مقالاتفن وأدب - مقالات

الفيلم المصري بين السرقة والتزييف

تغيير رؤية صُناع الفيلم وذوق الجمهور المصري إرضاء لهوى الجمهور الخليجي

منذ سبعينيات القرن الماضي أصبح السوق الخليجي هو الأكثر أهمية للفيلم المصري، بعد أن كان يُعرض في معظم قارة إفريقيا وأسيا وشرق أوروبا، ونتيجة لهذا فُرضت على الفيلم المصري قيود وشروط عند توزيعه هناك، خاصة ببعض المشاهد والقصص وأحيانا أسماء الأفلام، وللأسف رضخ المنتج والموزع المصري لهذه الشروط طمعا في ذهب المُعز، وقرر صناعة الفيلم طبقا لها حتى أصبحت جزءا أصيلا من أساسيات المهنة، وانتقلت للجمهور المصري وأصبح يلتزم بها أكثر من الجمهور في الخليج، والأمثلة كثيرة..

عندما رفض الموزع فيلم “دُنيا الله” وطلب تغيير اسمه حتى أصبح “عسل الحُب المُر”، رغم أن قصة نجيب محفوظ تم تقديمها في الستينيات فيلما بنفس الاسم “دُنيا الله” لـ صلاح منصور ولم يعترض أحد على الاسم، وما زال يُعرض حتى الآن في كل القنوات بما فيها العربية، كما رفضوا كثيرا من المشاهد العاطفية والتي بها ما رأوا أنها لا تناسبهم رغم أنها موجودة في أفلام الأبيض والأسود وتُعرض في كل القنوات دون أن يعترض أحد،

ثم تطور الأمر عندما طالبت بعض الدول بعدم شراء أو توزيع أي عمل فني من بطولة سوسن بدر وكل من شارك في فيلم “موت أميرة”، ورضخ المنتجون لهذا الأمر أيضا وابتعدت سوسن وكل من معها عن الأعمال الفنية لسنوات، ونفس الحال حدث مع الراحل نور الشريف على خلفية أزمة فيلم ناجي العلي، حيث تم منع أي عمل فني يُشارك فيه، وبالتالي امتنع المنتجون عن التعامل معه لسنوات متجاهلين اسمه وتاريخه الكبير، حتى تم العفو عنه من قِبل السوق الخليجي … الأمثلة كثيرة للرضوخ والتنازل المستمر.

السينما المصرية والفيلم المصري يستحق أفضل من هذا

الآن وبعد أن تم بيع أو سرقة كل تراث السينما الذي يتجاوز الـ 5000 فيلم بالنيجاتيف ولا يملك التليفزيون المصري إلا 250 فيلما فقط، يُعرضون الآن على القنوات الخليجية، اكتفى البعض بأن المهم أنها تُعرض وبحالة جيدة، رغم ما تم حذفه من هذه الأفلام من مشاهد وبعض الجُمل الحوارية وإعادة مونتاجها بما يتناسب مع قيم وعادات المجتمع الخليجي ،

اضغط على الاعلان لو أعجبك

الأمر الآن تطور وأصبح الحذف وإعادة المونتاج يشمل الأفلام الحديثة التي تم شراء حق استغلالها، والحذف تخطى مرحلة المشاهد العاطفية أو الساخنة كما يطلقون عليها ودخل في مشاهد مختلفة تدخل في صميم رؤية المخرج للفيلم، من خلال تعديل نهاية فيلم كما في فيلم الإرهاب والكباب،

أو تغيير إضاءة آخر أو عمل مونتاج للفيلم بحذف بعض الجمل واختصار مشاهد مثل ما حدث في فيلم آيس كريم في جليم، رغم أن هذه الأفلام ليس بها ما يخدش حياء جمهور القنوات الخليجية، وإلا ما كانت عُرضت من الأساس، كل هذا حدث ويحدث والأمثلة كثيرة وكأن هذه الأفلام بلا صاحب أو مالك، وكأن حق عرض واستغلال الفيلم يعني أنه مِلكٌ لهم ويحق لهم فعل ما يشاؤون فيه، وبالطبع لن يعترض أحد خوفا من وقف الشراء والتعامل مع المنتج المصري.

تاريخ السينما الكبير نتحدث عنه دائما لكن لا نحترمه وفرطنا فيه بلا مبرر سوى المكاسب الشخصية، والآن نفرط في حاضر ومستقبل السينما لنفس السبب أيضا، في أي دولة لديها تاريخ سينمائي أقل من تاريخنا سوف تحترمه وتحافظ عليه بشكل أفضل من ما حدث،

مشكلة استعادة تراث السينما تقع على عاتق وزارة الثقافة – المركز القومي للسينما، ولا بد من البدء فورا في إنشاء متحف سينماتك، أما الأفلام الحديثة لها منتجون وصُناع لا بد من التمسك إما بعرض الفيلم كاملا دون حذف مُخِل أو عدم التعامل مطلقا، السينما المصرية والفيلم المصري يستحق أفضل من هذا، والأجيال القادمة سوف تلعن ولن تغفر لكل من فرط وباع هذا التاريخ الكبير بلا أي مبرر سوى الطمع في ذهب المُعز.

اقرأ أيضاً:

شريط السينما وثيقة تاريخية

اضغط على الاعلان لو أعجبك

من المسؤول عن التأثير الناتج عن مشاهدة الأفلام؟!

السينما العالمية والشرق

* تنويه: الأفكار المذكورة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

مقالات ذات صلة