الفِصام
لعلَ ما يُحلق في سماء أذهانِنا أن انفصام الشخصية هو ازدواجية شخصية الفرد، أي أن المصاب بمرض الانفصام شخصُ له شخصيتان تشن إحداهما الحرب على الأخرى من حين لآخر، تزرع إحداهما شجرة فتنزعها الأخرى، ولكن كل هذه المعتقدات تُتَوّج بتاج الخطأ ولا تمت للواقع بصلة! أتمنى أن تمنحونا مساحة صغيرة لنوضح تلك الأمور على عجل..
ما الانفصام؟
الانفصام هو اضطراب نفسي يتميز بانعزال الفرد انعزالا غير طبيعي عمن حوله وفشل في تمييز الواقع، تشمل الأعراض الشائعة الوهام واضطراب الفكر والهلوسة السمعية، بالإضافة إلى انخفاض المشاركة الاجتماعية والتعبير العاطفي وانعدام الإرادة، غالبًا ما يكون لدى المصابين بالفصام مشاكل نفسية أُخرى مثل اضطراب القلق والاضطراب الاكتئابي واضطراب تعاطي المخدرات.
عادة ما تظهر الأعراض تدريجيا، حيث تبدأ في مرحلة البلوغ، وتستمر لفترة طويلة.. ويبدأ تقديريا من سن الخامسة عشر إلى الخامسة والثلاثين، ويتسم فيها الفرد بقلة الإنتاج والتحصيل في العمل وانخفاض معدل الحيوية.
ما هي أعراض الفِصام؟
هناك أعراض كثيرة وتختلف من فردٍ لآخر وسنسرد الشائع منها، على سبيل المثال لا الحصر:
الضلالات:
يوجد معتقدات كاذبة لا تمتُّ للواقع بصلة. على سبيل المثال، كأن تعتقد أنكَ تتعرَّض للأذى أو المضايقة، أو توجيه إيماءات أو تعليقات معيَّنة لك، أو لديكَ قدرة خارقة أو الشهرة، أو شخص آخر يحبكَ، أو كارثة كبرى على وشك أن تحدث.
سلوك حركي غير سوي أو غير منظَّم للغاية:
يظَهر ذلك بعدة طرق تتراوح بين الحماقات الطفولية إلى انفعال لا يُمكن التنبُّؤ به. سلوك لا يُركِّز على الأهداف، لذلك يَصعُب القيام بالمهام. يُمكن أن يتضمَّن السلوك مقاومة التعليمات، أو اتخاذ وضعية للجسم عجيبة أو بشكل غير ملائم، أو فَقْد الاستجابة كاملًا، أو حركة مفرطة عديمة الفائدة.
الهلوسة:
تتضمَّن الهلاوس عادةً رؤيةَ أو سماعَ أشياء غير حقيقية، عدا أنه بالنسبة لمريض الانفصام فهذه الهلاوس لها كامل القوة والتأثير مثل سمات الخبرات العادية. يُمكن أن تُصيب الهلاوس أيًّا من الحواس، ولكن سماع الأصوات هو أكثر الهلاوس شيوعًا.
التفكير غير المنظم:
يُستدلُّ على التفكير غير المنظم من الحديث غير المنظم. يُمكن أن يضعف التواصل الفعَّال، وقد لا تكون الإجابات ذات صلة بالأسئلة جزئيًّا أو كليًّا. في حالات نادرة قد يتضمَّن الحديث وضع كلمات ليس لها معنى معًا ولا يُمكن فهمها.
أعراض سلبية آخرى
كما أن هناك أعراضا سلبية تؤثر على حياة الشخص المصاب، يُشير ذلك إلى تقلُّص أو فقدان القدرة على العمل بصورة طبيعية، على سبيل المثال قد يُهمل الشخص النظافة الشخصية أو يبدو بلا انفعال (لا يجري تواصُلا بصريا، لا تتغيَّر تعابير وجهه، أو يتحدَّث بنبرة ثابتة). وأيضًا قد يفقد الشخص الاهتمام بالأنشطة اليومية وينسحب اجتماعيًّا، أو يفقد القدرة على الاستمتاع بالحياة ويحرم من لذتها.
هناك تأثير على المراهقين لهذا المرض مثل:
الانعزال عن الأصدقاء والعائلة.
تراجُع مستوى التحصيل الدراسي.
اضطراب النوم.
سهولة الاستثارة أو الاكتئاب.
الافتقار إلى جمال الحياة.
الاسباب:
لا تزال الأَسبَاب الأكيدة للإصابة بالفصام مجهولة، ولكن الأبحاث الحالية تشير إلى مجموعة من العَوامِل الوراثيَّة والبيئية. ينجم الفصام بشكل رئيسي عن مشكلة بيولوجية (تنطوي على حدوث تغيرات في الدماغ)، ولا ينجم عن مشكلة في تربية الشخص من قبل أمه أو أبيه، أو نشأته في بيئة غير سوية نفسيًا.
وتشمل العَوامِل التي تجعل المرضى عرضة للفصام ما يلي:
-الاستعداد الوراثي.
-المشاكل التي حدثت قبل أو أثناء أو بعد الولادة، مثل إصابة الأم بالإنفلونزا في أثناء الثلث الثاني من الحمل، ونقص الأكسجين في أثناء الولادة، انخفاض الوزن عند الولادة، وعدم توافق زمرة دم الأم مع زمرة دم الوليد.
-عدوى الدماغ.
يواجه الأشخاص الذين جرى تشخيص أحد والديهم أو إخوتهم بمرض الفصام زيادة في خطر الإصابة بالمرض، إذ تبلغ نسبة الإصابة لديهم بحدود 10٪ تقريبًا بالمقارنة مع نسبة 1٪ بين عامة السكان. أما التوائم الحقيقيون الذين جرى تشخيص أحد منهم بالفصام، فإن خطر إصابة شقيقه بالفصام يرتفع إلى 50٪. تشير هذه الإحصاءات إلى دور الوراثة في الإصابة بالفصام.
العلاج
الهدف الرئيسي من العلاج هو تخفيف حدة الأعراض والسيطرة على المرض.
وتشمل معالجة مرض الفصام:
المعالجة الدوائية (Medicine Therapy)
المعالجة النفسية (Psychotherapy)
التأهيل (Rehabilitation)، الذي يتركز في تطوير المهارات الاجتماعية والتدريب المحترف لمساعدة مرضى الانفصام على الاندماج وأداء مهامهم في المجتمع وعيش حياة مستقلة، قدر الإمكان.
المعالجة النفسية الفردية، التي تهدف إلى مساعدة المريض على فهم المرض الذي يعاني منه بطريقة أفضل، ومساعدته على مواجهة المشكلة وتطوير الوسائل لحلها.
المعالجة العائلية، التي تهدف إلى مساعدة عائلة المريض على التعامل بشكل أفضل مع شخص قريب يحبونه ومصاب بمرض الفصام، ومنحهم وسائل لمساعدته بأفضل الطرق وأكثرها نجاعة.
مجموعات الدعم والعلاج، التي تهدف إلى توفير دعم متبادل على أساس ثابت.
الاستشفاء (العلاج في المستشفى Hospitalization).
المعالجة بالتخليج الكهربائي (بالصدمات الكهربائيةElectroconvulsive therapy ECT).
المعالجة الجراحية في نسيج الدماغ.
اقرأ أيضاً:
الاكتئاب يقتل! ما هو السبب وكيف نصل للعلاج!؟
الخجل القاتل عن المشكلة وكيفية التخلص من آثارها السيئة
* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.