفاح روسلدولف حيث كان يغتصب ضحيته ويقتلها ويشرب دمها، وعندما ألقي القبض عليه وحكم عليه بالإعدام كان يقول سأستمتع بصوت دمي وهو يتدفق من عنقي.  

ألبرت فيش

كان سفاحا أمريكيا مغرما بالقتل وتعذيب الضحية وكانت آلام الناس هي غايته العظمى، ارتكب جرائمه في نيويورك، وكان يقتل الضحية ويأكل لحمها وكان يرسل الخطابات إلى أهل الضحية يمتدح طعم لحم الضحية بعد أن يأكل منها!

وكان للأطباء النفسييـن شوط كبير في البحث عما وراء تلك الظاهرة الجنونية، ومن أشهر هؤلاء الأطباء الطبيب النفسي ومتخصص علم الأدمغة البروفيسور “فرويد” وتشتهر التحليلات التي قدمها فرويد للنفس البشرية بأن هذا يرجع إلى أن معظم المشاكل التي يمر بها الإنسان ويرى أنها اضطرابات نفسية لا بد أن وراءها مشكلات نفسية متعلقة بالجنس في أغلب الأحوال مهما بدا الأمر بعيدا عن ذلك، وهذا التحليل وإن حدد جزءاً من المشكلة التى يعانيها بعض المرضى بهذا الصدد إلا أنه لم يحدد السبب الأساسي لهذه المشكلة المرضية حيث يستمد فرويد تحليلاته من خلال نماذج استقرائية لا تقدم مبدأً عاماً حول أسباب المشكلة، بل كل ما تقدمه هو تحليل نفسي تجريبي لبعض النماذج فقط والتي لا تنطبق على الكل؛ حيث لا ينطبق تحليل فرويد مثلا على القتل التي تمارسة الدول الكبرى للسيطرة على مصادر الدول الفقيرة والتي لا تملك التكنولوجيا غافلا السبب الرئيسي في المشكلة والمتمثل في غياب الوعي الحقيقي الذي يحدد للإنسان حجمه الحقيقي ودوره الأساسي فى إعمار المجتمعات ومساعدة الغير، وأن غياب هذه المعرفة المقرونة بالأخلاق وزيادة النزعة المادية للسعادة والحياة هي من أهم أسباب هذه الظاهرة وغيرها…

ويعد استمرار هذا الشكل في حياتنا من الأمور الخطيرة التي تسبب خطرا اجتماعيا كبيرا يهدم النسيج الاجتماعي وأمن المجتمع مما يوجب ضرورة وجود طريقة لإيقاف هذا الجرم الذي لطالما اهتم بمعرفة أسبابها علماء النفس المشهورين، ولكن على الرغم من وجود الحلول النفسية لتلك الأفعال إلا أن هناك من يحاولون ترسيخها جيلا بعد جيل، فمثلا الإعلام الذي لطالما عرض على أسماعنا وأبصارنا مشاهد القتل والتعذيب وطرق الهروب والتخفي والمكر والحيل والمبهرة والمحببة للنفوس خاصة في فئة الشباب وإبراز صورة القدوة أمامهم بأنهم عبارة عن مجموعة من الناس يتفاخرون بأنسابهم بأننا بنو فلان وهم بنو فلان!
والثالثة حكايات السلف للخلف حيث يحكي الآباء والأجداد قصصا لأبنائهم أن فلانا قتل فلانا، ويتمثلون بأبيات المديح من الشعر فيقتدي الابن بسيرة هذا الشخص ومن ثم يتبنى عملية القتل ويسعى وراءها ويترتب عليه حمل الأبناء للأسلحة خاصة في الأوساط الشبابية يحملونها ولا يعرفون خطرها فكم من فرح تحول إلى مأتم عذاء! هذا بجوار العصبية القبلية الجاهلية فهم يفعلون المصائب ثم يتحاكمون إلى طواغيتهم، حتى أصبحت مهنة تمتهن بما يسمى بتجار الدماء والذين يبذلون قصارى جهدهم وفرط أموالهم في سبيل تحقيق الخراب والفوضى؛ فنجد شركات القتل في العراق وكتير من دول المنطقة بدعم ورعاية دول تمتهن فى الأساس القتل الجماعي باسم حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية المزعومة وما تفعله أمريكا في المنطقة خير مثال لتجسد رغبة القتل الممزوج بفهم خاص عن الواقع وترسيخ شريعة الغاب ومنطق القوة.

وفي النهاية هو جرم خطير وإهدار لحقوق البشرية جمعاء وتهكم على أبسط الحقوق من أناس جهلاء بالحق والأخلاق والقيم الإنسانية، فلكي نكون أمة تتبنى الحق وتحقق العدالة الآن وبرغم الظروف الصعبة التي تحيط بنا فعلينا أن ننتبه جيدا إلى ما يجب علينا قتله -بالمعنى الحقيقي- ألا وهي السلبيات التي تواجههنا ونستسلم لها، فعلينا أن نحدد موقفنا من كل هذا ونضع لأنفسنا الأهداف والغايات المرجوة بحيانتا وننعم بحب التفوق… وبالعقل نبدأ. فكن أنت من يصنع الإيجابية وينتهج منهج العقل وإقامة العدل والعيش بالقيم والأخلاق… دمتم عقلاء.

اقرأ أيضاً:

الاستثمار الأكبر .. كيف تنمي اسثمارك في أبنائك؟

يأسك وفرحك .. اترك اليأس وأبدأ الحياة من جديد

الأحياء  الأموات .. نادر يتعجب من نمط حياته!  

لقراءة المزيد من المقالات يرجى زيارة هذا الرابط

ندعوكم لزيارة قناة الأكاديمية على اليوتيوب

 

محمد المنصوري

عضو بفريق بالعقل نبدأ بأسيوط